من ليزا بارينجتون
بيروت 20 يوليو تموز (رويترز) - قال حاكم مصرف لبنان المركزي إنه سيتأكد من التزام البنوك المحلية بقانون يستهدف المصادر المالية لحزب الله وذلك بعد أسابيع من هجوم بقنبلة استهدف بنكا لبنانيا كبيرا بعد أن شرع في إغلاق حسابات مرتبطة بالحزب.
وقال رياض سلامة لرويترز إنه يجب تفعيل القانون الأمريكي من أجل إبقاء البنوك اللبنانية في إطار النظام المالي العالمي وتحقيق الاستقرار للاقتصاد المثقل بالديون في الوقت الذي يتضرر فيه النمو وقطاع السياحة من الحرب الدائرة في سوريا.
أضاف "بالطبع هذا (القانون) خلق الكثير من التوتر في البلاد والتوتر ليس جيدا للبنان لكننا بشكل عام احتفظنا بأهدافنا."
والقانون الذي سن في ديسمبر كانون الأول ينذر بحجب أي بنك يتعامل مع حزب الله من السوق الأمريكية إذ تصنف الولايات المتحدة الحزب كمنظمة إرهابية. وقد أوجد ذلك خلافا بين البنك المركزي وحزب الله الذي يرى أنه انتهاك للسيادة.
وأكد سلامة ووزارة الخزانة الأمريكية مرارا على أن قانون مكافحة تمويل حزب الله لم يوضع للإضرار باقتصاد لبنان أو لمنع المنتمين إلى الطائفة الشيعية في لبنان من حق استخدام الخدمات المصرفية.
ويحظى حزب الله الذي لعب مقاتلوه دورا كبيرا في إرغام إسرائيل على الانسحاب من جنوب لبنان عام 2000 بدعم قوي بين الشيعة في لبنان. ومن بين أعضاء الحزب وزراء ونواب بالبرلمان ومستشارون.
ولم يكشف سلامة عن عدد الحسابات المصرفية التي أغلقت حتى الآن أو عدد من يخضعون للتحقيقات.
وقال سلامة "هذه العملية تحظى باحترام البنوك وهناك لجنة للتحقيقات الخاصة تنظر في كل طلب لإغلاق حسابات يصفونها بأنها تخالف القانون."
ومع وصول الدين الحكومي إلى 136.7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2015 - محتلا المرتبة الثالثة بين البلدان الحاصلة على تصنيف وكالة فيتش - فإن الثقة في مصرف لبنان المركزي ذات أهمية كبيرة إذ ينظر إليه على أنه من المؤسسات القليلة الفاعلة في البلاد.
وتولى سلامة منصبه في عام 1993 بما يضعه حاليا في الترتيب الثاني بين محافظي البنوك المركزية في العالم من حيث مدة شغله للمنصب بعد محافظ بنك أوزبكستان المركزي.
وقال "القطاع المصرفي في لبنان هو حجر الزاوية للاستقرار في البلاد... لبنان يجري تمويله من خلال القطاع المصرفي فقط."
تكلفة الحرب
تتعرض المرونة الاقتصادية التقليدية للبنان إلى ضغط متزايد جراء عدم الاستقرار في المنطقة وعبء اللاجئين الضخم.
ويتوقع سلامة أن يدور النمو بين 1.5 واثنين بالمئة في 2016 بما يتماشى مع توقعات البنك الدولي لنمو نسبته 1.8 بالمئة لكن بما يقل كثيرا عن معدلات النمو التي جرى تسجيلها في السنوات السابقة لعام 2011 والتي دارت بين ثمانية وتسعة بالمئة.
كما أن الشلل السياسي الذي أبقى منصب رئيس البلاد شاغرا لأكثر من عامين يختبر الثقة في البلاد ويحد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وانخفضت الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تعد موردا هاما للعملة الصعبة إلى نحو خمسة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2015 مقارنة مع 12.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2009 بحسب بيانات مصرف لبنان المركزي والبنك الدولي.
وقال سلامة "الوجود السوري... فيما يتعلق بالنازحين خلق تكلفة على لبنان تنعكس في الاقتصاد... كما خلق استثمارا واستهلاكا أقل... لأن الكثير من مواطني الخليج لم يعودوا يأتون للتسوق في بيروت أو لشراء عقارات في لبنان بسبب الحرب الدائرة في سوريا."
وخفضت فيتش تصنيف لبنان الائتماني إلى B- من B الأسبوع الماضي مستندة إلى المخاطر السياسية والأثر الكبير للحرب الدائرة في سوريا على الجانبين السياسي والاقتصادي في لبنان. وكانت آخر مرة يحصل فيها لبنان على تصنيف B- في 2006 إبان الصراع بين إسرائيل وحزب الله.
وأدى التأزم السياسي الذي تسبب في خلو منصب الرئيس أيضا إلى تعطل قوانين تسمح بالتنقيب عن النفط والغاز - وهو نشاط من الممكن أن يجلب إيرادات تساعد في تقليص عجز الموازنة - أو الشراكات بين القطاعين العام والخاص والتي تهدف إلى إنعاش الخدمات العامة.
وقال سلامة "لبنان بحاجة لتنظيم تحركاته (بشأن الإصلاحات)... الوقت الذي نهدره مكلف."
أضاف أن البنك المركزي سيظل يحقق الاستقرار للاقتصاد حتى تصبح الحكومة أكثر فاعلية وتقر الموازنة وتعالج العجز الهيكلي "مهما طال الزمن".
وأضاف "السيناريو الآخر ليس جيدا للبنان ومكلف أكثر من التكلفة التي نتحملها كمصرف مركزي للحفاظ على ثقة الأسواق."
وتابع أن الثقة في البنك المركزي مازالت مرتفعة وأنها تؤكد أن لبنان بإمكانه الاستمرار في تمويل نفسه.
وقال سلامة "يمكنك أن تستشف ذلك من الاستقرار الذي نشهده في أسعار الفائدة التي يتم فرضها على الديون اللبنانية والتي تقل كثيرا عن أسعار الفائدة المقابلة في دول أخرى بالعالم تحظى بالتصنيف ذاته.
"أعتقد أن هذه الثقة مصونة. لم نر ضفوطا لتغيير الليرة اللبنانية بعملات أجنبية. نتوقع هذا العام نموا في الإيداعات (المصرفية) بنحو خمسة بالمئة."
أضاف "بالطبع كنا سنصبح أسعد إذا لم تكن هناك... هذه القوانين التي تخلق توترا في سوقنا."
(إعداد إسلام يحيى للنشرة العربية - تحرير أحمد إلهامي)