PHOTO
25 09 2018
على مدار تاريخها الذي يتجاوز مئات السنين، تشهد المسافة الفاصلة بين مكة المكرمة ومشاعرها المقدسة من جهة والمدينة المنورة والحرم النبوي الشريف من الجهة الأخرى، خطا حديديا على أعلى المستويات التقنية والخدمية يربط بينهما، مقربا المسافات وموفرا الجهد على كل قاصد للحرمين الشريفين.ويرعى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز اليوم حفل تدشين قطار الحرمين السريع، وفق ما أعلنه الدكتور نبيل العامودي وزير النقل، رافعا بهذه المناسبة شكره إلى خادم الحرمين الشريفين على رعاية حفل التدشين امتدادا لرعايته ودعمه غير المحدود للمشاريع الوطنية الرائدة كافة.
وقال: إن هذه الرعاية الكريمة تأتي امتدادا لما يوليه خادم الحرمين الشريفين من اهتمام وعناية كبيرين بمشاريع النقل في وطننا الغالي، كما يمثل ترجمة حية لجهود المملكة ودورها الإسلامي الفاعل في خدمة الحرمين الشريفين وزائريهما من الحجاج والمعتمرين، فضلاً عن حرص المملكة الراسخ على خدمة ضيوف الرحمن، واعتبارهم أولوية يتشرف بخدمتهم كل مواطن سعودي ولا يتوانى عن تقديم ما ييسر أداء مناسكهم.
وأوضح العامودي أن خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يوجهان دوما بتقديم أفضل الخدمات وأعلاها جودة للحجاج والمعتمرين والزوار بما يتوافق مع "رؤية المملكة 2030" التي من بين أهم أهدافها مضاعفة أعداد الزوار والمعتمرين والحجاج، لتواصل المملكة أداء مسؤوليتها التي نفاخر بها جميعا تجاه الحرمين الشريفين، ولتؤكد مكانتها الراسخة لدى الأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها.
وقال وزير النقل، في تصريح بمناسبة انطلاق التشغيل الرسمي لقطار الحرمين السريع، إن المملكة منذ أن أنعم الله على مؤسس هذا الكيان العظيم الملك عبدالعزيز بالإشراف على الحج عام 1344، تتشرف وتفخر بخدمة ضيوف الرحمن.
وأضاف: دأبت توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد على توجيهنا بخطط عمل شاملة للمنتمين لصناعة النقل في المملكة، فرضت علينا مضاعفة الجهود ومسابقة الزمن لنحقق أقصى ما يمكن لراحة الحجاج والمعتمرين وسلامتهم.
وأضاف: إن التوجيه الكريم بمضاعفة الجهود لاستيعاب أكبر عدد من الحجاج والمعتمرين، وفق "رؤية الوطن الطموحة 2030"، كان السبب في إنجاز هذا المشروع الإسلامي الضخم، مشيرا إلى أن انطلاق تشغيله للمواطن والمقيم سيكون في الرابع من أكتوبر 2018.
وأوضح العامودي أن قطار الحرمين يمثل الفكرة التي رعى غرسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، لحين أثمرت هذا الإنجاز، حيث حرص على إنجازها وتسهيل كل الصعوبات التي تعترضها، حتى بدت لنا اليوم عنصرا أساسياً في تدعيم البنية المهيئة لاستيعاب النمو المطرد في عدد زوار وقاصدي الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، اللتين تعدان نقطة البدء والختام، ومساندا خدميا نحو المناطق المحيطة بهما.
من جانبه، أكد الدكتور رميح الرميح رئيس هيئة النقل العام، حرص الهيئة عبر إشرافها على مشروع قطار الحرمين السريع، على أن تكون كفاءة التشغيل في المشروع والمرافق التابعة له ضمن أعلى المستويات الجديرة بالثقة، وبما يليق باسم ومكانة المملكة، وبالجودة التي نفخر جميعا أن يلمسها الحاج والمعتمر والزائر للمدينتين المقدستين، وكذلك محطات التنقّل بينهما.
وعبر عن فخر الجميع بتأهيل الكوادر الوطنية بالتعاون الناجح مع عدد من الشركاء، لنشاهدهم اليوم قادرين على إدارة وتشغيل هذا المشروع في جانب قيادة قطار الحرمين السريع وتشغيله وصيانته.
وقال الرميح: "رغم التحديات الفنية واختلاف التضاريس أثناء إنجاز هذا المشروع الضخم التي تنوعت بين مناطق جبلية، وأراض ساحلية، وأخرى سبخة, فإن مشروع قطار الحرمين السريع يعد أحد الأذرع الاقتصادية والتنموية التي وضعت خدمة الحجاج والمعتمرين في طليعة أهدافها، بما يحقق لهم أقصى أبعاد الراحة والطمأنينة".
ولفت إلى أن إجمالي مسارات الخط بلغت 450 كيلومترا من السكك الحديدية الكهربائية، ويمر القطار بخمس محطات في مكة المكرمة، جدة، مطار الملك عبدالعزيز الدولي، مدينة الملك عبدالله الاقتصادية والمدينة المنورة، حيث تسير عربات القطار الـ35 في الاتجاهين بسرعة تتجاوز 300 كيلومترا في الساعة، بسعة أكثر من 160 ألف مسافر يوميا، وقرابة 60 مليون راكب سنويا.
وأشار رئيس هيئة النقل إلى أن مشروع قطار الحرمين السريع سيسهم في تقليص رحلة السفر البري المعتادة عبر السيارات التي تمتد لأكثر من أربع ساعات إلى ساعتين تقريبا، وبكثافة في النقل العددي تراعي أكثر المواسم زخما كالحج والعمرة، وتسير الرحلات في الاتجاهين بـ35 قطارا، وعبر أكثر من 460 عربة، وتحيط بالمحطات والمشروع خدمات شاملة ومرافق مساندة صحية وأمنية ومهابط للطائرات، تكفل أعلى مستويات الكفاءة وبما يضمن الجودة في تقديم خدمة النقل الأكبر في الشرق الأوسط، عبر طاقم كبير من المختصين والفنيين والمشرفين على هذا المشروع الوطني العملاق.
يذكر أن مشروع قطار الحرمين، هو الأسرع والأكبر في المنطقة، وتعود ملكية بنيته التحتية إلى الشركة السعودية للخطوط الحديدية "سار"، كما تتشارك معها المؤسسة العامة للخطوط الحديدية SRO كجهة حكومية مختصة في هذه الصناعة منذ 67 عامًا، وقد أسهم في تنفيذه تحالف من كبريات الشركات العالمية والمحلية المختصة التي نقلت أحدث التقنيات في القطارات الكهربائية عالية السرعة.
وبين الرميح أن تنفيذ هذا المشروع العملاق تم على ثلاث مراحل، أولها مرحلة الأعمال المدنية والأرضية وخلالها تم إنشاء 138 جسرا، و850 عبارة، مع إزاحة 150 مليون متر مكعب من الرمال والصخور لتمهيد المسار مشيرا إلى أنه قام بتنفيذ هذه المرحلة تحالف من الشركات الوطنية والدولية.
أما المرحلة الثانية فكانت لإنشاء أربع محطات في كل من مكة المكرمة، جدة، مدينة الملك عبدالله الاقتصادية والمدينة المنورة، وجاء ذلك من خلال شركات محلية وعالمية، وحرصت إدارة المشروع على تصميم المحطات بطابع معماري فريد مستلهم من الطراز المعماري الإسلامي، فيما تم إنشاء محطة القطار بمطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة لتكون ضمن مشروع المطار، بينما اختصت المرحلة الثالثة ببناء الخط الحديدي، وتوريد أنظمة الإشارات والتحكم والتذاكر والاتصالات، وتصنيع القطارات، والتشغيل والصيانة لمدة 12 عاماً وذلك من خلال تحالف إسباني مختص في القطارات السريعة.
ولفت إلى أنه لتأمين الكهرباء اللازمة لتشغيل المشروع تم إنشاء ست محطات تغذية كهربائية على طول المسار، بما يوفر الطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل القطارات بأعلى سرعة، مفيدا بأن الطاقة الاستيعابية لقطار الحرمين تبلغ 60 مليون مسافر سنويًا، من خلال أسطول قوامه 35 قطارا، وسعة كل قطار 417 مقعدًا، مجهزة بأحدث وسائل الراحة والتقنيات التي من شأنها أن تيسر على المسافر رحلته، وتعزز ثقته في النقل السككي العالي السرعة بوجه عام.
وسيشهد حفل التدشين عدد من الأمراء والوزراء والعلماء وكوكبة من المسؤولين المحليين والدوليين، وطيف واسع من الشخصيات الإسلامية وصناع القرار وكبار المستثمرين وممثلي الشركات المنفذة لمشروع قطار الحرمين، إيذانا بانطلاق القطار وبدء تشغيله رسميا.
© الاقتصادية 2018