02 11 2016
خطت دولة الإمارات العربية المتحدة بخطى ثابتة لتقرير أنظمة حوكمة الشركات التجارية من خلال إصدار العديد من التشريعات لتنظيمها فى الدولة لجعلها متوافقة مع أفضل المعايير العالمية من خلال تحديد مسؤوليات وواجبات مدراء الشركات وأعضاء مجالس الإدارة والإدارة التنفيذية لما لها من أثر كبير ليس على مصالح المستثمرين والمساهمين والعاملين والدائنين والعملاء والموردين وغيرها من الأطراف ذات العلاقة فحسب وإنما على إقتصادها أيضا.
إن مصدر وأساس هذه المسؤولية إما يكون عقدي (وفقاً لعقد الإدارة / العمل أو التوكيل) أو قانوني وفقاً للتشريعات المختلفة فى الدولة التي تنظم هذه المسؤولية (سواء كانت محلية أو إتحادية) مثل قانون المعاملات المدنية، وقانون المعاملات التجارية، وقانون الشركات التجارية، وقانون العقوبات والقرارات الصادرة عن هيئة الأوراق المالية والسلع ("الهيئة") و وزارة الإقتصاد ("الوزارة")، وتنقسم تلك المسؤولية إلى مسؤولية مدنية بوجه عام ومسؤولية جنائية في الحالات التي تشكل المخالفة فيها جريمة طبقا لقانون الشركات التجارية أو غيره من التشريعات.
تتحقق المسؤولية المدنية إذا أخل المدير أو أعضاء مجلس الإدارة بإلتزاماتهم المقررة فى أي من التشريعات أو النظام الأساسي للشركة أو عقد تأسيسها أو قرارات الجمعية العمومية أو بتجاوزهم صلاحياتهم المقرر فيها أو فى عقود عملهم أو تفويضاتهم، والتي ينظمها بشكل رئيسي قانون المعاملات المدنية وقانون الشركات التجارية ويترتب على أي إخلال بهذه الإلتزامات المسؤولية المدنية عن الأخطاء في الإدارة قبل الشركة أو أحد المساهمين / الشركاء أو حتى الغير.
بسبب طبيعته التنظيمية الخاصة وأهدافه، كان لقانون الشركات التجارية النصيب الأكبر في تحديد وتنظيم هذه المسؤوليات والإلتزامات، والذي يتعين على كل الأطراف المعنية الإلمام بها بشكل كبير من أجل تجنب الوقوع في أية مخالفات أو مساءلات قانونية، وتصنف هذه الإلتزامات والمسؤوليات إلى عامة (تسري على جميع الشركات التجارية) وخاصة وفقا لطبيعة الشركة أو شكلها القانوني.
المسؤوليات والإلتزامات العامة والملقاه على عاتق مدراء الشركات ذات المسؤولية المحدودة والمساهمة، تشمل دون الحصر، التالي:
1) الإلتزام بكافة التشريعات وأحكام عقد التأسيس والنظام الأساسي للشركة أوعقد العمل وتنفيذ قرارات الجمعية العمومية؛
2) قيد عقود الشركات وكافة تعديلاتها بالسجل التجاري؛
3) المحافظة على حقوق الشركة وبذل عناية الشخص الحريص والتصرف بما يتفق مع غرضها والصلاحيات الممنوحة لهم وتجنب أعمال الغش؛
4) عدم تولي الإدارة فى أية شركة أخرى منافسة أو ذات أغراض مماثلة أو الإشتراك فى أي عمل منافس؛
5) إعداد الميزانية السنوية وحساب الأرباح والخسائر والتقرير سنوي عن نشاط الشركة ووضعها المالي وتدقيقها من قبل مدقق حساباتها قبل عرضها على الجمعية العمومية وتقديم الإقتراحات بشأن توزيع الأرباح وتقديم نسخة عنها أو عن محاضر إجتماعات الجمعية العمومية أو دفاترها ووثائقها أو أي مستندات أو وثائق تتعلق بصفقة قامت الشركة بإبرامها مع أحد الأطراف ذات العلاقة إذا ما طلب ذلك أحد الشركاء أو المساهمين؛
6) توجيه الدعوة للجمعية العمومية مرة واحدة على الأقل في السنة المالية وفقا لأحكام القانون؛
7) قيد حل الشركة، بالسجل التجاري ونشر ذلك فى صحيفتين محليتين وإخطار السلطة المختصة (حسب الإختصاص) بقرارات عزل مدقق الحسابات وبأسبابه وإطلاع المفتشين على كل ما يطلبونه من دفاتر ومحاضر إجتماعات وسجلات للشركة ووثائقها وأوراقها.
بالإضافة إلى ذلك، لقد خص المشرع المدراء في بعض الشركات بإلتزامات ومسؤوليات خاصة وفقا لطبيعة كل شركة وشكلها القانوني، حيث أن المدراء في الشركات ذات المسؤولية المحدودة يتعين عليهم ربط إسمها بعبارة شركة ذات مسؤولية محدودة وأختصاراً بــ ذ.م.م وإلا إعتبروا مسؤولين بأموالهم الخاصة وبالتضامن عن إلتزاماتها كما عليهم الإحتفاظ بسجل خاص للشركاء فيها يشمل كافة بياناتهم والمعاملات التي تجري على الحصص فيها.
أما أعضاء مجالس إدارة الشركات المساهمة، فقد خصهم المشرع بالعديد من الإلتزامات وهي تشمل (بالإضافة إلى ما تم ذكره أعلاه) ما يلي:
1) الإجتماع على الأقل 4 مرات خلال السنة؛
2) إخطار الهيئة أو الوزارة (حسب الإختصاص) إذا إشترت الشركة أصول بقيمة تزيد على 20 % من رأس مالها قبل إعتماد الجمعية العمومية لحسابات السنة المالية الأولى وبقرارات إنتخاب رئيس مجلس الإدارة ونائبه وأية أعضاء منتدبين؛
3) التصريح للهيئة أو للوزارة (حسب الإختصاص) كتابة بقبول الترشيح لعضوية المجلس وعن أي عمل يقومون به بشكل منافس للشركة؛
4) إذا كانت هناك مصلحة مشتركة متعارضه فى أية عملية تعرض على المجلس لإقرارها فإنه يتعين على العضو أن يبلغ المجلس بذلك وأن يثبت إقراره فى محضر الجلسة ولكن دون التصويت على القرار الخاص بهذه العملية والذي يغفل عنه الكثير من الأعضاء ويترتب عليه جواز تقدم الشركة أو أي من مساهميها للمحكمة لإبطال العقد أو إلزام العضو المخالف بأداء أي ربح أو منفعة تحققت له من التعاقد ورده للشركة؛ و
5) عدم إستغلال أية معلومات حصلوا عليها بحكم وظيفتهم فى تحقيق أي مصلحة لهم أو لغيرهم ولا يجوز للشركة عقد أية صفقات معهم إلا بموافقة المجلس أو الجمعية العمومية وفق ضوابط محدده.
وللتأكيد على الإلتزام بالمسؤوليات الملقاه على عاتقهم، وضع المشرع العديد من العقوبات تتراوح بين الحبس والغرامة لكل من يخل بهذه المسؤوليات. كما أنه هناك العديد من الغرامات التي قد تقع على الشركة بسبب مخالفة مجلس الإدارة أو المدير للعديد من التشريعات كقانون الشركات أو النظام الأساسي أو عقد تأسيس الشركة والتي يجوز للشركة خصم تلك الغرامات من مكافآتهم أو مطالبتهم بها وأية إعفاء من هذه المسؤوليات يكون باطلا.
وعليه، فإن إخلالهم بمسؤولياتهم أو مخالفتهم للتشريعات أو لنصوص عقد التأسيس أو النظام الأساسي للشركة يجعلهم مسؤولين عن أخطائهم الشخصية أو أية أعمال تنطوي على الغش أو التدليس أو الخطأ الجسيم اتجاه الشركة والشركاء/ المساهمين والغير، وقد تكون الشركة مسؤولة في بعض الحالات (حالات الأفعال غير المشروعة) بدورها عن أفعالهم وتصرفاتهم (ولكن دون الإجحاف بحق الشركة بالرجوع عليهم للتعويض عن الأضرار) طبقا لقواعد المسؤولية عن الفعل الضار ومسؤولية الشركة عن تصرفاتهم لا تقوم إلا إذا كانت تلك التصرفات مشفوعة ببيان الصفة التي يتعاملون بها مع الغير وفي حدود نشاطها، أما إذا كانت تلك التصرفات لا تقتضيها أغراض الشركة أو كانت متجاوزة لحدود أختصاصاتهم أو سلطاتهم، فإن الشركة لا تسأل عن تلك التصرفات قبل الغير.
إن مسؤوليات وأعباء المدراء العموم والتنفيذيين وأعضاء مجالس إدارة الشركات كثيرة وعديدة، لذلك يتعين على كافة المدراء العموم وأعضاء مجالس الإدارة الإلمام بها بشكل كامل وكاف لتجنب مخالفتها والتي قد تؤدي إلى التعرض للمساءلة القانونية سواء كانت مدنية أم جزائية.
للإستفسارات يمكن التواصل من خلال البريد الإلكتروني mojahed@galadarilaw.com
© Opinion 2016