PHOTO
لم تمض سوى أيام قليلة على فتح باب الانتقالات الصيفية لموسم كرة القدم 2023-2024، إلا أن البداية أتت مشتعلة أكثر من المواسم الماضية، وربما أكثر بكثير مما توقعت الجماهير. هذا الاشتعال كان مصدره الأكبر منطقة الخليج العربي، وبالتحديد الدوري السعودي للمحترفين.
بداية "تأثير الفراشة" كانت في يناير الماضي، حين أعلن نادي النصر السعودي عن ضم الأسطورة البرتغالي كريستيانو رونالدو في صفقة انتقال حر بعدما فسخ اللاعب تعاقده مع ناديه مانشستر يونايتد الإنجليزي قبلها بأسابيع. وقتها ثار جدل كبير حول قيمة الصفقة التي وصلت إلى 500 مليون يورو في موسمين ونصف مدة التعاقد، بواقع 200 مليون يورو في الموسم الواحد. لكن الجدل الأكبر كان حول ما إذا كانت هذه الصفقة استثنائية، أم أنها مجرد البداية.
بمرور الوقت اتجهت الأنظار أكثر نحو المملكة لمتابعة "دوري روشن"، الاسم الذي يطلق على دوري المحترفين السعودي لأسباب تتعلق برعاية شركة التطوير العقاري التي تحمل هذا المسمى، والتابعة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي (الصندوق السيادي للمملكة) للبطولة.
وتأكد الجميع أن صفقة كريستيانو رونالدو لن تكون الأخيرة، وإنما هي أول ضربة في حركة الدومينو التي سيمتد تأثيرها لأسواق كرة القدم في كل أنحاء العالم.
نقل الملكية
في يونيو الماضي، أعلن وزير الرياضة السعودي، الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل، نقل ملكية أندية الاتحاد والأهلي والنصر والهلال لصندوق الاستثمارات العامة السعودي بنسبة 75%، وتحويل الأندية الأربعة إلى شركات، ليحل صندوق الاستثمارات العامة محل وزارة الرياضة السعودية التي كانت تمتلك الأندية بالكامل. على أن تمتلك الجمعيات العمومية للأندية نسبة الـ 25% المتبقية.
إعلان وزير الرياضة السعودي أتى على خلفية إطلاق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مشروع الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية، الذي يعد جزء من رؤية المملكة 2030 في المسار الرياضي، والذي يهدف للوصول بالدوري السعودي إلى قائمة أفضل 10 دوريات على مستوى العالم، وزيادة إيرادات رابطة الأندية السعودية من 450 مليون ريال سنويا إلى 1.8 مليار ريال سنويا، ورفع القيمة السوقية للدوري السعودي للمحترفين من 3 مليار ريال إلى 8 مليار ريال، وذلك حسبما ذكر تقرير وكالة الأنباء السعودية (واس).
اختيار الأندية الأربعة (الهلال والنصر والاتحاد والأهلي) التي استحوذ عليها صندوق الاستثمارات العامة جاء كونها الأكثر شعبية سواء في الرياض أو جدة، مع السماح تباعا لأندية أخرى بالخصخصة في الربع الأخير من عام 2023 طبقا للخطة المعلنة.
وعلى الفور، ظهرت نتائج هذا القرار قبل حتى الفتح الرسمي لباب الانتقالات في سوق كرة القدم السعودية، والذي بدأ في الأول من يوليو الجاري. وفي الأيام الأولى فقط لهذا السوق، أبرمت الأندية الأربعة التي استحوذ عليها صندوق الاستثمارات ثماني صفقات كبرى، والبقية تأتي.
وقد أتت
نادي النصر، الذي بدأ عملية استقطاب النجوم في يناير الماضي بضم كريستيانو رونالدو كان من نصيبه حتى الآن صفقة الكرواتي مارسيلو بروزوفيتش، الذي انتقل له قادما من انتر ميلان الإيطالي مقابل 18 مليون يورو.
غريم النصر في العاصمة الرياض، نادي الهلال ضم حتى الآن صفقتين من الدوري الإنجليزي الممتاز، هما السنغالي كاليدو كوليبالي مدافع تشيلسي مقابل 23 مليون يورو، ولاعب الوسط البرتغالي روبن نيفيز من فريق وولفرهامبتون واندررز مقابل 55 مليون يورو. الهلال كان يرغب في التعاقد مع أسطورة الأرجنتين وبطل العالم ليونيل ميسي لكن الأخير فضل الانتقال للولايات المتحدة الأمريكية وتحديدا لفريق انتر ميامي.
وفي جدة، تعاقد بطل الدوري الموسم الماضي فريق الاتحاد حتى الآن مع ثلاثة لاعبين، كان أولهم وأبرزهم قائد ريال مدريد والمنتخب الفرنسي كريم بنزيما، الذي انضم للاتحاد في صفقة انتقال حر بعد انتهاء عقده مع العملاق الإسباني. وتقدر قيمة راتب بنزيما السنوي بحسب تقارير صحفية إسبانية وفرنسية بما قيمته 100 مليون يورو سنويا ولمدة موسمين.
الاتحاد ضم أيضا الفرنسي نجولو كانتي من تشيلسي الإنجليزي في صفقة انتقال حر بعدما انتهى عقد بطل كأس العالم 2018 مع فرنسا بناديه تشيلسي. وضم الاتحاد كذلك المهاجم البرتغالي جواو بيدرو "جوتا" من فريق سلتيك الأسكتلندي مقابل 29 مليون يورو.
أما النادي الأهلي والذي صعد مرة أخرى في الموسم الجديد إلى دوري المحترفين بعدما قضى موسم في دوري القسم الثاني، فضم إلى صفوفه حتى الآن حارس المرمى السنغالي إدوارد ميندي قادما من تشيلسي الإنجليزي مقابل 18.5 مليون يورو. وضم الأهلي أيضا المهاجم البرازيلي روبرتو فيرمينو في صفقة انتقال حر بعد نهاية تعاقده مع ليفربول الإنجليزي بنهاية الموسم الماضي.
الصفقات الضخمة لم تتوقف عند اللاعبين، بل امتدت للمدربين حيث استقطب فريق الاتفاق الأسطورة ستيفن جيرارد ليتولى مهمة تدريبه في الموسم المقبل. جيرارد كان القائد التاريخي لنادي ليفربول الإنجليزي، وعمل كمدرب لكل من رينجرز الأسكتلندي وأستون فيلا الإنجليزي، قبل أن يوافق على عرض الاتفاق لتدريبه ليصبح أول الأسماء الضخمة من المدربين التي تلتحق بالصفقات الكبرى للاعبين في الدوري السعودي.
موسم الانتقالات في المملكة العربية السعودية مستمر حتى 20 سبتمبر المقبل، ومن المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة العديد من الصفقات الكبرى حيث ما زالت الأندية السعودية تسعى لاستقطاب أبرز النجوم. وربما يكون الاسم التالي مألوف حيث يسعى الأهلي لضم السنغالي ساديو ماني من بايرن ميونيخ الألماني في الأيام المقبلة.
حجر الدومينو الأول أسقطه كريستيانو رونالدو في أول العام، ويبدو أن سلسلة الأحجار مستمرة، على أقل تقدير حتى 20 سبتمبر المقبل. فمن سيكون الحجر القادم؟
(إعداد: عادل كُريّم، المنسق الإعلامي السابق للاتحاد الإفريقي لكرة القدم)
( للتواصل zawya.arabic@lseg.com)