PHOTO
لسنوات ظلت دور العرض المصرية في حالة خصام مع الأفلام العربية مثلها كشاشات القنوات التلفزيونية المحلية والتي كانت تخصص فترات بثها للدراما المصرية فقط.
وبسبب هذا حُرم الجمهور المصري من مشاهدة فيلم مثل "الرسالة" للمخرج السوري الراحل مصطفى العقاد إنتاج عام 1976 لأكثر من 30 عام رغم عرضه على الفضائيات العربية خوفا من آراء رجال الدين الإسلامي بسبب تجسيد شخصيات بعض الصحابة ومن بينهم حمزة بن عبد المطلب عم الرسول محمد ولم يتم الإفراج عن الفيلم إلا مع بداية عام 2007.
فيلم غير عادي
وكان عرض فيلم "عمر المختار" الشهير لنفس المخرج في عام 1981 في السينما المصرية حدث غير عادي واحتفى به الجمهور المصري احتفاء كبير لدرجة أن الشوارع كادت تخلو من المارة عند عرضه الأول في التلفزيون المصري منتصف الثمانينات.
وساهم انتشار المحطات الفضائية الخاصة في هذا التغيير. حيث فتحت الفضائيات شاشاتها للأعمال اللبنانية والسورية.
واليوم لا يمر شهر إلا ونجد عمل غير مصري يعرض على القنوات المصرية لدرجة أن شهرة بطلات هذه الأعمال فاقت نجومية وشهرة بعض الممثلات المصريات لدى الجمهور مثل مسلسل "الهيبة" لتيم حسن ونادين نسيب نجيم ومسلسل "عمر" لغسان مسعود وسامر إسماعيل ومسلسل "على مر الأيام" لسلاف فواخرجي وسلسلة الأعمال التي جمعت أيضا نادين نجيم وقصي خولي ووجدت طريقها في العرض على بعض القنوات المصرية مثل "خمسة ونص" و"2020 " وغيرها.
وفي السينما، ساهمت المهرجانات في إزالة الحواجز من أمام دور العرض تجاه الفيلم غير المصري بعدما فازت أفلام عربية عديدة بجوائز سينمائية مهمة من المهرجانات المصرية والعالمية مثلما حدث مؤخرا مع أفلام مثل "الرجل الذي باع جلد ظهره" للمخرجة التونسية كوثر بن هنية والفيلم السوداني "ستموت في العشرين" للمخرج أمجد أبو العلاء والفيلم السعودي "الهامور" والفيلم الإماراتي "خلف الكواليس" مما حمس شركات لتقوم بتوزيع وعرض أفلام عربية في مصر.
وحققت هذه الأفلام نجاح جماهيري وتجاري متوسط، حتى جاءت جوليا!.
"وداعا جوليا"
استطاع الفيلم السوداني "وداعا جوليا" تحقيق المعادلة الصعبة والتفوق على الأفلام المصرية في عقر دارها ووصل إلى المراكز الأولى في شباك التذاكر.
فمنذ اليوم الأول لعرضه وشاشات العرض ترفع شعار كامل العدد. فيما أعلنت عدد من دور السينما إضافة مواعيد عرض جديدة للفيلم في سابقة تعد هي الأولى ليرد الفيلم بذلك الاعتبار للأفلام العربية غير المصرية.
بدأ الفيلم عروضه في مصر بـ 12 دار عرض وسرعان ما ارتفعت لتصبح 19 دار ثم وصلت إلى 33 دار عرض مؤخرا.
أحداث غزة
رغم الظروف الصعبة التي تواجهها دور العرض في الأسابيع الأخيرة نتيجة الحرب الدائرة في غزة إلا أن الفيلم يواصل مشوار إيراداته بدرجة جيدة ويحتفظ لنفسه بالمركز الثاني في شباك تذاكر الأفلام غير المصرية بعد فيلم "ذا مارفيلز" الأمريكي الذي يحتل المركز الأول في الترتيب.
في سباق الإيرادات نجح الفيلم في تحقيق مليون جنيه ( 32 ألف دولار ) في أسبوع عرضه الأول. ومع بداية عرض أسبوعه الرابع تجاوزت الإيرادات الضعف لتصل إلى 2.5 مليون جنيه. وهي إيرادات لم تصل إليها بعض الأفلام المصرية تعرض إلى جانب الفيلم حاليا.
حالة الاحتفاء غير المسبوقة في مصر سبقتها 11 جائزة حققها "وداعا جوليا" من مهرجانات دولية كانت آخرها ترشيحه للفوز بجائزة جولدن جلوب لعام 2024 كأفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية والتي ستعلن قائمة الأفلام المرشحة لها خلال أيام .
تدور أحداث "وداعا جوليا" في الخرطوم قبيل انفصال الجنوب حيث تتسبب "منى" المرأة الشمالية التي تعيش مع زوجها "أكرم" في مقتل رجل جنوبي ثم تُعين زوجته "جوليا" التي تبحث عنه كخادمة في منزلها وتقدم لها المساعدة للتطهر من الإحساس بالذنب.
الفيلم من إخراج وتأليف محمد كردفاني الحائز على العديد من الجوائز، وبطولة الممثلة المسرحية والمغنية إيمان يوسف وعارضة الأزياء الشهيرة وملكة جمال جنوب السودان السابقة سيران رياك ويشارك في بطولة الفيلم نزار جمعة وقير دويني الذي اختارته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين سفير للنوايا الحسنة عن منطقة شرق إفريقيا والقرن الإفريقي.
والفيلم من إنتاج المخرج السوداني الشهير أمجد أبو العلاء الذي مثل السودان في ترشيحات الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي عام 2020 لأول مرة في التاريخ بفيلم "ستموت في العشرين"، كما يشاركه في الإنتاج محمد العمدة من خلال شركة الإنتاج السودانية ستيشن فيلمز.
يعيش الفيلم السوداني بصفة عامة في الأعوام الثلاثة الأخيرة - بعد إزاحة نظام عمر البشير - أزهى أيامه بفضل جيل من المواهب السينمائية نجحت في تخطي العقبات وخرجت به إلى آفاق أوسع وحققت العديد من الجوائز في مهرجانات عالمية كبرى مثل فينيسيا وبرلين وكان ووصلت إلى الترشح للأوسكار والجولدن جلوب.
(إعداد: أحمد النجار، عضو الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما )
(للتواصل zawya.arabic@lseg.com)