"جنون التوليب": لماذا دبي المقر الأنسب لشركات العملات المشفرة؟

في الآونة الأخيرة أٌنفقت مليارات الدولارات لشراء منتجات رقمية مشفرة في سوق يتكون من 3 حروف فقط وهو NFT.

وهو اختصار لـ non-fungible token أو رموز مشفرة غير قابلة للاستبدال والتي تستخدم العملات المشفرة لشرائها وبيعها. وتأتي الكثير من رموز الـ NFT في شكل صور أو فيديوهات أو مواد مسموعة تحت مسمى "الفن الرقمي".

وأشهر هذه التعاملات هي واحدة  تمت ديسمبر الماضي قام بها مغني الراب الأمريكي إيمينم الذي قام بشراء صورة قرد الذي يحمل اسم EminApe بحوالي 452 ألف دولار. ولكن لم يدفع إيمينم الدولارات بالدولار ولكن بعملة الإيثر.  

وهنا مربط الفرس حيث أن تعاملات الـ NFT يجب أن تتم بالعملات المشفرة وهو ما أعطى العملات المشفرة شيء مهم كانت تفتقده بالإضافة للقيمة والندرة، وهو سوق متخصص وبه سيولة.

وهنا تدخل الإمارات في المشهد.

موضة وبذخ

أعلن مركز دبي التجاري العالمي حديثا أنه يعمل على بناء منظومة تشريعية ورقابية للأصول الرقمية، تشمل الإطار التشريعي للرموز غير القابلة للاستبدال أو الـ NFT.

وشبه مختار خورشيد مؤسس Forgotten Mines التي تقوم بتطوير منصة لميكنة تداول العملات الرقمية والتي سيكون مقرها واشنطن الاقبال المتزايد على الـ NFT ب"جنون التوليب"، وهي الفقاعة الاقتصادية في هولندا حين تزايد الطلب على  زهرة التوليب الحديثة آنذاك، حتى ارتفع سعرها بشكل جنوني بداية من عام 1634 قبل أن تنهار في الأعوام القليلة اللاحقة.

ولا يقتصر دور المشاهير على شراء الـ NFT فقط، ولكن أيضا في إطلاق القطع الخاصة بهم، مثل اللاعب الأرجنتيني ليونيل ميسي الذي أطلق عدة منتجات NFT تخلد لحظات تاريخية في مسيرته. وحققت مبيعات بلغت ما يوازي 3.4 مليون دولار في أول يوم عرضت للبيع فيه خلال أغسطس الماضي.

وتٌعرف الإمارات بالبلد الذي يحتضن كل ما هو جديد، فعاصمة الموضة والتكنولوجيا والعقارات حين تريد أن تصنع شيء لا تصنع شيء عادي أو تقليدي بل لابد أن يكون "الأكبر" أو "الأول" أو في كثير من الأحيان كلاهما. و هذا بالضبط ما تحتاجه شركات العملات المشفرة لتنمو وتزدهر.

المزيد من الشركات

في ديسمبر الماضي أعلنت شركة بينانس لتداول العملات الرقمية، وهي الأكبر في العالم من حيث حجم التداول، عن توقيعها مذكرة تعاون مع مركز دبي التجاري العالمي للإسراع في التحضير لمركز جديد للأصول الافتراضية العالمية.

كذلك أعلنت شركة Rain أو رين لتداول العملات المشفرة، وهي أول منصة أصول مشفرة تحصل على رخصة في المنطقة من البنك المركزي البحريني، هذا الأسبوع عن تلقيها الموافقة المبدئية للحصول على إذن تقديم خدمات مالية من قبل سوق أبوظبي.

وتخطى حجم التداول على منصة رين خلال النصف الأول من العام الماضي المليار دولار.

وفي دبي، حققت منصة BitOasis، وهي المنصة الأكبر في المنطقة لتداول العملات المشفرة، حجم تداول تخطى ال 3 مليار دولار خلال نفس الفترة.  

"لما تفكر في الخليج تحس ان الـ NFT معمولهم … اكيد بينانس عارفين اللي فيها،" بحسب خورشيد.

وتقدر شركة Chainalysis التي تقدم تحليلات متعلقة بتكنولوجيا البلوك شين، ومقرها  نيويورك، أن تكون العملات الرقمية التي تم استثمارها في عقود ايثيريوم الذكية المرتبطة بالـ NFT اقتربت من 41 مليار دولار خلال العام الماضي، وهو ما يقارب مستويات الاحتياطي الأجنبي لمصر.

والعقود الذكية تسجل المعاملات بتقنية البلوك شن التي تحافظ على سرية ودقة البيانات والتي يتم الدفع مقابل الحصول عليها بعملات رقمية فقط. وعقود ايثيريوم تستخدم عملة الإيثر، ثاني أشهر عملة رقمية بعد البيتكوين.

ويقول خورشيد إن انتعاش الـ NFT بالضرورة يعطي دفعة للعملات المشفرة، وخاصة الإيثر لان مع كل عملية شراء يتم الدفع بالعملات رقمية في مقابل العقود الذكية التي تسجل المشتريات.

تل أبيب  

تأتي العاصمة الإسرائيلية هنا كسؤال مشروع يطرحه كثيرون وهو: لماذا الإمارات وليست إسرائيل تستقطب شركات العملات الرقمية؟

تعرض تل أبيب نفسها كمركز محتمل للعملات الرقمية في المنطقة والعالم حيث تعتبر اسرائيل الاقتصاد المتقدم الوحيد  في المنطقة، إلا أنها، مثل الولايات المتحدة، لا ترحب بتعاملات العملات المشفرة بشكل كامل.

وكان البنك المركزي الاسرائيلي قد أعلن في 2018 أنه لا يعترف بالعملات المشفرة كعملات رسمية، بل يتعامل معها على أنها أصول مالية. وتتعنت البنوك الإسرائيلية أحيانا في إجراء المعاملات التي يتخللها أنشطة مرتبطة بالعملات المشفرة.  

وأعرب مسؤولو البنك المركزي الاسرائيلي عن تخوفات من العملات المشفرة بشكل متكرر. ووصف نائب محافظ البنك المركزي الإسرائيلي، أندرو عبير عملة البيتكوين بأنها "عملية احتيال هرمية".

ولكن أيا كان مصير العملات الرقمية، من الواضح أن هناك فرصة وأن الإمارات تراها.

 

المقال هو الجزء الثاني من سلسلة مقالات تحلل وضع العملات المشفرة في المنطقة ولماذا الإمارات تبدو وكأنها الوجهة لهم.

لقراءة الجزء الأول: دبي: هل تصبح عاصمة العملات الرقمية؟

(إعداد: شريف طارق، ويعمل شريف مع أهرام اونلاين وافريكا ربورت، وهو أيضا رئيس تحرير نشرة دلتا دايجست، وقد عمل سابقا في مؤسسات إعلامية أخرى من بينها لوس أنجلوس تايمز)

(تحرير: ياسمين صالح، للتواصل: yasmine.saleh@lseg.com)  

© ZAWYA 2022