PHOTO
خاص لزاوية عربي من فادي قانصو، الأمين العام المساعد ومدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية
شهدت أسواق الأسهم العربية، وتحديداً الخليجية، تحسن نسبي في الأداء في شهر يونيو بعد ثلاثة أشهر متتالية من التراجعات.
وجاء ذلك في ظل التحسن الملموس في نشاط بورصة قطر، سوق أبو ظبي للأوراق المالية وسوق تداول السعودية، مما دفع بمؤشر دول مجلس التعاون الخليجي إلى المنطقة الخضراء، خاصةً خلال النصف الأول من الشهر.
لا شك في أن الطرح العام الثانوي لأسهم أرامكو قد أنعش أسواق الأسهم الخليجية بشكل عام، وحرك المياه الراكدة بعد أربعة أسابيع متتالية من التراجعات في مايو. إذ أن ما جمعه هذا الطرح الثانوي بما مقداره 11.2 مليار دولار جعله أكبر صفقة من نوعها على مستوى العالم خلال السنوات الثلاث الماضية.
ومع ذلك، فقد شهد النصف الثاني من الشهر أداء متباين للسوق في المنطقة، في ضوء عطلة عيد الأضحى وتفاوت البيانات الصادرة على صعيد نسب التضخم العالمية، في مقابل مكاسب على صعيد أسعار النفط المستمرة وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية.
عوامل خارجية
من ناحية أخرى، صوّت البنك الاحتياطي الفيدرالي بالإجماع في يونيو على إبقاء أسعار الفائدة ثابتة للمرة السابعة على التوالي، ليبقي على سعر الفائدة المستهدف لأموال الاحتياطي الفيدرالي دون تغيير عند 5.25% - 5.50%، في حين قام بمراجعة توقعاته لتخفيض أسعار الفائدة إلى خفض واحد فقط في العام 2024 ب 25 نقطة أساس، وسط مزيد من التقدم المتواضع نحو هدف التضخم البالغ 2%.
عليه، سجلت أسواق الأسهم العربية بالمجمل ارتفاع في الأسعار خلال يونيو، مع تباين في الأداء بين مختلف الأسواق العربية، حيث سجلت 7 بورصات من أصل 15 بورصة ارتفاعات في مؤشراتها السعرية.
وبالتالي، سجل مؤشر "ستاندرد آند بورز" العربي المركب، المصمم لتتبع أداء 11 سوق للأسهم، ارتفاع شهري بنسبة 2.4% ليصل إلى 933.9 في نهاية يونيو، وذلك بعد ثلاثة أشهر متتالية من الانخفاضات (-5.6% في مايو، -1.4% في أبريل، و-3.2% في مارس). في حين، سجل مؤشر فوتسي واتحاد أسواق المال العربية للشركات منخفضة انبعاثات الكربون* في المنطقة العربية مراوحة نسبية خلال يونيو الماضي.
في موازاة ذلك، ارتفع مؤشر MSCI لدول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 3.4% خلال الشهر مدفوع بشكل رئيسي بالمكاسب القوية في بورصة قطر وسوق أبوظبي للأوراق المالية، ومدعوم بمكاسب معتدلة في السوق السعودية وسوق دبي المالي.
التفاصيل
السعودية
انتعشت السوق السعودية بعض الشيء في يونيو بعد موجة هبوط خلال الأشهر الثلاثة السابقة، ليسجل مؤشرها الرئيسي TASI زيادة بنسبة 1.5%. فيما لا يزال المؤشر قريب نسبياً من أدنى مستوياته المسجلة منذ بداية العام.
وكان أداء المؤشر مدعوم بارتفاع أسعار النفط وبالإدراج الثانوي لأسهم أرامكو.
وجاء هذا في وقت شهدت فيه السوق السعودية أيضاً خمس عمليات إدراج في السوق السعودية الرئيسية، وهي الشركة السعودية لحلول القوى البشرية، مستشفى الدكتور سليمان عبد القادر فقيه، شركة مياهنا، شركة راسان لتكنولوجيا المعلومات، وشركة مجموعة التيسير تالكو الصناعية.
قطر
أما بورصة قطر والتي كانت الأفضل أداءً في المنطقة العربية خلال يونيو، بعد ثلاثة أشهر متتالية من التراجعات وأربعة أشهر من التراجع منذ بداية العام، فقد سجل مؤشرها الرئيسي ارتفاع بنسبة 6.9%، متجاوزاً عتبة الـ10,000 نقطة.
وواصل مؤشر بورصة قطر تسجيل مكاسبه على مدى 18 جلسة متتالية في يونيو، وذلك في أطول موجة صعود منذ ما يقارب العقدين من الزمن.
وجاء هذا مدعوم بشكل أساسي بتحسن أسعار الغاز الطبيعي الذي عزز المعنويات في السوق، إضافةً إلى بعض العوامل المواتية الخاصة بالشركات المدرجة.
تصدر مؤشر النقل خلال الشهر المكاسب بنسبة 11.8%، تلاه مؤشرا البنوك والخدمات المالية ومؤشر السلع والخدمات الاستهلاكية بمكاسب نسبتها 6.9% و6.6% على التوالي.
ناهيك عن عمليات الشراء المحلية القوية نتيجة الثقة المتزايدة في الاقتصاد القطري، وهو ما تؤكده تصنيفات وكالات الائتمان الدولية، وسط جهود بورصة قطر لتنويع المنتجات وقنوات الاستثمار للمستثمرين.
الإمارات
سجل سوق أبوظبي للأوراق المالية ثاني أفضل أداء شهري في الخليج، بعد بورصة قطر، إذ سجل مؤشره العام خلال شهر يونيو ارتفاع بنسبة 3.0%، في ضوء القفزة في سهم شركة أبوظبي الوطنية للطاقة بنسبة 21%.
كما سجل مؤشر سوق دبي المالي ارتفاع شهري بنسبة 1.3% بعد تراجعات خلال الأشهر الثلاث السابقة، مدعوم بسوق العقارات في دبي الذي سجل مستويات قياسية على صعيد أحجام وقيم المعاملات العقارية في مايو.
الخليج بشكل عام
في هذا السياق، لابد من الإشارة إلى أن الزخم الذي شهدته الأسواق الخليجية بشكل خاص في يونيو لم يستمر خلال الأسبوع الأول من يوليو، إذ عاد التباين إلى أداء أسواق الأسهم العربية ليسجل كل من مؤشر ستاندرد آند بورز العربي المركب ومؤشر MSCI لدول مجلس التعاون الخليجي تراجعات أسبوعية طفيفة بنسبة 0.3% و0.6% على التوالي، مع تراجع مؤشر سوق تداول السعودية بنسبة 0.6%.
لكن مع اقتراب الشركات من الإعلان عن نتائج أعمالها للربع الثاني من العام الحالي، قد تشهد الأسواق العربية وتحديداً الخليجية بعض التحسن في يوليو، إذ يتوقع أن تكون هذه النتائج إيجابية، وأن تساهم في تحفيز أداء السوق، لاسيما وأنه من المتوقع أن يكون أداء قطاع البنوك مدفوع بنمو الإيرادات في ضوء مستويات الفائدة المرتفعة والحركة الاقتصادية الإيجابية في القطاع غير النفطي بشكل عام.
مصر
أما خارج منطقة الخليج، فقد كانت البورصة المصرية ثاني أفضل الأسواق أداء في المنطقة العربية خلال شهر يونيو، حيث سجل مؤشرها الرئيسي ارتفاع شهري بنسبة 3.1%، بعد ارتفاع كبير بنسبة 10.1% في مايو، مدعوم بعمليات شراء قوية للأسهم في العديد من القطاعات في ظل استمرار التفاؤل بشأن الوضع الاقتصادي.
إذ سجلت الشركات الخاصة غير النفطية في مصر نمو في المبيعات لأول مرة منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، حيث ارتفع مؤشر مديري المشتريات إلى 49.9 في يونيو من 49.6 في مايو، متبقي له 0.1 نقطة للصعود لرقم 50 المحايد والفاصل بين تسجيل انكماش ونمو في أداء القطاع الخاص غير النفطي.
وزاد الزخم في مصر مع طرح البورصة خلال يونيو المؤشر المتوافق مع الشريعة الإسلامية EGX33، الذي يضم 33 شركة تلتزم أنشطتها بمبادئ الشريعة وتمثل 16 قطاع. ومن بين شركات المؤشر مجموعة طلعت مصطفى القابضة العقارية، أبو قير للأسمدة، فوري لتكنولوجيا البنوك والمدفوعات الإلكترونية ومصرف أبوظبي الإسلامي مصر.
القيمة السوقية
بلغت القيمة السوقية لأسواق الأسهم العربية 4,181 مليار دولار في نهاية يونيو 2024، أي بانخفاض طفيف بنسبة 0.3% مقارنة بنهاية مايو.
ويرجع هذا بشكل رئيسي إلى انخفاض القيمة السوقية لسوق تداول السعودية بمقدار 48 مليار دولار (أو - 1.8%)، مقابل ارتفاع القيمة السوقية لسوق أبوظبي للأوراق المالية بمقدار 28 مليار دولار (أو + 3.8%).
حجم التداول
في موازاة ذلك، سجلت أسواق الأسهم العربية نشاط تداول ضعيف، حيث اقتصر الأسبوع الثالث من الشهر على يومي عمل في ضوء إجازة عيد الأضحى، في حين أغلقت كل من سوق تداول والبورصة المصرية طوال الأسبوع.
عليه، سجلت قيمة التداول الإجمالية تراجع شهري بنسبة 3.9%، لتصل إلى 70.6 مليار دولار في يونيو، مقارنة ب 73.5 مليار دولار في مايو، في حين بلغ إجمالي حجم التداول 68.5 مليار سهم في يونيو، مقارنة بحوالي 82.5 مليار سهم في مايو، أي بانخفاض شهري نسبته 16.9%.
و بلغ إجمالي عدد الصفقات 11.6 مليون صفقة في شهر يونيو، بانخفاض شهري نسبته 19.5% مقارنة بشهر مايو.
* في أكتوبر 2020، أطلق اتحاد أسواق المال العربية بالتعاون مع مجموعة بورصة لندن مؤشر للشركات منخفضة انبعاثات الكربون في المنطقة العربية. ويتكون المؤشر من 40 سهم متداول في الأسواق العربية لشركات تلبي معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وتستثمر في تخفيض استهلاك الطاقة وبالتالي المساهمة في خفض البصمة الكربونية في المنطقة.
(إعداد: فادي قانصو، الأمين العام المساعد ومدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية، خبير اقتصادي وأستاذ جامعي)
#تحليلسريع
للاشتراك في تقريرنا الأسبوعي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية والسياسية، سجل هنا