25 09 2016
بسبب زيادة جودة الصناعة الوطنية ويقظة وزارة الاقتصاد
أكد المستشار الدكتور عماد الجمل المحكم الدولي في قضايا المنازعات التجارية الخاصة بقطاع مواد البناء عضو اللجنة الفنية الاستشارية العليا لجمعية المقاولين تراجع دعاوى الإغراق في قطاع مواد البناء في الدولة بصفة خاصة والقطاعات الصناعية بصفة عامة خلال العامين الماضي والحالي.
وذكر أن السبب في ذلك يرجع إلى جودة وكفاءة الصناعات الوطنية مشيراً إلى أن الحكومة الاتحادية وعدداً من الحكومات المحلية ضخت استثمارات ضخمة في قطاع الصناعة لإنشاء صناعات متطورة ذات إنتاجية عالية وبكفاءة وجودة متميزة.
وخص الدكتور عماد الجمل حكومة أبوظبي مشيراً إلى أنها تتوسع في شركات «صناعات» التي تعد أكبر مجمع للاستثمار الصناعي في الدولة بحيث تغطي منتجات شركاتها كافة الصناعات الرئيسية في الدولة.
وأوضح أن قطاع مواد البناء وخاصة حديد التسليح شهد إغراقاً كبيراً خلال السنوات الماضية وخاصة خلال الفترة من 2008 إلى 2014 حيث تواجدت في السوق كميات ضخمة من الحديد الصيني والكوري والأوكراني والتركي إلا أن العامين الجاري والماضي سجلا تراجعاً ملحوظاً في حالات الإغراق، واتجه السوق للمنافسة الحقيقية بين ثلاثة أنواع من الحديد وهي الإماراتي والتركي والقطري، والفروق السعرية بينها حالياً تتراوح من 50 - 80 درهماً للطن الواحد.
وكشف أن قطاع المواد الغذائية هو الأكثر إغراقاً في الوقت الراهن مطالباً بضرورة مضاعفة عدد الشركات الوطنية المتخصصة في قطاع الأغذية باعتباره واحداً من أهم القطاعات التي يتزايد الطلب على سلعها.
يقظة
وأشار إلى أن العامين الماضيين شهدا يقظة كبيرة من قبل الجهات الحكومية وخاصة من وزارة الاقتصاد تجاه قضايا الإغراق لافتاً إلى أن الوزارة تحقق حالياً في أية شكاوى خاصة بالإغراق، وتتخذ الإجراءات الكفيلة بحلها لأصحاب المصانع والشركات الوطنية، مشيراً إلى أنه لا يتم السماح حالياً بدخول أية مواد للبناء إلا بناء على مواصفات ومقاييس عديدة وتم تطبيقها بصرامة وخاصة في حديد التسليح والأسمنت، وهذا لا ينفي دخول كميات مخالفة لكن نسبتها محدودة ويجب الإبلاغ عنها فوراً.
وأكد أن وزارة الاقتصاد يتوافر لديها حالياً خبرة كبيرة في قضايا الإغراق مؤكداً ضرورة التحقق من ثلاثة أركان مهمة لتحقيق الإغراق أولها إجراء الوزارة لتحقيقات دقيقة تثبت وجود إغراق من منتج معين، وثانيها أن تثبت التحقيقات وقوع ضرر مادي على الصناعة المحلية التي تنتج منتجاً مثيلاً لذلك المنتج المغرق، وثالثها أن يكون وقوع ذلك الضرر بسبب وجود ذلك الإغراق، أي ألا يكون الضرر قد وقع بسبب عوامل أخرى (وهو ما يسمى بعلاقة السببية).
ولفت إلى أن أكثر مظاهر إغراق السوق يتمثل في رغبة التجار في بيع سلعة بأسعار منخفضة جداً للتخلص منها، أو بيع سلعة بأسعار رخيصة يكون السوق بحاجة ماسة لها بما يؤدي إلى سيطرة هذه السلعة على السوق.
ونوه إلى أنه قاد لجنة تحكيم دولية في صفقة بأبوظبي بقيمة ملياري درهم، وتبين من خلال التحقيقات وجود كميات كبيرة من الحديد دخلت الدولة من دون فواتير شراء وبمصدر شبه مجهول، وقد تواصلت اللجنة مع وزارات الخارجية والاقتصاد والداخلية والمالية والمصرف المركزي ولم يتم إثبات شراء هذه الكميات من كوريا الجنوبية.
قوانين عالمية
وأوضح أن قوانين منظمة التجارة العالمية واتفاقية الجات والاتفاقيات المماثلة أعطت للدول الحق في حماية صناعتها الوطنية لافتاً إلى أن الولايات المتحدة الأميركية وبلدان أوروبا فرضت رسوماً جمركيةً مرتفعةً على الحديد الصيني خلال الفترة الماضية بعد أن غزا السوق الأميركي والأوروبي بكميات ضخمة جداً أثرت سلباً في المنتج الأميركي، كما اتخذت أميركا سابقاً هذا الإجراء مع الحديد الياباني، وغالبية دول العالم اليوم تشكو من الكميات الضخمة من الحديد والألمنيوم الصيني وهي في الغالب منتجات ليست ذات كفاءة عالية.
إجراءات
وشدد على أنه يحق لدولة الإمارات اتخاذ إجراءات لحماية صناعتها الوطنية تجاه المنتجات الأجنبية التي تغرق أسواقها بكميات ضخمة لافتاً إلى وجود ثلاثة إجراءات مهمة الأول هو فرض رسوم جمركية على السلع الواردة بما يؤدي إلى اقتراب سعرها من سعر المنتج الوطني، والإجراء الثاني هو وضع سياسات لتحديد أسعار السلع الواردة وذلك بعد إطلاع الجهات المعنية في الدولة على فواتير شراء هذه السلع من بلدانها الأصلية والتدقيق بصورة كبيرة على هذه الفواتير لأن نسبة لا يستهان بها تكون غير حقيقية «مضروبة»، أما الإجراء الثالث فهو تحديد كميات السلع المستوردة والمماثلة للمنتج الوطني بما لا يؤدي إلى إغراق السوق من المنتج المستورد.
وأكد أن الصناعات الوطنية في الإمارات تواجه تحديات عديدة تدفعها إلى رفع أسعار منتجاتها مشيراً إلى أن أبرز تلك التحديات ارتفاع سعر المواد الخام حيث تستقطب غالبية الشركات الوطنية موادها الخام من الخارج وبأسعار مرتفعة مثلما يحدث مع شركتي الإمارات العالمية للألمنيوم وحديد الإمارات، وفي الغالب تستوردها من أسواق بعيدة عنها بمسافات كبيرة مما يزيد من تكلفة النقل، كما أن تكلفة استقدام وإقامة القوى العاملة مرتفعة فضلاً عن ارتفاع أسعار الطاقة والإيجارات التجارية والسكنية، عكس البضائع الواردة وخاصة من الصين التي يتم إنتاجها من مواد خام منخفضة الأسعار بشكل كبير وبأيد عاملة تتقاضى رواتب قليلة جداً، وبالتالي فالغلبة تكون للمنتج المستورد صاحب السعر الأقل والجودة الأقل أيضاً.
© البيان 2016