PHOTO
من أندرو تورشيا وكيتي بول
دبي/الرياض 3 يونيو حزيران (رويترز) - أعطت السعودية مؤشرا على تبني استراتيجيات جديدة لاستثمار أموال النفط بشراء حصة قيمتها 3.5 مليار دولار في شركة أوبر الأمريكية لخدمات تأجير السيارات.
وتتسم هذه الاستراتيجيات بمزيد من الجرأة وتسليط الضوء على نشاط المملكة وترتبط بصورة أوثق بخططها للتنمية الاقتصادية.
وبالصفقة التي أعلنت يوم الأربعاء أصبح صندوق الاستثمارات العامة السعودي لاعبا في سوق المشاريع التكنولوجية الناشئة في تحول عن تركيز الرياض فيما مضى على الاستثمارات الأجنبية المحافظة التي لا تنطوي على مجازفة كبيرة.
كما ستصبح الرياض بموجبها أحد المساهمين في شركة يمكن أن تساعد في إنقاذ المملكة من هبوط أسعار النفط عبر تنويع الاقتصاد وتوفير فرص عمل للمواطنين. وفي بلد لا يسمح للنساء بقيادة السيارات، تقبل النساء في السعودية على استخدام سيارات أوبر في تنقلاتهن.
وأشار المدير بصندوق الاستثمارات العامة ياسر الرميان إلى هذه الأهداف في بيان بشأن الصفقة قائلا إن الصندوق لا يهدف إلى تحقيق أرباح فحسب وإنما أيضا دعم خطة شاملة لإصلاح الإقتصاد أعلنت في أبريل نيسان.
وأضاف أن الخطة تركز على فتح قطاعات استراتيجية مثل السياحة والترفيه وزيادة فرص العمل ومشاركة النساء في القوة العاملة وتشجيع ريادةالأعمال.
وطوال عقود، كانت السعودية مستثمرا يحتاشى الأضواء في الأسواق العالمية مستخدمة البنك المركزي باعتباره الصندوق السيادي الرئيسي. وحولت معظم ثروتها النفطية إلى أصول مثل سندات الخزانة الأمريكية والحسابات المصرفية بدلا من شراء حصص استراتيجية كبيرة في كبرى الشركات الغربية مثلما فعلت صناديق ثروة سيادية أخرى مثل جهاز قطر للاستثمار.
لكن هذا الوضع يتغير الآن في ظل هبوط أسعار النفط الذي يثقل كاهل الرياض بعجز سنوي في الميزانية الحكومية يقترب من نحو 100 مليار دولار وهو ما يضطرها للبحث عن سبل لتحقيق عوائد أكبر على أصولها وتطوير القطاعات غير النفطية من الاقتصاد.
في أبريل نيسان تحدث ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن صندوق الاستثمارات العامة بوصفه جزءا أساسيا من هذا المسعى. وقال إن الصندوق سيتوسع من 600 مليار ريال (160 مليار دولار) إلى أكثر من سبعة تريليونات ريال وهو ما سيساعد في تحويل الرياض إلى قوة استثمارية عالمية.
وقال مستشار لصناديق استثمار سيادية في الخليج طلب عدم نشر اسمه لأنه غير مصرح له بالحديث إلى وسائل الإعلام إن الصفقة مع أوبر تعطي مؤشرا على بدء هذه العملية.
وأضاف "ربما تكون هذه صفقة لإظهار وجودهم أكثر من كونها صفقة جيدة من الناحية المالية.. باكورة تتصدر عناوين الصحف."
وذكرت أوبر أن استثمار صندوق الاستثمارات العامة السعودي يأتي في إطار جولة تمويلية بدأتها في الآونة الأخيرة وتصل بقيمة الشركة إلى 62.5 مليار دولار وهو ما يعني أن السعودية حصلت على حصة تبلغ نحو خمسة في المئة. وربما كان من الممكن أن يشتري الصندوق السعودي بسعر أقل من المستثمرين في جولات التمويل الأسبق لأوبر مثل جهاز قطر للاستثمار.
إلا أن الاتفاق قد يطمئن الأسواق العالمية إذ يشير إلى أن على الرغم من سحب السعودية من احتياطياتها المالية لتغطية العجز في ميزانيتها فإنها ما زالت من الثراء بحيث تستثمر مبالغ كبيرة من المال حين تسنح الفرصة.
* استراتيجية اقتصادية
تعمل شركة أوبر في السوق السعودية منذ أوائل عام 2014 ولم تعلن عن اتفاق محدد لتوسيع نشاطها في المملكة نتيجة الصفقة مع صندوق الاستثمارات العامة. لكن الرميان سيشغل مقعدا في مجلس إدارة أوبر وهو ما سيمنح الحكومة السعودية دورا مباشرا في قرارات الشركة.
وقد يساعد الاتفاق بالتالي في إزالة أي عقبات قانونية تواجهها أوبر في السعودية. وفي وقت سابق هذا العام نقلت وسائل الإعلام الرسمية عن متحدث باسم إدارة الطرق والنقل في مكة قوله إن سيارات الأجرة الأجنبية التي تستخدم تطبيقات الهواتف الذكية غير قانونية لأنها لم تحصل على تراخيص من وزارة النقل.
وتتلاءم أوبر وكذلك شركة كريم لتأجير السيارات التي تعمل في السعودية ضمن عدد من الدول العربية مع الاستراتيجية الاقتصادية للمملكة من عدة جوانب.
فعلى سبيل المثال ينظر كثيرون في السعودية إلى سيارات الأجرة التقليدية على أنها غير مريحة وتنطوي على مخاطر محتملة على النساء لذا سرعان ما اتجهت السعوديات لاستخدام أوبر على نطاق واسع. وتقول الشركة إن نحو 80 في المئة من أكثر من 130 ألف مستخدم لها في المملكة من النساء.
وتتصور خطة الأمير محمد بن سلمان للإصلاح زيادة مشاركة النساء في قوة العمل من 22 في المئة إلى 30 في المئة بحلول عام 2030 لزيادة دخول الأسر وخفض اعتماد البلاد على العمالة الأجنبية المكلفة. ويمثل نقص وسائل النقل الرخيصة والملائمة للنساء عقبة كبيرة أمام توظيفهن.
وقالت مريم السبيعي وهي سيدة أعمال سعودية تستخدم أوبر بصورة شبه يومية إن اتفاق صندوق الاستثمارات العامة السعودي خطوة جريئة في الاتجاه الصحيح. وتملك مريم مركزا لصيانة الهواتف المحمولة للنساء فقط وهو أول متجر من نوعه في الرياض.
وأضافت أنه بسبب طبيعة عملها وحاجتها للتنقل كان الأمر صعبا جدا لأنها لم تكن قادرة على تحمل راتب سائق خاص وأحيانا لم يكن بإمكان السائق الوصول إليها حين تحتاجه.
ومن شأن زيادة استخدام الخدمات مثل أوبر تحسين ميزان المدفوعات السعودي نظرا لأن التقديرات تشير إلى أن ما يصل إلى مليون سائق أجنبي بالمملكة يقومون بتوصيل النساء إلى مقاصدهن. ومن الممكن أن يساعد خفض الحاجة إليهم إلى توفير مئات الملايين من الدولارات التي يحولها السائقون إلى بلادهم سنويا من ميزانيات الأسر.
كما تهدف خطة الإصلاح الاقتصادي إلى تشجيع المزيد من السعوديين على الحصول على وظائف في القطاع الخاص بحيث لا تضطر الدولة لتوفير أعداد كبيرة من الوظائف الحكومية ولتشجيع الشباب السعودي على دخول مجال ريادة الأعمال والشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا.
(إعداد دينا عادل للنشرة العربية - تحرير نادية الجويلي)