الدوحة : قادت دراسة رائدة أجراها باحثون في وايل كورنيل للطب - قطر إلى رؤى حاسمة حول الديناميكيات المتغيرة للمناعة ضد إعادة الإصابة بكوفيد-19. تسلط النتائج الضوء على تحول استراتيجية تطور الفيروس، حيث انتقل من التركيز على زيادة قابلية الانتقال في فترة ما قبل أوميكرون إلى تعزيز قدرة الفيروس على التهرب المناعي خلال فترة أوميكرون.

تم نشر الدراسة في مجلة Nature، وتم تنفيذها من خلال شراكة بحثية تعاونية تضم ست مؤسسات في قطر. قدمت الدراسة تحليلات وبائية على مستوى السكان لأكثر من 1.5 مليون شخص، وغطت فترة امتدت لأربع سنوات من الجائحة. كشفت النتائج أنه قبل ظهور أوميكرون، وفرت المناعة الطبيعية حماية مستدامة وقوية ضد إعادة العدوى، مع فعالية تقدر بحوالي 80%. ولكن بالنسبة لأولئك الذين أصيبوا بعد ظهور متحور أوميكرون، استمرت هذه الحماية قوية فقط لدى الأشخاص المصابين حديثاً دون غيرهم، ولكنها سرعان ما تضاءلت إلى مستويات منخفضة في غضون عام. كانت هذه الاتجاهات متسقة سواء تم اعتبار إعادة الإصابة كأي إصابة أو اقتصرت على الحالات المصحوبة بأعراض، وتمت ملاحظتها في كل من السكان الملقحين وغير الملقحين على حدّ سواء.

وتشير نتائج الدراسة إلى أن ظهور المتحوّر أوميكرون كان بمثابة نقطة تحوّل في مسار الجائحة. فقبل ظهور المتحوّر المذكور، تطوّر الفيروس عبر تعزيز قابليته للانتقال، وظلت نسبة كبيرة من السكان غير مصابة به بسبب تدخلات الصحة العامة الواسعة النطاق. وشهدت هذه المرحلة ظهور متحوّرات أكثر قابلية للانتقال، ومن أمثلة ذلك المتحوّران ألفا ودلتا. في المقابل، تميّزت مرحلة المتحوّر أوميكرون بمناعة واسعة النطاق تشكّلت من الإصابة السابقة بالعدوى وأيضاً بفضل التطعيمات السابقة، الأمر الذي جعل الفيروس يطوّر آليات للتهرب من هذه المناعة. وقاد هذا التحوّل إلى ظهور متحوّرات شديدة التنوع جينياً، ومنها المتحوّران XBB وJN.1.

وقالت الدكتورة هيام الشميطلي، الباحثة الأولى في الدراسة وأستاذ مساعد في علوم الصحة السكانية في وايل كورنيل للطب - قطر: "إن هذا التطور المستمر وقدرة الفيروس على التهرب المناعي يجعل تحقيق مناعة طويلة الأمد على مستوى السكان ضد الفيروس تحديًا كبيرًا. تؤدي المناعة قصيرة الأمد إلى موجات متكررة من الإصابات، مما يعكس الأنماط المعروفة لفيروسات البرد العادية والإنفلونزا. هذا الفيروس باقٍ وسيستمر في إصابتنا، تمامًا مثل غيره من فيروسات البرد الشائعة. لذا، فإن تحديث اللقاحات بانتظام أمر بالغ الأهمية لتجديد المناعة وحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر، خاصة كبار السن والأشخاص الذين يعانون من حالات صحية مزمنة."

وأضاف الدكتور ليث أبو رداد، المؤلف الرئيس للدراسة وأستاذ علوم الصحة السكانية في وايل كورنيل للطب - قطر: "أظهر الفيروس قدرة تكيفية مذهلة سمحت له بالبقاء في التجمعات البشرية والتسبب في إصابات متكررة. ولحسن الحظ، فإن هذه الإصابات المتكررة تكون دائمًا تقريبًا خفيفة أو غير مصحوبة بأعراض. تظهر دراستنا أن المناعة الطبيعية توفر حماية قوية ودائمة ضد حالات كوفيد-19 الشديدة في كل من فترتي ما قبل أوميكرون وما بعد أوميكرون، مع إشارات ضئيلة جدًا على التراجع. التطور السريع للفيروس كان له تأثير ضئيل على هذه الحماية. وبينما سيظل الفيروس جزءًا من حياتنا، فإنه لن يشكل نفس التهديد الشديد الذي كان عليه عند ظهوره لأول مرة."

أُجريت الدراسة بعنوان "الحماية التفاضلية ضد إعادة الإصابة بفيروس سارس كوفيد-2 قبل المتحوّر أوميكرون وبعده"، بتمويل من برنامج بحوث الطب الحيوي في وايل كورنيل للطب - قطر. وتضم المجموعة الوطنية لدراسة وبائيات كوفيد-19 التي أعدت هذه الدراسة، بالإضافة إلى وايل كورنيل للطب – قطر، كلًا من مؤسسة حمد الطبية، ووزارة الصحة العامة، ومؤسسة الرعاية الصحية الأولية، وجامعة قطر، وسدرة للطب.

نبذة عن وايل كورنيل للطب - قطر

تأسست وايل كورنيل للطب - قطر من خلال شراكة قائمة بين جامعة كورنيل ومؤسسة قطر، وتقدم برنامجاً تعليمياً متكاملاً مدته ست سنوات يحصل من بعدها الطالب على شهادة دكتور من جامعة كورنيل. يتمّ التدريس من قبل هيئة تدريسية تابعة لجامعة كورنيل ومن بينهم أطباء معتمدين من قبل كورنيل في كل من مؤسسة حمد الطبية، سدرة للطب، مؤسسة الرعاية الصحية، ومستشفى سبيتار لجراحة العظام والطب الرياضي. تسعى وايل كورنيل للطب - قطر إلى بناء الأسس المتينة والمستدامة في بحوث الطب الحيوي وذلك من خلال البحوث التي تقوم بها على صعيد العلوم الأساسية والبحوث الإكلينيكية. كذلك تسعى إلى تأمين أرفع مستوى من التعليم الطبي لطلابها، بهدف تحسين وتعزيز مستوى الرعاية الصحية للأجيال المقبلة وتقديم أرقى خدمات الرعاية الصحية للمواطنين للقطريين وللمقيمين في قطر على حدّ سواء.

http://qatar-weill.cornell.edu/

-انتهى-

#بياناتشركات