PHOTO
خاص لزاوية عربي من فادي قانصو، الأمين العام المساعد ومدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية
للشهر الثاني على التوالي، شهدت أسواق الأسهم العربية أداء ضعيف خلال نوفمبر، وخاصة في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي التي طغى اللون الأحمر نسبياً على أدائها.
وجاء هذا في ظل تراجع مؤشر سوق تداول السعودية – الأكبر وزنا - وسط انخفاض أسعار النفط خلال الشهر، وتفاقم حدة التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، ناهيك عن تتبعها وهن الأسواق العالمية والناشئة.
وقد ترافق هذا الأداء الضعيف في أسواق الأسهم العالمية والإقليمية مع نمو اقتصادي بلغ 2.8% في الولايات المتحدة خلال الربع الثالث من العام، مدعوم بإنفاق استهلاكي قوي وزيادة في التصدير.
هذا فيما جاء معدل التضخم في أمريكا، أي مؤشر أسعار المستهلكين، لشهر أكتوبر متماشيا مع التوقعات مسجلاً 2.6% من 2.4% في سبتمبر، مع توقعات بأن تستمر هذه الوتيرة خلال نوفمبر.
وأجج هذا المخاوف التضخمية من جديد لاسيما بعد فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية، وهو ما أدى إلى تعزيز الرهانات على أن أسعار الفائدة في الولايات المتحدة من المتوقع أن تبقى مرتفعة إلى حد ما لفترة أطول في الأمد القريب.
أضف إلى ذلك، فقد استمر النمو الاقتصادي الأضعف في الصين بالتأثير على التوقعات بتحفيز الطلب على النفط على المدى القريب، في حين ظل النمو الاقتصادي في منطقة اليورو ضعيف نسبياً، بحسب أحدث البيانات الاقتصادية.
بالأرقام وسريعا: الأسواق العربية بشكل عام
بلغت القيمة السوقية للأسهم العربية 4,263 مليار دولار بنهاية نوفمبر، بارتفاع طفيف نسبته 0.1% مقارنة مع نهاية أكتوبر.
وقد جاء ذلك وسط ارتفاع القيمة السوقية لسوق دبي المالي وسوق أبوظبي للأوراق المالية بمقدار 10.7 مليار دولار و3.9 مليار دولار على التوالي، في مقابل انخفاض بقيمة 13.4 مليار دولار في القيمة السوقية لسوق تداول السعودية وسنشرح التفاصيل والأسباب لاحقا في التقرير.
وبالتوازي مع ذلك، سجلت أسواق الأسهم العربية نشاط تداول متباين نسبياً، حيث أظهرت القيمة المتداولة الإجمالية انخفاض شهري بنسبة 25.5%، إلى 72.4 مليار دولار في نوفمبر.
هذا في حين بلغ إجمالي حجم التداول في نوفمبر 266.5 مليار سهم، بارتفاع نسبته 63.1% على أساس شهري، وذلك على خلفية الارتفاع الملموس في حجم التداول في سوق العراق للأوراق المالية بنسبة 140%، لتستحوذ على ما نسبته 77% من حجم التداول في المنطقة بشكل عام.
هذا فيما بلغ إجمالي عدد الصفقات 13 مليون صفقة في نوفمبر، بانخفاض نسبته 16.5% مقارنة بأكتوبر.
وقد سجلت 8 أسواق من أصل 15 سوق ارتفاعات في مؤشرات أسعارها، مقابل 7 أسواق سجلت انخفاضات طفيفة.
وعليه، سجل مؤشر ستاندرد آند بورز المركب للأسواق العربية، والمصمم لتتبع أداء 11 سوق أسهم، انخفاض طفيف للشهر الثاني على التوالي وسجل انخفاض الشهر نسبة 1.2%، ليصل إلى 963.1 نقطة بنهاية نوفمبر.
الجدير بالذكر أن بورصة مسقط شهدت أكبر انخفاض شهري في المنطقة على خلفية نتائج دون التوقعات في القطاع المصرفي، الأكبر وزنا على الموشر، وذلك بنسبة 3.9% على أساس شهري.
بالتوازي مع ذلك، واصل سوق دبي المالي تفوقه، مسجلاً مكاسب بلغت نسبتها 5.6%، ليكون بذلك أفضل الأسواق أداءً في دول مجلس التعاون الخليجي مدعوما بالزخم المستمر في قطاع العقارات.
تجدر الإشارة إلى أن هذا الأداء الواهن للأسواق العربية قد استمر خلال الأسبوع الأول من ديسمبر، ولكن من المتوقع أن يسجل الشهر بعض التحسن في أداء أسواق الأسهم العربية، لاسيما في ضوء وقف إطلاق النار في لبنان، وإن لا تزال الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة متلبدة نسبياً وغير مستقرة، ما من شأنه أن يرخي بثقله نوعاً ما على نشاط الأسواق بشكل عام.
تداول
شهدت سوق تداول السعودية، التي تمثل قيمتها السوقية 62% من إجمالي القيمة السوقية في المنطقة العربية، تراجع في الأداء خلال نوفمبر، حيث شهدت معظم القطاعات انخفاضات سعرية بعد أن أظهر نشاط التداول قيام المستثمرين المحليين ببيع أسهم في الأسواق الناشئة العالمية، في حين كان المستثمرون الأجانب صافي مشترين.
الجدير بالذكر أن المؤشر القياسي بلغ ذروته عند أعلى إغلاق في بداية الشهر، لكنه عاد واتبع منحى تنازلي خلال بقية الشهر ليغلق على انخفاض شهري بنسبة 3.2%. وهو ما يعزى بشكل كبير إلى انخفاض أسعار النفط والتوترات الجيوسياسية المستمرة في المنطقة بشكل عام.
من ناحية أخرى، شهد نوفمبر إدراج شركة تمكين للموارد البشرية، وهي واحدة من أبرز مقدمي خدمات الموارد البشرية في السعودية، والتي قد أعلنت في منتصف نوفمبر عن الانتهاء بنجاح من فترة طرح المستثمرين الأفراد والتخصيص النهائي للأسهم فيما يتعلق بالطرح العام الأولي، والذي أسفر عن تغطية 138.2 مرة.
دبي
سجل سوق دبي المالي مكاسب شهرية للشهر السادس على التوالي، وأكبر مكسب شهري بين أسواق دول مجلس التعاون الخليجي في نوفمبر، وذلك بنسبة 5.6%، ما دفع بالمكاسب المحققة منذ بداية العام لمؤشر سوق دبي المالي إلى أعلى مستوى في دول مجلس التعاون الخليجي، عند 19.4%.
وجاء هذا الأداء نتيجة نشاط القطاع العقاري وارتفاع مؤشره بنسبة 14.5%، في ضوء ارتفاع في سهمي إعمار وديار للتطوير بنسب 22% و38% على التوالي، ناهيك عن نمو مؤشر قطاع المواد بنسبة 33.9%، مع ارتفاع سهم الشركة الوطنية للأسمنت بنسبة 34%.
وحددت شركة طلبات المالكة لمنصة التوصيل "طلبات" سعر طرحها العام الأولي على بورصة دبي عند أعلى نطاق سعري لها، لتجمع حوالي 2 مليار دولار. هذا فيما رفعت الشركة حجم طرحها من 15% إلى 20% من إجمالي رأسمالها المساهم لاستيعاب الطلب الكبير من المستثمرين.
وقد تم تحديد سعر الطرح النهائي عند 1.60 درهم للسهم، مما يعني قيمة سوقية تبلغ 10.2 مليار دولار عند الإدراج.
وعلى هذا النحو، شهد الطرح العام الأولي اهتمام كبير من جانب المستثمرين الدوليين، الإقليميين والمحليين، مما أدى إلى تجاوز حجم الاكتتاب بشكل كبير. ويمثل هذا أكبر طرح عام أولي في قطاع التكنولوجيا على مستوى العالم في 2024، وأكبر طرح عام أولي في المنطقة هذا العام، كما أنه من بين أكبر 10 اكتتابات عامة أولية على مستوى العالم في العام 2024.
مسقط
كانت بورصة مسقط الأقل أداء في المنطقة العربية خلال نوفمبر، حيث سجل مؤشرها تراجع بنسبة 3.9%، بعد أن سجل نمو بنسبة 0.8% في أكتوبر، لاسيما في ضوء التراجع في مؤشر القطاع المالي بنسبة 2.9%، وذلك نتيجة تراجع سهمي بنك مسقط (-2.3%) والبنك الوطني العماني (-7.3%) على خلفية نتائج أعمال دون التوقعات.
وسجلت مؤشرات جميع القطاعات الثلاثة الموجودة على البورصة، مؤشر القطاع المالي والصناعي والخدمات في السوق تراجعات خلال الشهر، مدفوعة بمؤشر الخدمات الذي تراجع بنسبة 4.6%، تلاه مؤشر الصناعة بانخفاض نسبته 3.8%.
من ناحية أخرى، أطلقت بورصة مسقط دليل حول أفضل ممارسات علاقات المستثمرين لدعم الشركات.
لقطة خاصة
سجل مؤشر سوق دمشق للأوراق المالية الرئيسي ارتفاع شهري بنسبة 16.8% في نوفمبر، إذ أن مؤشر السوق الرئيسي هو مؤشر مرجح بالقيمة السوقية، فهو يتأثر بطبيعة الحال بالشركات ذات القيمة السوقية المرتفعة.
وفي الفترة الأخيرة شهدت السوق إقبال على شراء أسهم هذه الشركات مثل سيريتل للاتصالات والتي قامت بتوزيعات أرباح مؤخرا، ما رفع من حجم المؤشر الرئيسي للسوق بشكل عام.
(إعداد: فادي قانصو، الأمين العام المساعد ومدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية، خبير اقتصادي وأستاذ جامعي، تحرير: ياسمين صالح)
#تحليلسريع
للاشتراك في تقريرنا الأسبوعي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية والسياسية، سجل هنا