PHOTO
02 05 2017
تواجه صناعة المنتجات البتروكيماوية في البُلدان الخليجية عامًا عصيبًا مليء بالتحديات، مع احتمالية اتخاذ المزيد من إجراءات إعادة الهيكلة تجاوبًا مع احتدام المنافسة في الأسواق العالمية، وتحديدًا الولايات المتحدة وآسيا، وفقًا لما صرّح به عبد الوهاب السعدون، الأمين العام للاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات (جيبكا) في مقابلة مع موقع «زاوية» أوائل الشهر الفائت في أبو ظبي.
"أرى أن السعودية ستحتل مركز الصدارة في مشوار الخصخصة وتوحيد الجهود في المنطقة لسبب واحد بسيط: فبخلاف دول الخليج الأخرى، خضع قطاع البتروكيماويات لتحريره منذ منتصف التسعينيات، وعلى هذا، فثمة العديد من الشركات المملوكة كليًا للقطاع الخاص والمُدرجة في سوق الأوراق المالية والتي قد تكون بمثابة الثمار الدانية لهذه الجهود".
"أما بالنسبة لبلدان الخليج الأخرى، فإن كافة الشركات الأساسية في هذا القطاع مملوكة كليًا من قِبل الحكومات، والتي قد تدفعها إلى توحيد خطط عملها في هذه الدول، غير أنني في ريبٍ من أن تتحقق عملية توحيد خطط العمل لهذه الشركات ليتجاوز هذا التنسيق حدود مختلف الدول على المدى القصير".
هذا وقد حصد قطاع البتروكيماويات في بلدان الخليج ما يربو على 108 مليار دولار من منتجات هذا القطاع سنويًا، بل ويرجع الفضل لهذا القطاع في توفير نحو نصف مليون فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة في المنطقة. وقد تم تحديد قطاع البتروكيماويات على أنه ركن حيوي في عملية التنوّع الاقتصادي وتوفير فرص العمل.
وفي تعقيبه على مُجريات الأمور التي شهدها الاقتصاد العالمي، أشار السعدون إلى أنه نظرًا لأن قطاع البتروكيماويات الخليجي مُوجَّه للتصدير ويتم شحن ما نسبته 80 بالمئة من إنتاجه لمختلف الدول عبر البحار، أصبحتْ الشركات الخليجية المُنتجة في هذا القطاع عُرضةً لتقلبات سوق التجارة العالمية؛ لافتًا إلى تباطؤ النمو الاقتصادي الذي شهدته الصين مؤخرًا.
مُضيفًا، "أصبحت الصين، والتي تُعد أكبر الدول المُنتجة والمُستهلكة لمنتجات قطاع البتروكيماويات في طريقها لتحقيق الاكتفاء الذاتي من منتجات هذا القطاع؛ حيث نجحت في تطوير تقنيات لتحويل الفحم إلى مواد خام أولية لمنتجات البتروكيماويات الأساسية".
هذا وقد عقَّب السعدون على أن الانفراجة التي تمتّعت بها الشركات الأمريكية المنتجة للبتروكيماويات، إثر الثورة التي أحدثها الغاز الصخري، أدت هي الأخرى إلى تغيير ملامح القطاع عالميًا ما جعلتْ المنافسة أكثراحتدامًا أمام الشركات المُنتجة في منطقة دول الخليج.
"وحاليًا، فإننا لسنا المنتجون الوحيدون الذين نتمتع بوفرة في المواد الخام والتي يتم عرضها في الأسواق العالمية نظير أسعار مواتية تنافسية. فقد ساهم انخفاض أسعار النفط في تحقيق الشركات الأخرى المُنتجة للبتروكيماويات في كل من آسيا وأوروبا والتي تستفيد من وقود النافتا، أحد مشتقات تكرير النفط، ميزة تنافسية لصالحهم في مقابل الشركات المُنتجة في بلدان دول الخليج".
الاتجاه نحو إعادة الهيكلة
وبالمُضي قُدمًا في أنشطة توحيد الجهود والخصخصة، فقد شهد قطاع المنتجات الكيميائية في دول الخليج والقطاعات الأخرى ذات الصلة نقلة كبيرة في هذا الصدد.
مُشيرًا إلى أننا "شهدنا بعض صفقات الاندماج، بل ونتوقع المزيد من الصفقات التي يجري النظر في إتمامها. وهذه الخطوات على المسار الصحيح لتشكيل الثقل اللازم والقدر الضروري من التوازن، ذلك لأنه يتعذر على صغار الشركات الاستمرار في مثل هذه البيئة الشديدة التنافسية العام القادم".
من جانبها، نجحتْ الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، إحدى أكبر مجموعات إنتاج البتروكيماويات عالميًا، العام الماضي في دمج وحدات إنتاج المواد الكيميائية والبوليمرات للمساعدة في مواجهة انخفاض المؤشرات الاقتصادية للأسواق.
وذكر السعدون، "قد تتجه دول الخليج إلى خصخصة جزء من الشركات المملوكة للحكومة، ولن تكون هناك غرابة إذا ما رأينا بعض العروض العامة الأولية لشركات البتروكيماويات في السلطنة على سبيل المثال".
ففي السلطنة، تعكف الحكومة على التخطيط لخصخصة الأصول العامة لابتكار مصادر إضافية للإيرادات، علمًا بأن شركة النفط العُمانية للمصافي والصناعات البترولية (أوربك) من بين تلك الشركات المطروحة للخصخصة.
يُذكر أن الكويت أزالتْ هي الأخرى الستار عن خطط لبيع حصص الشركات العاملة في قطاع الشحن والمنتجات الكيميائية والتابعة لمؤسسة البترول الكويتية المنتجة للنفط المملوكة للدولة رغبةً في زيادة مستويات الكفاءة والفعالية الصناعية، إلى جانب الاستفادة من تمويلات الأسواق العالمية.
وحذَّر السعدون من أن التشريعات والقوانين المعمول بها في منطقة الخليج ليست بالقدر الكافي من التطوير للمساعدة في تعزيز مثل هذه الخطوات كما ينبغي.
منوهًا إلى أنه "باتتْ هناك حاجة لتنقيح الإطار القانوني لصفقات الاندماج ومراجعتها لحماية مصالح هذه الشركات في الكيانات الجديدة التي خضعت للاندماج".
"فعلى سبيل المثال، ومنذ بضعة أعوام كانت هناك حالة لدمج شركتين من شركات القطاع الخاص في السعودية في كيان واحد: الشركة السعودية العالمية للبتروكيماويات (سبكيم) وشركة الصحراء للبتروكيماويات. وقد أثبتتْ كافة الدراسات جدوى عملية الدمج هذه، غير أنه لم تُستأنف مفاوضات الدمج وفق ما هو مُخطَّط وذلك لعدم كفاية إطار العمل التنظيمي والقانوني".
أنشطة البحث والتطوير
وعلى طرفيّ نقيض من الاتجاهات العالمية، سجَّلت استثمارات الشركات المنتجة للبتروكيماويات في منطقة الخليج في البحث والتطوير قفزة بلغتْ نسبة 38 خلال عام 2016 مقارنةً بما حققته العام الأسبق، وذلك وفقًا لما ورد في أحد التقارير الحديثة الصادرة عن الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات (جيبكا) مع احتلال الشركات السعودية العاملة في قطاع المنتجات الكيميائية النصيب الأكبر من هذه الاستثمارات.
وتابع السعدون، يُعد عنصر البحث والتطوير في غاية الأهمية لهذا المجال تحقيقًا للنمو على نحوٍ مُستدام، مُضيفًا "لقد وصلنا إلى تحقيق أعلى معدلات النمو في استثمارات البحث والتطوير في هذا القطاع على الصعيد العالمي".
"وعلى كلٍ، وفيما يتعلق بنصيب استثمارات البحث والتطوير من إجمالي إيرادات المبيعات، فإنها لا تزال تُقدَّر حصتها بنسبة 1 بالمئة، فيما يُسجّل المتوسط العالمي في قطاع البتروكيماويات بنسبة تتراوح من 2.5 إلى 3.0 بالمئة من إجمالي إيرادات المبيعات، ومن ثم، أصبحتْ الحاجة الماسة لمضاعفة المستويات الحالية للاستثمارات على أنشطة البحث والابتكار إلى ضعفين أو ثلاثة".
© Zawya 2017