زاوية عربي
رغم أنها أكثر دول العالم تربحا من الموارد الطبيعية، بدأت المملكة العربية السعودية في تغيير نموذجها الاقتصادي في السنوات الأخيرة حيث أدركت الحاجة للتنويع في ظل انتشار استخدام الطاقة المتجددة والتي اتت بها انخفاضات أسعار النفط.
منذ 2012، انخفضت عائدات السعودية من النفط، الذي يمثل 52% من الناتج المحلي الإجمالي، من 126 دولار للبرميل إلى 42 دولار.
وكانت تتراوح نقطة التعادل بين الإيرادات والمصروفات في الموازنة السعودية بين 75 و80 دولار للبرميل. و في تلك الفترة أيضا، تعرض الاقتصاد لضغوط كبيرة بسبب الخلاف السياسي مع قطر وحرب اليمن.
بحلول عام 2018، بدأ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان برنامج للتجديد الاقتصادي حيث أحدث تحول في المملكة من التركيز على النفط والسياحة الدينية إلى الثقافة والتاريخ والترفيه. لكن أزمة فيروس كورونا جاءت -كما يقال- برياح التي عادة لا تشتهيها السفن- وأثرت بشكل كبير على البلاد منذ مارس 2020.
ماذا حدث هذه السنة؟
سارعت وزارة المالية للحد من الضرر الناتج عن الأزمة بضخ 45 مليار دولار أمريكي بين مارس ويونيو من هذا العام لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة والقطاع المصرفي.
وشملت تدابير التقشف تخفيضات قدرها 26.6 مليار دولار من بينها تعليق بدل غلاء المعيشة وزيادة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% ورفع سقف الدين من 30% إلى 50%.
من المتوقع إذا أن يصل عجز الموازنة إلى 9% مقابل توقع بيان الميزانية السعودية الأخير بان يصل إلى 6.4%. وتواجه رؤية المملكة 2030 انخفاض يتراوح بين 8 و9 مليار دولار في ميزانيتها.
ما تداعيات هذه الإجراءات وهل من مزيد؟
سينتج عن التقشف والبطالة - كما هو الحال في العادة- انخفاض حاد في الطلب وسيضطر بعض أصحاب الأعمال لوقف أعمالهم بينما ستنخفض العمالة في بعض الشركات. وتتزايد تكاليف الرعاية الصحية بعد أن ارتفع عدد الإصابات لأكثر من 164 ألف والوفيات إلى 1,346.
ويمكن توفير المزيد من الحوافز للحفاظ على أداء المشروعات الصغيرة والمتوسطة. ولدى القطاع المصرفي أصول تبلغ قيمتها 720 مليار دولار وهو ما يكفي لتخطي الأزمة وإقراض الشركات الصغيرة إذا ما لزم الأمر.
ولا يزال بإمكان الحكومة إجراء المزيد من التخفيضات وزيادة الضرائب على الشركات في المستقبل لاسترجاع ما أنفقته على برامج التحفيز.
الموجة الثانية
في حين أن القرارات المالية الأخيرة تساهم في حماية الاقتصاد من آثار الجائحة، فمن المحتمل أن تكون تكلفة التصدي لموجة ثانية من أزمة الفيروس مأخوذة في الاعتبار.
هناك بالفعل تدابير وقائية استثنائية مثل الأساور الذكية لمتابعة العزل المنزلي وفرض الحجر الصحي على النقد السعودي الوارد من خارج البلاد.
مع العلم ان من وجهة نظري، الإغلاق الكامل للبلاد مرة أخرى ليس خيار للوضع الاقتصادي الهش بالفعل.
التحدي
ولكن التحدي هو كيفية استيعاب الموجة الثانية على المستوى الاقتصادي. لا يزال لدى السعودية احتياطي من النقد الأجنبي يبلغ 448.15 مليار دولار. وتبلغ قيمة صندوق الثروة السيادية 320 مليار دولار.
ويترك وزير المالية السعودي محمد الجدعان المجال مفتوح أمام إمكانية الاقتراض، رغم احتمال ارتفاع كلفته بعد أن خفضت مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني تصنيف السعودية من "مستقر" إلى "سلبي".
إذا تساوت تكلفة الموجة الثانية مع تكلفة الموجة الأولى، فهناك موارد كافية لتغطية التكلفة. ولكن السؤال هنا، هل يتبقى ما يكفي لخطط التنويع والاستدامة؟
ماذا يخبئ المستقبل؟
النظرة المستقبلية مقلقة ومليئة بالمخاطر.
يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.3% هذا العام، أي عكس توقعات المملكة بارتفاعه بنسبة 2.3%. الأزمة الحالية تعني توقف السياحة، وقد يحتاج إنعاشها مجددا من 3 إلى 5 سنوات.
وقد تمر بعض السنوات قبل أن يتحقق عائد من ال8 مليارات دولار التي أنفقها صندوق الثروة السيادية على أسهم الشركات الكبرى مؤخرا، وقد لا يتحقق على الإطلاق.
لابد إذا أن يكون النفط هو المنقذ الوحيد لتعزيز اقتصاد المملكة الآن.
*تم التواصل مع Sandeep عبر موقع WriteCaliber
(وقد قامت بترجمة المقال رنا منير البويطي. رنا مترجمة ومحررة مستقلة منذ عام 2011 وعملت سابقاً مترجمة صحفية بموقع أصوات مصرية التابع لمؤسسة تومسون رويترز وقامت بالمراجعة التحريرية ياسمين صالح، للتواصل: yasmine.saleh@refinitiv.com)
لقراءة مقالات سابقة لنفس الكاتب:
أزمة كورونا تهدد وظيفتك.. كلنا نسأل هذا السؤال، هذه رؤيتي للاجابه
الاستثمار العقاري يحافظ على مركزه وسط أزمة كورونا
© Opinion 2020
المقال يعبر فقط عن عن أراء الكاتب الشخصية
إخلاء المسؤوليّة حول المحتوى المشترك ومحتوى الطرف الثالث:
يتم توفير المقالات لأغراض إعلامية حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي استشارات بخصوص جوانب قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي نصائح أو أراء بشأن ملاءمة أو قيمة أو ربحية استراتيجية أستثمارية معيّنة.