PHOTO
30 06 2016
أسعار النفط تتماسك بعد تفاقم أزمتي الإمدادات في فنزويلا والنرويج
حافظ النفط الخام على مكاسبه السعرية لليوم الثاني على التوالي مدعوما من أزمة تعطل الإنتاج وتقلص الإمدادات في فنزويلا التى جاءت متزامنة مع إضراب عمالي واسع محتمل في النرويج حيث يتوقع أن يؤدي ذلك إلى تقلص جديد وحاد في إمدادات منطقة بحر الشمال، كما تلقت أسعار الخام دعما آخر من تراجع الدولار وبيانات عن هبوط في مستوى المخزونات النفطية الأمريكية.
وأكد متعاملون في السوق أن تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على الأسواق بدأت تنحسر تدريجيا بعد تراجع تأثير الصدمة الأولية والمباشرة لنتائج الاستفتاء حيث عادت الاستثمارات تدريجيا إلى السلع الأولية وتقلصت المخاوف نسبيا.
وأشار المتعاملون إلى أن الأسواق تمر بمرحلة التصحيح الإيجابي بعد موجة انخفاضات حادة سابقة وأن معدلات الطلب على الطاقة آخذة في النمو، فيما شهدت أسواق المال انتعاشة مرتبطة بتحسن أسعار النفط وسط احتمالات تطبيق حوافز نقدية جديدة.
وتتابع الأسواق نتائج اجتماعات مجموعة العشرين في العاصمة الصينية بكين خاصة الاتصالات التي تتم بين وزراء الطاقة، فيما حظت مباحثات المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية مع الشركات اليابانية باهتمام كبير خاصة فيما يتعلق بمشاركة رؤوس الأموال اليابانية بشكل رئيس في عملية خصخصة شركة "أرامكو" المرتقبة.
إلى ذلك، كشف تقرير لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" عن تسجيل زيادة في احتياطيات دول المنظمة المؤكدة من النفط الخام بنسبة 0.1 في المائة عند 1211 مليار برميل في عام 2015 مع الحفاظ على حصتها ونسبتها من الاحتياطات العالمية الكلية للنفط الخام التى تقدر بنحو 81.2 في المائة.
وأوضح تقرير "أوبك" أن الاحتياطيات المؤكدة من النفط الخام الكلي حول العالم بلغت 1493 مليار برميل في عام 2015 بزيادة طفيفة بنسبة 0.1 في المائة على مستوى الاحتياطات العالمية في العام الأسبق التى بلغت نحو 1490 مليار برميل، مشيرا إلى أن أكبر الزيادات جاءت من أنجولا وفنزويلا وإيران، في حين تم تسجيل انخفاضات في احتياطات كل من النرويج والمملكة المتحدة وكولومبيا.
وبحسب التقرير فإن متوسط الطلب العالمي على النفط في العام الماضى سجل زيادة بنسبة 1.7 في المائة وكانت أكبر الزيادات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وخاصة الهند والصين ثم أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية والشرق الأوسط وإفريقيا.
وأفاد التقرير بزيادة إجمالي الطلب على النفط في دول منظمة التعاون والتنمية بشكل جيد خلال عام 2015، في حين انخفض الطلب في أمريكا اللاتينية للمرة الأولى منذ عام 2003، وقد بقي الطلب على نفط "أوبك" قويا خلال 2015 في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا والمحيط الهادئ، في حين انخفض الطلب في أمريكا اللاتينية.
وأضاف التقرير أن البنزين والكيروسين شكلا الجزء الأكبر من النمو في نواتج التقطير مشيرا إلى أن نواتج التقطير والبنزين تمثل نحو 56 في المائة من إجمالي الطلب العالمي على النفط وتتجه نحو النمو والتزايد بصفة مستمرة، لافتا إلى تأثير وهيمنة البنزين على منظومة نمو الطلب على النفط في آسيا والمحيط الهادئ وأمريكا الشمالية، في حين ظهرت نواتج التقطير والتكرير الأخرى قوية في أوروبا الغربية والشرقية.
وقال التقرير إن إجمالي صادرات "أوبك" ارتفع عام 2015، ارتفاعا طفيفا عن العام الأسبق وتمثل هذه الزيادة 1.7 المائة، وتم تصدير الجزء الأكبر من نفط "أوبك" إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ بحجم 61.5 في المائة، كما تم تصدير كميات كبيرة أيضا إلى أوروبا، التي زادت وارداتها من المنظمة كما استوردت أمريكا الشمالية حجما أقل من صادرات "أوبك" خلال العام الماضى.
وأوضح لـ "الاقتصادية"، أرورو تاكاهاشى مدير شركة طوكيو للغاز في فرنسا، أن الاستثمارات اليابانية في مجال الطاقة تبدي اهتماما كبيرا بخطة طرح "أرامكو" للخصخصة الجزئية حيث إنها شركة عملاقة وربما تكون أكبر شركة للطاقة في العالم، منوها إلى أهمية الانتهاء من إعداد الجدول الزمني لبرنامج الخصخصة حيث إن كل المعلومات المتاحة ستتم خلال عامي 2017 و2018.
وأشار تاكاهاشي إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كان مفاجأة قاسية للاقتصاد الدولي الذي يكافح من أجل رفع معدلات النمو منوها إلى أن خسائر الأسواق الدولية تجاوزت ثلاثة تريليونات دولار في يومين معبرا عن أمله في سرعة تعامل الاقتصاد الدولي مع الأزمة والتعافي سريعا واستئناف مسيرة النمو.
من جهته، أكد لـ "الاقتصادية"، ماركوس كروج كبير محللي"إيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، أن تأخر أو تباطؤ استقرار الأسواق سيؤدي إلى مزيد من الاضطرابات خاصة في القطاع العمالي بسبب الصعوبات الواسعة التي تواجهها الاستثمارات ولذا وجدنا أخيرا تكرار ظاهرة الاضرابات العمالية وتترقب السوق حاليا إضرابا واسعا في النرويج سيؤثر دون شك في إضعاف الإمدادات خاصة من منطقة بحر الشمال المثقلة بالفعل بكثير من الأعباء نتيجة تراجع الأسعار على مدى العامين الماضيين.
وأشار كروج إلى أن الأزمة الاقتصادية في فنزويلا تلقي أيضا بظلال قوية على سوق الطاقة في العالم بعد تراجع الإنتاج بشكل واسع في هذا البلد المنتج المؤثر، منوها إلى ضرورة أن تسعى المنظمات الدولية ومنها "أوبك" إلى انتشال الاقتصاد الفنزويلي من أزمته وتقديم كل أشكال الدعم الممكنة له ليعود للتوازن ولدوره المؤثر في اقتصادات أمريكا اللاتينية والعالم.
ويقول لـ "الاقتصادية"، ردولف هوبر الباحث والمختص في شؤون الطاقة، إن سوق النفط الخام رغم تحسن الأسعار نسبيا ما زالت تواجه تحديات صعبة وهناك منافسات واسعة على الحصص السوقية ولجوء أحيانا إلى حرق الأسعار، مشيرا إلى أن إنتاج دول "أوبك" يشهد نموا مستمرا فيما يكافح النفط الصخري من أجل الاستمرار والبقاء في سوق متخمة بالمنافسة.
وأشار هوبر إلى ضرورة أن تركز "أوبك" في الفترة المقبلة على البقاء قوية وموحدة ولن يتحقق ذلك إلا بإيجاد حلول عملية لدفع النمو والتغلب على الصعوبات الاقتصادية في الدول الأعضاء الأقل نموا الذي يواجه بعضهم بفعل مرحلة الانهيار المالي والاقتصادي الكامل.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط أمس مع إقبال المتعاملين في الأسواق المالية على ضخ أموالهم من جديد في السلع الأولية بعد الصدمة الأولى التي تلت التصويت لمصلحة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وفي الوقت الذي ينذر فيه إضراب محتمل في النرويج وأزمة في فنزويلا بتقلص الإمدادات.
وبحسب "رويترز"، فقد جرى تداول العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت بسعر 48.95 دولار للبرميل بزيادة 37 سنتا على سعر التسوية السابقة، في حين قفز الخام الأمريكي 44 سنتا إلى 48.29 دولار للبرميل، وارتفع الخامان القياسيان أمس الأول بعد أن تخلصت الأسواق من بعض آثار صدمة التصويت لمصلحة خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي في استفتاء الأسبوع الماضي.
وتوقع بنك "ستاندارد تشارتارد" عودة أسعار النفط إلى 50 دولارا للبرميل بسرعة بعد الهبوط المرتبط باستفتاء بريطانيا على عضويتها في الاتحاد الأوروبي الذي كان له أثر محدود في الطلب.
وعلى جانب الإمدادات يلوح في الأفق إضراب للعاملين في قطاع النفط النرويجي وهو ما ينذر بتقلص الإنتاج من أكبر منتج في بحر الشمال، وفي فنزويلا التي تعاني أزمة، يكافح المنتجون وشركات التكرير للحفاظ على الإنتاج في ظل انقطاعات التيار والنقص في المعدات، وهو الأمر الذي يصب أيضا في مصلحة الأسعار بحسب التجار.
وارتفعت أسعار النفط في السوق الأوروبية معززة مكاسبها لليوم الثاني على التوالي، بفعل هبوط الدولار الأمريكي مقابل سلة من العملات، إضافة إلى بيانات غير رسمية أظهرت انخفاض مخزونات الخام في الولايات المتحدة لأدنى مستوى منذ آذار(مارس) الماضي.
وحقق الخام الأمريكي تسليم آب (أغسطس) ارتفاعا بنسبة 3.2 في المائة، في أول مكسب خلال ثلاثة أيام، بفعل عمليات الارتداد من أدنى مستوى فى سبعة أسابيع 45.82 دولار للبرميل، بينما حققت عقود برنت عقود آب (أغسطس) ارتفاعا بنسبة 2.6 في المائة.
وانخفضت أسعار النفط على مدار تعاملات يومي الجمعة والأثنين أكثر من 7 في المائة في أكبر خسارة ليومين خلال هذا العام، بفعل مخاوف تراجع مستويات الطلب العالمي بعد انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي.
© الاقتصادية 2016