عوائد السندات والدولار

خلال الأسبوع المنتهي في 4 أبريل، تراجعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية ومؤشر الدولار الأمريكي، نتيجة المخاوف من حرب تجارية عالمية تأججت مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 2 أبريل عن لائحة الرسوم الجمركية الجديدة المفروضة على معظم الدول حول العالم والتي تراوحت وقتها بين 10% و49%.

هذا فيما تم رفع التعريفة الجمركية المفروضة على الصين من أمريكا بعد رد الصين برفع مقابل، حتى وصلت إلى 125% في 9 أبريل.

عليه، تراجعت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار 23 نقطة أساس بحثاً عن الأمان، في حين تراجع مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة 1% خلال الأسبوع المنتهي في 4 أبريل.

واستمرت عوائد سندات الخزانة الأمريكية في التراجع حتى يوم الاثنين 7 أبريل وإن باعتدال  قبل أن تعاود الارتفاع من عشية 7 أبريل وحتى صباح الأربعاء 9 أبريل بأكثر من 50 نقطة أساس لتصل إلى 4.5%.

وهذا مع بدء تطبيق تعريفات ترامب وذلك في ضوء الانخفاض الكبير في أسعار السندات مع تفاقم مخاوف المستثمرين من التداعيات الاقتصادية للرسوم الجمركية، لتعود وتنخفض من جديد إلى ما دون 4.3% مساء 9 أبريل في أعقاب قرار ترامب تعليق الرسوم الجمركية 90 يوم باستثناء الصين.

أما الدولار الأمريكي فقد شهد انتعاش في 9 أبريل إلى أكثر من 103 نقطة بعدما سجل تراجعات متتالية بين 7 و9 أبريل إلى ما دون 102 في صباح 9 أبريل.

البورصات

في موازاة ذلك، تكبدت أسواق الأسهم العالمية خسائر كبيرة خلال الأسبوع المنتهي في 4 أبريل، حيث طغى اللون الأحمر على شاشات الأسواق بشكل كبير خلال هذا الأسبوع، إذ تراجعت مؤشرات وول ستريت بشكل حاد بين 3 و4 أبريل، بخسائر بلغت نحو 6.6 تريليون دولار خلال اليومين.

ونستعرض سريعا تفاصيل أداء كل بورصة خلال الأسبوع الأول من أبريل:

داو جونز

انخفض المؤشر بأكثر من 2,200 نقطة يوم 4 أبريل، بعد تراجع سابق قدره 1,679 نقطة يوم 3 أبريل، مما يمثل أسوأ أداء له منذ جائحة كورونا، ليتراجع بنسبة 7.9% خلال الأسبوع المنتهي في 4 أبريل.

S&P 500 وناسداك

تراجع كل من مؤشر S&P 500 وناسداك بنسبة 9.1% و10.0% على التوالي خلال الأسبوع المنتهي في 4 أبريل.

نيكاي 225 وMSCI لمنطقة آسيا والمحيط الهادىء

سجل مؤشر نيكاي 225 خسارة بلغت 9% في الأسبوع المنتهي في 4 أبريل، وانخفض مؤشر MSCI لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 4.5% خلال نفس الفترة.

أوروبا

 أما الأسواق الأوروبية فلم تكن بمنأى عن تداعيات الرسوم الجمركية لتسجل معظم مؤشرات البورصات الأوروبية تراجعات حادة خلال نفس الفترة، في نهاية تعاملات الجمعة 4 أبريل.

أغلق مؤشر ستوكس 600 على تراجع بنسبة 5% الجمعة، وبانخفاض نسبته 8.3% مقارنة بالأسبوع السابق، وهي أكبر خسارة أسبوعية هذا العام.

الوضع الحالي

استمرت التراجعات بشكل متفاوت بين 7 و8 أبريل بوتيرة أقل حدة في وول ستريت، في حين شهدت الأسواق الآسيوية والأوروبية هبوط حاد في 7 أبريل قبل أن يعود الانتعاش ويطغى اللون الأخضر في 8 أبريل بعد أعنف هبوط لها في أربعة أيام منذ جائحة كورونا، تبخر فيها 1.7 تريليون دولار من القيمة السوقية لشركات مؤشر الأسهم الأوروبية المرجعي.

وقد جاء هذا التحسن وسط عمليات شراء عند انخفاض الأسعار إلى مستويات متدنية، في حين تعزز التفاؤل في أوساط المستثمرين نوعاً ما بأن الولايات المتحدة قد تبدأ محادثات تؤدي إلى صفقات تخفض الرسوم الجمركية بمرور الوقت.

أما في 9 أبريل، ومع تعليق ترامب للرسوم الجمركية، عاد اللون الأخضر ليطغى من جديد على شاشات وول ستريت التي شهدت قفزات كبيرة في أبرز مؤشرات أسهمها، في أكبر موجة صعود منذ 5 سنوات، لتشعل مرحلة صعود قوية في السوق.

قفز مؤشر S&P 500 بنسبة 9.5%، في أكبر مكاسب يومية له منذ خمس سنوات. كما ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي بـما يعادل 7.9%، في أكبر قفزة له منذ 2020، في حين صعد مؤشر ناسداك المركب بنسبة 12.2%.

أما الأسواق الآسيوية والأوروبية فلم تتماشى بشكل كبير مع هذا التعافي الحاصل في الأسواق الأمريكية، إذ بقيت في دائرة الوهن والترقب الحذر، وهو مسار قد يستمر في الوقت المنظور بعد التقلب الحاد والمرهق الذي شهده السوق في أقل من أسبوع.

النفط

في المقابل، ومع تأجج المخاوف من ركود اقتصادي عالمي في ظل النزاع القائم حول الرسوم الجمركية، تراجعت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها في أكثر من 3 سنوات خلال الأسبوع المنتهي في 4 أبريل، حيث سجل كل من خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط 66.1 دولار و62.3 دولار للبرميل على التوالي، بانخفاضات أسبوعية بلغت 8.9% و9.7%.

وقد جاء هذا التراجع في أسعار النفط بالتوازي مع بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية والتي أظهرت ارتفاع مفاجئ في مخزونات النفط الأمريكية بلغ حوالي 6.2 مليون برميل خلال الأسبوع المنتهي في 4 أبريل، ناهيك عن قرار أوبك+ بزيادة الإنتاج بواقع 411 ألف برميل يومياً في مايو، وهو ما يزيد بمقدار ثلاث مرات عن المتوقع.

وقد استمرت أسعار النفط في التراجع بنحو 2.6% يوم الاثنين 7 أبريل، مسجلةً أدنى مستوى لها منذ أبريل 2021، كذلك يوم الثلاثاء 8 أبريل، حيث بلغت الأسعار أدنى مستوى لها في أربع سنوات، ليقارب سعر برميل خام برنت عتبة الـ60 دولار للبرميل.

وعاودت أسعار النفط انتعاشها في 9 أبريل إلى حدود 66 دولار للبرميل مع انحسار نسبي للمخاوف الركودية بشكل عام، وإن من المتوقع أن تبقى أسعار النفط في خانة الوهن ريثما تنجلي صورة النزاع الجمركي بين الولايات المتحدة والصين.

الذهب

شهدت أسعار الذهب تراجع يوم الجمعة 4 أبريل بنسبة تزيد عن 3%، حيث قام المستثمرون بتصفية الذهب لتغطية خسائرهم الناتجة عن موجة البيع الواسعة في أسواق الأسهم، وهو ما حفز عمليات بيع الذهب.

وأغلقت أسعار الذهب الأسبوع عند 3,056 دولار للأونصة، بانخفاض خلال الأسبوع المنتهي في 4 أبريل بنسبة 2%.

واستمر هذا التراجع يوم الاثنين 7 أبريل إلى ما دون 3,000 دولار للأونصة، قبل أن تتعافى من جديد بين 8 و9 أبريل، لتتجاوز الأونصة عتبة 3,100 دولار، وسط إقبال كبير على الشراء في ظل تصاعد التوترات التجارية بين أمريكا والصين التي واصلت من خلال المركزي الصيني عمليات شراء الذهب للشهر الخامس على التوالي خلال مارس، مع تزايد الطلب على الأصول الآمنة.

وهذا في ظل طلب المركزي الصيني من البنوك الحكومية خفض مشتريات الدولار الأمريكي. عليه، من المتوقع أن تستمر موجة الصعود في أسعار الذهب في المدى المنظور وسط تصاعد التوترات التجارية والاضطرابات الجيوسياسية.

الأسواق العربية

إقليمياً، لم تكن أسواق الأسهم العربية بمنأى عن الأحداث العالمية.

فالأسبوع المنتهي في 4 أبريل لم يتخلله أيام تداول بشكل عام إذ كانت معظم البورصات العربية مغلقة بسبب عطلة عيد الفطر.

غير أن البورصات العربية استهلت الأسبوع المنتهي في 11 أبريل بيوم عصيب وتراجعات حادة، إذ هبط مؤشر S&P العربي المركب بنسبة 5.3% في 6 أبريل، واستمر هذا التراجع في 7 أبريل وإن بوتيرة أخف (-0.5%).

هذا قبل أن تعاود انتعاشها في 8 أبريل مع ارتفاع في مؤشرS&P  العربي المركب بنسبة 1.3% في إطار عملية تصحيح للأسواق تخللتها بعض عمليات الشراء، لتعاود بعدها الدخول من جديد في خانة الوهن في 9 أبريل، وهو مسار كان سائد خلال الأيام الأخيرة.

التوقعات القادمة

من المتوقع أن تستمر حالة من الترقب والحذر في المدى المنظور بين أوساط المستثمرين والمتداولين بعد التقلبات الحادة التي شهدتها الأسواق العالمية بشكل عام.

وستبقى الأنظار على ترامب وقراراته في المرحلة القادمة وما إذا سيحدث أي تغييرات إضافية على صعيد التعريفات الجمركية، مع الإشارة إلى أن حالة من المراوحة والوهن قد تسيطر أيضاً على الأسواق العربية لاسيما في ظل الأحداث العالمية وضبابية المشهد العام من جهة وتزايد التوترات الجيوسياسية في المنطقة من جهة أخرى.

 

(إعداد: فادي قانصو، الأمين العام المساعد ومدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية، خبير اقتصادي وأستاذ جامعي، تحرير: ياسمين صالح، مراجعة قبل النشر: شيماء حفظي)

#تحليلسريع

للاشتراك في تقريرنا الأسبوعي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية والسياسية، سجل هنا