PHOTO
من مروة رشاد ووليام مكلين
جدة (السعودية) 7 يونيو حزيران (رويترز) - قال وزراء سعوديون إن المملكة تنوي زيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية إلى أكثر من ثلاثة أمثالها وخفض عبء الأجور بالقطاع العام على مدى الأعوام الخمسة المقبلة في إطار إصلاحات تستهدف الحد من اعتماد الاقتصاد على النفط.
وجاءت تصريحات الوزراء في مؤتمر صحفي في وقت متأخر من مساء الاثنين وإمتد حتى الساعات الأولى من صباح الثلاثاء في أعقاب الإعلان عن خطة التحول الوطني وهى أحد البرامج التنفيذية التي تشملها "رؤية السعودية 2030".
ورؤية السعودية 2030 خطة طموح تهدف لتحويل المملكة إلى قوة استثمارية عالمية وتنهي إعتمادها على النفط كمحرك رئيسي للاقتصاد وينظر إليها وإلى أبرز برامجها -خطة التحول الوطني- على أنها أكبر تغيير تقوده الحكومة في تاريخ المملكة.
وتستهدف خطة التحول الوطني زيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية إلى 530 مليار ريال (141 مليار دولار) بحلول عام 2020 كما تستهدف خلق 450 ألف وظيفة غير حكومية للمواطنين حسبما أظهرت وثائق وزعت على الصحفيين في جدة.
وتسعى الخطة إلى رفع مستوى الخدمات التي تقدمها الحكومة وتعزيز جودتها من أجل تحقيق "الكفاءة والفعالية في ممارسة أجهزة الدولة لمهامها واختصاصاتها على أكمل وجه والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمستفيدين وصولا إلى مستقبل زاهر وتنمية مستدامة."
وقالت الوثيقة إن تنفيذ الخطة التي تشمل أكثر من 500 مشروع ومبادرة إلى جانب مؤشرات أداء للوزارات والهيئات الحكومية الأخرى سيتكلف نحو 270 مليار ريال (72 مليار دولار).
وقال محمد آل الشيخ وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء إن تكلفة الخطة لن يكون لها تأثير على ميزانية الدولة وأن إجمالي التكلفة لا يشمل مساهمة القطاع الخاص والتي من المتوقع أن تصل إلى 300 مليار ريال.
والتحول الوطني جزء من مبادرة الإصلاح الطويلة الأجل "رؤية 2030" التي أعلنها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في أبريل نيسان وتهدف لإصلاح العديد من جوانب الاقتصاد والمجتمع السعوديين مع تأهب المملكة لمواجهة إنكماش إيرادات النفط والزيادة السكنية.
وتضرر الوضع المالي لأكبر بلد مصدر للنفط في العالم منذ صيف 2014 عندما إنحدرت أسعار النفط وةهو ما أدى إلى عجز بلغ نحو 100 مليار دولار في الميزانية العامة في السنة الماضية.
وتستهدف الخطة زيادة نسبة الدين الحكومي إلى الناتح المجلي الإجمالي إلى 30 بالمئة من 7.7 بالمئة حاليا. وتقول الوثيقة إن المعيار الإقليمي لنسبة الدين إلى الناتج المحلي يبلغ 35 بالمئة في حين يبلغ المعيار العالمي 54 بالمئة.
ومن المتوقع بموجب خطة التحول أن تأتي الإيرادات غير النفطية من فرض ضريبة للقيمة المضافة وضريبة على المشروبات المحلاة والتبغ ورسوم إضافية على القطاع الخاص.
وقال آل الشيخ إنه لا خطط لفرض ضريبة دخل على المواطنين. وبحسب الوثيقة تشمل مبادرات برنامج التحول الوطني التي سيتم إطلاقها في عام 2016 إنفاق 150 مليون ريال على إعداد وتطبيق ضريبة الدخل على المقيمين أو ما يعرف بالأجانب العاملين في المملكة.
وشدد آل الشيخ على أن الضريبة الوحيدة التي تم الاتفاق عليها هي ضريبة القيمة المضافة التي تعتزم دول الخليج تطبيقها إعتبارا من 2018 وقال إن أي اسئلة تتعلق بالضرائب يجب أن توجه لوزير المالية إبراهيم العساف.
ومن المقرر أن يتحدث العساف غدا ضمن سلسلة من المؤتمرات الصحفية تنظمها الحكومة يوميا حتى الخميس المقبل للحديث عن تفاصيل برنامج التحول الوطني.
وبحسب الخطة ستعمل الحكومة على خفض نسبة الأجور والرواتب العامة في الميزانية إلى 40 بالمئة من 45 بالمئة بحلول 2020 وتقليص دعم الماء والكهرباء بمقدار 200 مليار ريال.
وتطمح وزارة الطاقة إلى المحافظة على طاقة إنتاج النفط عند 12.5 مليون برميل يوميا وزيادة طاقة إنتاج الغاز إلى 17.8 مليار قدم مكعبة يوميا من 12 مليار قدم مكعبة علاوة على زيادة طاقة التكرير إلى 3.3 مليون برميل يوميا من 2.9 مليون حسبما ذكرت الوثيقة.
كما تسعى الحكومة إلى توفير 3.5 جيجاوات من الطاقة المتجددة بحلول 2020 وإنفاق 300 مليون ريال على تحديد وتهيئة مواقع بناء أول محطة للطاقة الذرية وتجهيز البنية التحتية الخاصة بها حسبما أوضحت الخطة.
وعرض ملحق لخطة التحول الوطني مئات المبادرات الحكومية التي وضعت لتحقيق عدد من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية وعرض التكلفة الإجمالية لتنفيذها خلال خمس سنوات وتتضمن 4.7 مليار ريال لتطوير أقسام العناية المركزة والطواريء في المستشفيات.
كما شملت المبادرات إعادة هيكلة وتنظيم قطاع البريد بتكلفة 2.1 مليار ريال وتأسيس هيئة للملكية الفكرية بتكلفة خمسة ملايين ريال وتحسين أداء الخدمةالمدنية بتكلفة ثمانية ملايين ريال وبرنامج للعناية بالتراث الحضاري للمملكة بتكلفة قدرها 3.5 مليار ريال.
التنفيذ
طالما انشغل المجتمع السعودي بالحديث عن مدى إمكانية تنفيذ الخطط الحكومية. وعكس برنامج "سيلفي" الكوميدي الشهير الذي يعرض في شهر رمضان إنشغال المجتمع بخطة الإصلاحات.
وفي الحلقة التي بثت أمس الاثنين عرض البرنامج تصورا لمشاكل السعودية بعد 100 عام من الآن متوقعا أن تظل المملكة تعاني نقصا في المساكن للمواطنين وأن النساء لن يسمح لهن بقيادة السيارات حتى في السيارات الذاتية القيادة.
وبينما نالت بعض الأهداف الإصلاحية مثل خفض الدعم السخي للطاقة استحسان الكثير من الخبراء الاقتصاديين كخطوة طال انتظارها أبدى آخرون تشككا في إمكانية تحقيق أهداف أخرى مثل إنهاء الاعتماد على النفط بحلول عام 2020.
وتركز الخطة على إتاحة الفرصة للقطاع الخاص لتوفير مصادر جديدة للدخل وتعزيز عملية خلق الوظائف لكن توجد مخاوف من ألا يتمكن القطاع الخاص من القيام بدور فعال مع اعتماده بشكل رئيسي في العقود المنصرمة على الإنفاق الحكومي الذي بات يتراجع في ظل سعي الحكومة لترشيد النفقات.
كما توجد مخاوف من أن تفشل عمليات خصخصة أصول حكومية في مساعدة الشركات على تعويض أثر خفض الإنفاق. وبحسب الخطة تعتزم وزارة الطاقة زيادة نسبة إنتاج محطات توليد الكهرباء من خلال "شركاء استراتيجيين" بحلول 2020 كما تعتزم الحكومة خصخصة المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة.
وتشمل برامج أخرى لرؤية 2030 خصخصة جزئية لشركة النفط العملاقة أرامكو وتحويل صندوق الاستثمارات العامة إلى واحد من أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم.
وجرى الحديث عن الكثير من هذه الإصلاحات فيما مضى لكنها تبقى مجرد أفكار لم تدخل بعد حيز التنفيذ الجاد.
بيد أن أحد الأسباب التي تعزز الاعتقاد بأن هذه المرة قد يكون الأمر مختلفا هو انتقال عملية وضع السياسات في العام الماضي من المراكز التقليدية والمتحفظة لصنع القرار مثل وزارة المالية والبنك المركزي.
وتتركز سلطة اتخاذ القرارات الاقتصادية في الوقت الراهن في مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي يضم 22 عضوا والذي شكله العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز. ويرأس المجلس ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان البالغ من العمر نحو ثلاثين عاما.
وأشرف الأمير محمد -بصفته وزير الدفاع- على التدخل العسكري للمملكة في اليمن في مارس آذار 2015 ويعمل الآن على إعادة رسم السياسة الاقتصادية للمملكة وتغييرها بشكل جذري.
(الدولار = 3.75 ريال سعودي)
(شارك في التغطية مصطفى هاشم في القاهرة وريم شمس الدين ورانيا الجمل في جدة - تحرير وجدي الألفي) ((marwa.rashad@thomsonreuters.com; Reuters Messaging: marwa.rashad.thomsonreuters.com@reuters.net))