• محمد بن حميد القاسمي: البيانات حكاية التاريخ ولغة المستقبل ومهندسة الثورة الصناعية المقبلة
  • انتصار الوهيبية: التغيير الحقيقي هو في التحول في عمليات التنمية إلى التركيز على الإنسان
  • ستيفان شاينفيست: البيانات توسعت من مفهوم النظام الإحصائي الوطني إلى نظام المعلومات الوطني
  •  نبال إدلبي: احتياجات المجتمعات لم تعد كما كانت والتنمية تعتمد على عوامل بشرية واقتصادية واجتماعية وتقنية

الشارقة، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وبحضور الشيخ محمد بن سعود القاسمي، رئيس دائرة المالية المركزية بالشارقة، انطلقت اليوم (الأربعاء) أعمال الدورة الأولى من المنتدى الإقليمي للبيانات والتنمية المجتمعية، الذي تنظمه دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية يومي 9-10 أكتوبر في مركز الجواهر للمناسبات والمؤتمرات تحت شعار "معايير تصنع التغيير"، بحضور ومشاركة أكثر من 100 مسؤول حكومي وخبير من داخل الإمارات والوطن العربي والعالم.

البيانات لغة المستقبل ومهندسة الثورة الصناعية المقبلة

وفي كلمته الافتتاحية للمنتدى، أكد الشيخ محمد بن حميد القاسمي، رئيس دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية أن البيانات ليست مجرد أرقام جامدة، أو إحصائيات معقدة، بل هي الرواية الحقيقية والأكثر دقة التي تعكس احتياجات المجتمعات، واصفاً إياها بأنها حكاية التاريخ ولغة المستقبل، ومهندسة الثورة الصناعية المقبلة.

وقال القاسمي: "لا تقتصر آثار البيانات على القطاعات الاقتصادية والخدمية فقط، بل هي عامل حيوي في تنشيط الثقافة وترسيخ القيم النبيلة؛ إذ تسهم في سد الفجوات الاجتماعية وتعزيز العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، ووضع البرامج المناسبة لمكافحة الفقر والبطالة وتطوير الثروة البشرية. لهذه الأسباب وأكثر، تنظم الشارقة هذا المنتدى للإشارة إلى أن جميع الموارد، بما في ذلك البيانات، يجب أن تستخدم لتحقيق طموحات المجتمعات وتحسين حياتها، خاصة وأن دول المنطقة وضعت خططاً طموحة لبناء مستقبل أبنائها، وهذا يوضح أهمية هذا المنتدى ونتائجه لتحقيق المصالح المشتركة".

 واختتم رئيس دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية كلمته بالقول: "منذ بدأت حديثي معكم حتى هذه اللحظة، أنتج العالم من البيانات ما يكفي لتغيير سياسات وقرارات ومخططات، وتصويب مسارات كاملة، فلنكن سباقين في استثمار هذه الثروة لما فيه مصلحة مجتمعاتنا ومجتمعات العالم أجمع".

أكثر الوسائل اعتمادية وموثوقية

بدورها، أكدت سعادة انتصار عبد الله الوهيبية، المدير العام للمركز الإحصائي لدول مجلس التعاون الخليجي، أنه في خضم عالم متغير، أصبحت البيانات من أكثر الوسائل اعتمادية وموثوقية لدى متخذي القرار، لتحقيق الأهداف المنشودة، والحلول الممكنة التي تساهم في تنمية المجتمعات. مشددة على أن التغيير الحقيقي هو في التحول في عمليات التنمية إلى التركيز على الإنسان الذي يوازن بين التطور الاقتصادي والنمو الاجتماعي. 

وأضافت: "نؤمن بأن البيانات ليست مجرد أرقام وحقائق، بل هي مرآة عاكسة لحاجات وتطلعات المجتمعات. ومن هذا المنطلق، يعمل المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون الخليجي، جاهداً على تطوير منظومات معلوماتية جديدة تتجاوز التقليدية، وتشمل مؤشرات مهمة مثل جودة الحياة، والتنمية المستدامة والرفاهية الاجتماعية، بهدف تقديم صورة أكثر شمولية وشفافية لمتابعة جهود التقدم، ودعم عملية صنع القرار، وتحفيز الابتكار، وذلك بما يتماشى مع طبيعة متغيرات القرن الحادي والعشرين، وإننا نؤمن بأن الاستثمار في البيانات هو استثمار في مستقبل أفضل لأجيالنا القادمة".

نظام بيئي وطني للبيانات

من جهته، تحدث سعادة ستيفان شاينفيست، مدير شعبة الإحصاءات في الأمم المتحدة، مؤكداً أن المناقشات العالمية في قطاع البيانات توسعت من مفهوم النظام الإحصائي الوطني إلى نظام المعلومات الوطني، وحتى إلى نظام بيئي وطني للبيانات. وهذا يؤكد ضرورة العمل مع الشركاء واستخدام مصادر البيانات المبتكرة، مثل البيانات الضخمة والمعلومات الجغرافية المكانية، لإنشاء البنية الأساسية المناسبة للمعلومات لدعم صنع السياسات القائمة على الأدلة.

وحول أهمية المنتدى، قال شاينفيست: "هذا المنتدى قيم للغاية، لأنه يجمع بين أصحاب المصلحة المختلفين من المنظمات الدولية والكيانات غير الحكومية والدول والقطاعات المتنوعة، مما يمكننا من تبادل الخبرات والتعلم من بعضنا البعض وتطوير شعور مشترك بالهدف الذي نعمل من أجل تحقيقه".

وأضاف: "نعمل بجد لدعم مجال التنمية المجتمعية، من خلال بيانات أفضل لاتخاذ القرارات المحلية. بالتعاون مع لجنة الأمم المتحدة للإحصاء، نعمل على تطوير إطار للإحصاءات الاجتماعية، وتعزيز استخدام مصادر البيانات المبتكرة مثل البيانات الجغرافية والبيانات الضخمة، وإنشاء إطار للبيانات التي يبلغ عنها المواطنون".

التنمية لم تعد عملية روتينية

 وفي إطار الكلمات الرئيسية التي شهدها حفل افتتاح المنتدى، قالت سعادة نبال إدلبي، مديرة قسم الابتكار في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) التابعة للأمم المتحدة، "تسعى الإسكوا جاهدة لدعم الدول الأعضاء في المنطقة العربية من خلال توفير الأدوات والمنهجيات الحديثة التي تمكنها من الاستفادة القصوى من البيانات في صناعة القرار، وتسعى إلى بناء مجتمعات معلوماتية متقدمة من خلال تنظيم الفعاليات والورش التدريبية التي تعزز قدرات الكوادر الوطنية في هذا المجال. كما تحفز الإسكوا الابتكار في القطاعين العام والخاص لتسخير التكنولوجيات الحديثة مثل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة".

وأضافت: "يأتي المنتدى في وقت أصبحت البيانات عناصر حيوية في تحقيق التنمية المستدامة، فالاحتياجات المتزايدة للمجتمعات لم تعد كما كانت في الماضي، ولم تعد عملية التنمية عملية روتينية تعتمد فقط على عملية الإنتاج، بل تعتمد على عوامل بشرية واقتصادية واجتماعية وتقنية، وقد شهد العالم مع التطورات التكنولوجية تغيرات متسارعة في مختلف القطاعات، بما يفرض علينا اليوم التنبؤ باستخدامها لرصد التغيرات بكافة اتجاهاتها".

التوازن بين العالم الافتراضي والعالم الحقيقي

واختُتم حفل الافتتاح بعرض قدمته الإعلامية عبير الوكيل، حيث سلطت الضوء على أهمية البيانات في بناء مجتمعاتنا الحديثة. وقدمت الوكيل عرضاً تفاعلياً مع روبوت ذكاء اصطناعي، كشفت من خلاله عن أن الغالبية العظمى من مستخدمي الهواتف الذكية يتفاعلون يومياً مع تقنيات الذكاء الاصطناعي. وأثارت الوكيل تساؤلات حول كيفية الاستفادة المثلى من ثورة البيانات الضخمة، مؤكدةً على ضرورة الحفاظ على العلاقات الإنسانية في ظل هذا التطور التكنولوجي المتسارع. كما دعت إلى ضرورة التوازن بين العالم الافتراضي والعالم الحقيقي، مشددةً على أهمية الدعم والتواصل بين الأفراد في بناء مجتمعات قوية ومتماسكة.

ويستضيف المنتدى مسؤولين حكوميين وقادة فكر واقتصاد، وخبراء في البيانات والإحصاء والتنمية من الإمارات والعالم، ويقدم 60 فعالية متنوعة، من خطابات ملهمة وجلسات حوارية وورش عمل متخصصة، بهدف استكشاف أحدث التطورات في مجال البيانات وسبل توظيفها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

ويستهدف المنتدى في دورته الأولى 6 قطاعات تشكل البيانات محوراً رئيساً في تطويرها، حيث يستكشف كيفية استخدام البيانات لتحسين الرعاية الصحية، كما يركز على دور البيانات في تطوير التعليم، ويناقش استخدام البيانات لتعزيز البنية التحتية، إلى جانب تسليطه الضوء على دور البيانات في ممارسات الاستدامة، وفي قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، يستعرض المنتدى أحدث التطورات في هذا المجال وتأثيره على تحليل البيانات. مع تقديم رؤى قيمة في قطاع ريادة الأعمال حول كيفية استغلال البيانات لتطوير منتجات وخدمات جديدة، وتعزيز القدرة التنافسية للشركات الناشئة.

ويحظى المنتدى الإقليمي للبيانات والتنمية المجتمعية بمجموعة من الشراكات الاستراتيجية مع مؤسسات دولية مرموقة، وتشمل لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) والمركز الإحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مما يعكس أهمية هذا الحدث على المستوى الإقليمي والدولي.

-انتهى-

#بياناتحكومية