20 06 2016

فتح صندوق الذكريات وروى تفاصيل كواليس صفقة «زين ـ بهارتي» لأول مرة

نحن بالكويت نحتل المرتبة الأولى خليجياً في التنظير .. وفي الواقع العملي - مع الأسف - نحتل المرتبة الأخيرة

أتخلص من التزامات العمل قدر الإمكان قبل بدء الشهر الفضيل لأتفرغ للعبادة

لست مدخناً وأمارس الرياضة.. وأحرص على زيارة الدواوين في رمضان

من صغري أحلم بالعمل الاستثماري.. وكنت أحرص على الذهاب مع والدي إلى السوق لأتعلم كيفية التعامل مع التجار

الوضع الاقتصادي غير مشجع في ظل نظرة الإدارة الحكومية بزيادة مداخيلها من القطاع الخاص

مثلي الأعلى العم ناصر الخرافي رحمه الله.. فقد لازمته بشكل شبه يومي لأكثر من 19 سنة

أحرص على معرفة من خلف أي فرصة استثمارية لقراءة مدى جدواها.. فالخبيث لن يخرج منه إلا الخبيث

لأول مرة يروي رئيس مجلس إدارة شركة الاستثمارات الوطنية حمد العميري تفاصيل ما كان يدور في الكواليس المتعلقة بالصفقة المليارية الشهيرة التي شغلت الأوساط الاقتصادية عام 2010 وهي صفقة «زين ـ بهارتي».

وقال العميري في حوار خاص لـ «الأنباء» إنه اتخذ أهم القرارات في مسيرته إبان إتمام هذه الصفقة، وأنه اتخذ هذا القرار المصيري فجرا.

وأكد العميري أنه كان على أتم الاستعداد لتحمل مسؤولية قراره الذي كان من الممكن أن يكون سببا في فشل الصفقة الضخمة، وذلك حفاظا على حقوق المساهمين، لافتا إلى أنه بعد اتخاذ القرار المصيري ظل يفكر ماذا سيقول للعم ناصر الخرافي عندما يحل الصباح.. وفي السطور المقبلة تفاصيل أوفى:

ما أهم القرارات والمواقف التي اتخذتموها خلال فترة عملكم؟

? من أهم القرارات التي اتخذتها خلال مسيرتي المهنية كانت من خلال شركة زين للاتصالات، فعند عمل الترتيبات النهائية لإتمام صفقة بيع شركة سل تل الخاصة بشركة زين على شركة بهارتي الهندية بقيمة 10.7 مليارات دولار، وبعد أن تم الاتفاق بين ممثل المالك الرئيسي لزين وهو العم ناصر الخرافي وبين ممثل المالك الرئيسي لشركة بهارتي السيد سونيل وبعد ان تم الاعلان عن الصفقة في البورصات، قامت الادارات التنفيذية للشركتين بالعمل ليلا لإنهاء بنود العقود وبشكل عاجل، حيث كان لدينا جمعية عمومية لشركة زين صباح اليوم التالي ونحن بحاجة الى انهاء تلك الإجراءات والحصول على سويفت التحويل قبل موعد الجمعية حتى نكون في مأمن لضمان التوزع النقدي للمساهمين آنذاك، وعند دخول المشتري في التفاصيل خصوصا فيما يتعلق بالمبلغ الواجب حجزه من قبلهم تجاه اية قضايا قد تظهر بعد اتمام الصفقة وتحويل المبالغ ظهر تعارض بين الطرفين عن قيمة المبلغ الواجب حجزه، حيث إن الطرف المشتري «بهارتي» يرغب في رفع ذلك المبلغ قدر المستطاع لكي يوفر في قيمة الصفقة والأمر تطور الى ان وصل الى احتمالات الغاء الصفقة والوقت كان متأخرا بالليل، ولا يمكن الوصول للعم ناصر الخرافي في هذا الوقت للحصول على موافقته وهنا تلقيت اتصالا هاتفيا من الرئيس التنفيذي لشركة زين آنذاك نبيل بن سلامة يبلغني بضرورة حضوري الشركة وشرح لي الوضع، فحضرت ليلا للشركة وكانت المساومات بيننا وبين الطرف المشتري على موضوع قيمة المبلغ الواجب احتجازه لديهم وتهديداتهم بإلغاء الصفقة اذا لم نوافق على طلبهم خصوصا أنهم كانوا يرفعون المبلغ تباعا بموجب اهوائهم طبقا لرؤيتهم للوضع وكانوا يحددون لنا وقتا زمنيا للرد وإلا سيلغون الصفقة.

يضيف العميري: هنا تم أخذ رأيي في الموضوع لعدم امكانية أخذ موافقة العم ناصر لتأخر الوقت الى ما بعد الساعة 3 فجرا وبالطبع سأتحمل المسؤولية عن القرار الذي سأتخذه، عندئذ استفسرت من الإدارة التنفيذية للشركة عن المبلغ العادل الواجب اتخاذه فتم ابلاغي بأنه حوالي 700 مليون دولار، وفي المقابل الطرف المشتري طلب مبلغا يفوق ذلك ببعيد ويهدد بإلغاء الصفقة، فاتخذت القرار بأن نبلغهم بان المبلغ 700 مليون دولار ولن نقبل برفعه دولارا واحدا واذا لم يوافقوا على ذلك خلال فترة زمنية حددناها لهم سنقوم نحن بإلغاء الصفقة مع تحملي لمسؤولية شرح الموضوع للعم ناصر صباحا، وبالتالي ما يترتب عليه من اثر الإلغاء.

ويواصل العميري: وعندما تم ابلاغهم بذلك انتظرنا لمدة طويلة ولم يأتنا اي رد الامر الذي اعتبرناه عدم موافقة، وبالتالي وبعد صلاة الفجر اضطررنا انا والرئيس التنفيذي الى مغادرة الشركة وأثناء طريقي الى المنزل كان كل تفكيري هو تقييمي للقرار الذي اتخذته وكيف يمكنني شرح ذلك للعم ناصر صباحا، وكيف تم الضغط علينا من قبل وكلاء المشتري وكيف اتخذنا القرار بعدم تجاوزنا لمبلغ معين نعتقد انه الحد الاقصى الذي يمكن تقديمه، وبالتالي الغاء الصفقة هو لصالح المساهمين على الرغم من حاجة الشركة الماسة آنذاك لإتمامها والحصول على السيولة.

وبحلول الساعة السادسة او السابعة صباحا، اي بعد 3 ساعات من ابلاغهم جاءني اتصال من الرئيس التنفيذي يبشرني بأنه جاءنا الرد منهم بالموافقة وتحويل مبلغ الصفقة لصالحنا فكانت انفراجة غير طبيعية في مسار الأمور، وكان ذلك من اصعب واهم القرارات التي اتخذتها في مسيرتي المهنية.

حدثنا عن كيفية تحضير جدول اعمالك قبل شهر رمضان؟

? ان شهر رمضان شهر مبارك، وبالتالي هو شهر ابدأ التحضير له قبل بدايته بوقت كاف، ويكون ذلك من خلال اداء وإنهاء جميع الالتزامات المهنية المعلقة (التي غالبا لا تنتهي) حتى يخف ضغط العمل برمضان واخراج الزكاة والسعي بألا تكون هناك سفرات عمل خلال هذا الشهر الفضيل وعمل جدول بالزيارات العائلية والاجتماعية التي جبلنا عليها في بداية رمضان والتي اسعى الى تقليصها قدر الإمكان للتفرغ للعبادات.

ما المتاعب التي تواجهك في العمل خلال هذا الشهر؟

? لا تواجهني متاعب اثناء عملي في رمضان، لأن التنظيم يجعل انسياب الاعمال بالشركة يتم بكل يسر، الا انه احيانا تأتي افكار او فرص استثمارية تستدعي بذل المزيد من الجهد في العمل للاستفادة منها قدر الامكان، ولا شك اسعى الى الا يكون ذلك على حساب العبادات وهذا الشيء اسعى له لي ولجميع موظفي الشركة.

كيف تستطيع ان تنسق بين حياتك داخل العمل وخارجه؟

? في بدايات عملي كانت لدي مشكلة في عدم امكانية التنسيق بين حياتي داخل عملي وخارجه، حيث اني احب عملي بل اعشقه خصوصا اذا كانت هناك اخبار مشجعة ولابد من التحضير لها مبكرا لاقتناص الفرص التي يمكن استدراجها من تلك الاخبار ومع زيادة عدد وحجم المحافظ ازدادت ضغوطات العمل علي اكثر واكثر ولكن بفضل من الله ثم دعاء الوالدين لي ودعم الاهل اعتقد انني استطعت ان انجح في اداء مهمتي.

ما الشخصيات التي تعتبرها مثلا اعلى لك؟

? لقد تأثرت كثيرا بالعم ناصر الخرافي، رحمة الله عليه، فقد لازمته بشكل شبه يومي لأكثر من 19 سنة، وكان نبراس عمل لي ومرجعية للكثير من قراراتي الاستثمارية بل احيانا حتى الاجتماعية ومازلت استقي من افكاره الى يومي هذا.

ما المتاعب التي تواجهك في العمل خلال هذا الشهر؟

? لا توجد متاعب في رمضان، فأنا لا ادخن واهتم بممارسة الرياضة بشكل مستمر، واحرص على الابتعاد عن الالتزامات التي قد تسبب لي اي متاعب.

حدثنا عن العادات التي تقوم بها خلال شهر رمضان؟

? من اهم العادات التي احرص عليها في رمضان التواصل الاجتماعي من خلال زيارة دواوين الاهل والأصدقاء يضاف الى ذلك ان رمضان يشكل فرصة جيدة لزيادة مزاولة الرياضات خصوصا قبل الافطار.

ما العمل الذي كنت تتمنى ان تعمله غير العمل الاستثماري؟

? قد يستغرب البعض ان كنت من صغري احلم بالعمل الاستثماري بل كنت احرص على الذهاب مع الوالد، رحمة الله عليه، لكي اتعلم منه كيفية التعامل مع التجار سواء بالسوق او في الدواوين، فأنا اعد نفسي من المحظوظين، حيث انني استفدت كثيرا من دراستي الجامعية وتخصصي المحاسبي في مجال تقييم الفرص الاستثمارية التي دخلت بها.

ما أبرز الدروس المستفادة خلال مسيرتكم العملية؟

? من ابرز الدروس التي استفدت منها خلال مسيرتي العملية هو ان معدن الرجال الطيب لا يتغير، ومعدن الرجال السيئ مهما تم تلميعه لابد ان يظهر خبثه، وبالتالي لابد من الحرص على معرفة من وراء اي فرصة استثمارية لمعرفة مدى جدواها فالخبيث لن يخرج منه الا الخبيث مهما تم تلميعه والطيب لن يخرج منه الا الطيب، كما انه ان كنت ذا علم ومعرفة فلا تتردد في اتخاذ القرار الجريء اعتمادا على حسك الاستثماري وليس على آراء المحللين، وبالتالي «ان كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة فإن فساد الرأي ان تترددا».

ما رأيكم في الوضع الاقتصادي الكويتي؟

? الوضع الاقتصادي في البلاد غير مشجع في ظل نظرة الإدارة الحكومية الى كيفية زيادة مداخيلها من القطاع الخاص عن طريق زيادة الرسوم والضرائب دون النظر الى كيفية تشجيعها لهذا القطاع على النهوض ليكون رافدا لها في التنمية الاقتصادية في البلاد.

يضيف العميري: لا مانع من رفع الرسوم وهذا مطلوب على بعض الخدمات ولكن لابد ان يقابل ذلك تسهيلات تقدمها الدولة حتى ينجح القطاع الخاص ويزدهر ويتولى ادارة وتطوير المرافق الحكومية ويبدأ باستقطاب الشباب الكويتي كي يخفف العبء عن كاهل الحكومة بخفض المصروفات تباعا.

وكيف تنظرون لهيمنة الحكومة على القطاعات الاقتصادية؟

? على مر التاريخ لا يمكن لأي دولة ان تزدهر في ظل هيمنة الحكومة على الاقتصاد، ويضاف الى ذلك عدم اهتمام القائمين على الإدارة التنفيذية للبلاد بأهمية سوق الاوراق المالية وضرورة تطويره بينما نرى ذلك محط اهتمام الدول المجاورة التي تخطتنا بسنوات الى الامام وأصبحت محط انظار دول العالم وأصبحت تستقطب رؤوس الأموال الأجنبية التي اصبحت رافدا لاقتصاداتها، فنحن بالتنظير والمحاضرات نحتل المرتبة الاولى خليجيا، وعندما نصل للواقع العملي مع الأسف نحتل المرتبة الاخيرة.

هل تتابع وسائل التواصل الاجتماعي؟ وكم تستحوذ من وقتكم يوميا؟

? بالتأكيد اتابع بشكل دوري وسائل التواصل الاجتماعي لمعرفة ما يحدث حولنا والاستفادة، ولكنني مقصر في مساهماتي فيها لعدة اعتبارات من أهمها ضيق الوقت.

© Al Anba 2016