عندما تسلم الرئيس الجديد زمام الأمور في دولته، بدأ يسارع إلى تحسين الأوضاع في بلاده بطرق مختلفة.
كانت أهم تلك الطرق هي خطة استثمارات كبيرة في البنية التحتية للبلاد لتحسين الطرق والكباري والمواصلات العامة ومرافق المياه.
قد يتبادر للذهن أن هذا الرئيس هو رئيس لدولة صغيرة أو دولة نامية تعاني من ضعف مواردها وبالتالي ضعف في البنية التحتية التي هي أساس النمو والازدهار. ولكن قد يفاجأ البعض أن هذه الدولة الصغيرة أو النامية ما هي إلا الولايات المتحدة الأمريكية، أكبر قوة اقتصادية في العالم وأن هذا الرئيس الجديد ما هو إلا جو بايدن، الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية.
ما هي أوجه المقارنة؟
لو نظرنا تاريخياً، بالتحديد 14 رئيس أمريكي قبل بايدن، يمكننا المقارنة بين بايدن وفرانكلين روزفلت (المعروف باسم FDR)، وهو الرئيس الأمريكي الثاني والثلاثين الذي نجح في أربعة انتخابات رئاسية أمريكية قبل أن يتم تحديد عدد فترات الرئاسة لحد أقصى مرتين من خلال التعديل الثاني والعشرين من الدستور الأمريكي.
وهناك عدة أوجه للشبه بينهما مثل أن الإثنين ديمقراطيان. كما أن الإثنين انتهجا سياسات توسعية في بداية فتراتهم الرئاسية وإن كان بايدن لا يزال يحاول تنفيذ سياسته بعد مرور فقط 100 يوم على تنصيبه رئيساً لأقوى دولة في العالم.
بعد أن تولى روزفلت الرئاسة الأمريكية شرع في تنفيذ سلسلة من البرامج لإنقاذ اقتصاد بلاده من تبعات الكساد الكبير (Great Depression) فيما عُرف باسم "الاتفاق الجديد" (New Deal).
شمل هذا "الاتفاق الجديد" مشاريع للأعمال العامة وإصلاح مالي وإجراءات تنظيمية كان لها أثر كبير في خروج الولايات المتحدة الأمريكية من الأزمة التي أحلت بها في أعقاب الكساد الكبير.
على سبيل المثال، تم تأسيس برامج وهيئات فيدرالية عديدة في ذلك الوقت، مثل هيئة الأوراق المالية والبورصات والمؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع وإدارة الضمان الاجتماعي وإدارة الأمن الزراعي وإدارة الأشغال المدنية. بصورة مماثلة، اقترحت إدارة بايدن الإنفاق على البنية التحتية للبلاد بقطاعاتها المختلفة.
ما هي خطة بايدن للبنية التحتية؟
طرح البيت الأبيض خطة (يمكننا أن نسميها مجازاً أيضاً بـ "الاتفاق الجديد" ولكن الخاص ببايدن) بقيمة 2.3 تريليون دولار تقوم باستثمارات كبيرة في البنية التحتية للدولة، إلى جانب سلسلة من الزيادات الضريبية على الشركات. وتم رصد جزء كبير من أموال الخطة لتطوير الطرق والكباري وأجزاء أخرى من البنية التحتية للبلاد. لكنه يوفر أيضاً أجزاء كبيرة من التمويل في مجالات أخرى، مثل رعاية المسنين والمعوقين الأمريكيين. وتشمل مئات المليارات من الاستثمارات في التصنيع وتطوير القوى العاملة والبحث والتطوير.
كيف سيتم تمويل الخطة؟
متزامناً مع الإنفاق الحكومي، اقترح البيت الأبيض عدد من الزيادات الضريبية، بما في ذلك رفع معدل الضريبة على الشركات من 21% إلى 28% وتشديد سلسلة من القواعد الضريبية الدولية.
وقال مسؤولو البيت الأبيض إن الزيادات الضريبية ستغطي تكلفة الحزمة على مدى 15 عام. ولكن في نفس الوقت لا تدعو الخطة إلى زيادات في ضرائب الدخل على الأفراد، على الرغم من أن البيت الأبيض يبحث في زيادة أعلى معدل هامشي لضريبة الدخل ورفع الضرائب على الأرباح الرأسمالية في التشريعات المستقبلية.
أيضاً، لن تكون هناك زيادة في ضريبة الغاز، وهي فكرة كانت تُطرح كوسيلة لتمويل الإنفاق على البنية التحتية، ليست أيضًا في الخطة.
ماذا تعني خطة بايدن؟
تم تحديد ما يقرب من 620 مليار دولار من المقترح لقطاع النقل، مثل الطرق السريعة والسكك الحديدية. كما توفر الخطة 400 مليار دولار لتوصيل الرعاية لكبار السن وذوي الهمم وتوسيع برنامج التأمين الصحي Medicaid لتغطية خدمات الرعاية طويلة الأجل بالإضافة إلى 300 مليار دولار يتم تخصيصها للتصنيع المحلي.
ولكن يبقى سؤال، هل ينجح بايدن في مقارنته بروزفلت أم أن الخلاف بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري سيعوق بل قد يكبل هذه الخطة الطموحة وخصوصاً أنها ستعتمد على زيادات ضريبية لا يفضلها الجمهوريون.
(إعداد: عمرو حسين الألفي، المحلل المالي بزاوية عربي ورئيس قسم البحوث في شركة برايم لتداول الأوراق المالية في مصر وهو حاصل على شهادة المحلل المالي المعتمد "CFA")
(للتواصل: yasmine.saleh@refinitiv.com)
لقراءة مقالات سابق لنفس الكاتب:
عندما يتحدث "القط"، يجب أن يستمع المستثمرون
سجل الآن ليصلك تقريرنا اليومي الذي يتضمن مجموعة من أهم الأخبار لتبدأ بها يومك كل صباح
© Opinion 2021
المقال يعبر فقط عن أراء الكاتب الشخصية
إخلاء المسؤوليّة حول المحتوى المشترك ومحتوى الطرف الثالث:
يتم توفير المقالات لأغراض إعلامية حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي استشارات بخصوص جوانب قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي نصائح أو أراء بشأن ملاءمة أو قيمة أو ربحية استراتيجية استثمارية معيّنة.