PHOTO
29 07 2016
من ليزا بارينجتون وسليمان الخالدي
بيروت (رويترز) - أعلنت جبهة النصرة ذراع تنظيم القاعدة القوي في سوريا يوم الخميس انقطاع صلته بالتنظيم العالمي الذي أسسه أسامة بن لادن وقالت إنها غيرت اسمها لتزيل ما وصفتها بذرائع تستخدمها القوى الدولية لمهاجمة السوريين.
وصدر الإعلان بينما أعلنت روسيا والحكومة السورية عن بدء "عملية إنسانية" في مناطق محاصرة من حلب تسيطر عليها المعارضة وفتح "ممرات آمنة" لتمكين الناس من الخروج من أهم معاقل المعارضة السورية.
وفيما يعتقد أنه أول بيان بالفيديو يظهر فيه زعيم جبهة النصرة محمد الجولاني بوجهه أعلن الرجل أن جبهته ستتشكل باسم جديد "ليس له علاقة بأي جهة خارجية."
وأضاف أن هذه الخطوة يراد بها تفنيد "الذرائع التي يتذرع بها المجتمع الدولي وعلى رأسه أمريكا وروسيا في قصفهم وتشريدهم لعامة المسلمين في الشام بحجة استهداف جبهة النصرة التابعة لتنظيم قاعدة الجهاد."
ومن الآن فصاعدا سيحمل التنظيم اسم "جبهة فتح الشام".
وظهر الجولاني في الفيديو وبجواره اثنين من قادة جبهة النصرة أمام علم جبهة فتح الشام الجديدة أبيض اللون. وكان لجبهة النصرة علم أسود وهو اللون الذي تستخدمه التنظيمات المتشددة كالقاعدة والدولة الإسلامية.
وفي وقت سابق يوم الخميس أعلن أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة أنه يبارك انفصال جبهة النصرة عن التنظيم. وفي رسالته قدم الجولاني الشكر للظواهري على تقديم مصالح الشعب السوري على مصالح تنظيمه.
وتبدو الخطوة محاولة لتقديم الجبهة للسوريين الذين تساورهم شكوك من ارتباط النصرة بالقاعدة ومن الوجود الكثيف لمقاتلين أجانب بين صفوفها وهو أمر أبعدها عن جماعات من المعارضة المسلحة يدعمها الغرب.
وقد يؤدي هذا لتغيير التحالفات الاستراتيجية على الأرض في سوريا إذا حصلت الجبهة الجديدة بالقبول وسط فصائل أخرى من المعارضة المسلحة تقاتل ضد الرئيس السوري بشار الأسد.
* موقف قوة
لكن لا يرجح أن يقبل الأسد وحليفته روسيا بتغيير اسم الجبهة التي تطالب بوقف العمليات العسكرية التي وضعت الرئيس السوري في أفضل موقف في الصراع منذ سنوات.
واستبعدت جبهة النصرة وهي أحد أقوى فصائل المعارضة منذ بدء الصراع السوري قبل خمس سنوات من هدنة رعتها الولايات المتحدة وروسيا هذا العام. واستبعدت كذلك الدولة الإسلامية.
وجبهة النصرة مدرجة في قائمة الولايات المتحدة للتنظيمات الإرهابية وتم استبعادها من اتفاق هدنة في سوريا في فبراير شباط كما تبحث روسيا والولايات المتحدة تعزيز التنسيق بينهما ضدها.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن مقاتلي جبهة النصرة لا يزالون حتى الآن هدفا للطائرات الحربية الأمريكية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية جون كيربي "سيكون علينا أن ننتظر ونرى. سنصدر حكمنا على الجبهة بناء على ما تقوم به وليس على ما تصف به نفسها."
وتشعر دول غربية بالقلق من أن يكون الإعلان عن توفير ممرات آمنة للناس للفرار من حلب نذيرا بهجوم للقوات الحكومية بدعم روسي على المدينة.
وقال كيربي "يبدو هذا وكأنه مطالبة باستسلام فصائل المعارضة وإجلاء المدنيين من حلب. يجب تمكين الأبرياء في حلب من البقاء في منازلهم آمنين والحصول على مساعدات إنسانية وهو أمر وافقت عليه روسيا والنظام من حيث المبدأ."
ومن شأن هجوم على حلب أن يعصف بمساع دبلوماسية يقوم بها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للتفاوض على تعاون عسكري بين بلاده وروسيا.
* تشديد الحصار على حلب
صدر الإعلان عن تغيير اسم جبهة النصرة بينما أطلقت القوات الحكومية والروسية ما تقولان إنها "عملية إنسانية" في مناطق سيطرة المعارضة في حلب كبرى المدن السورية قبل الحرب والتي تفرض عليها القوات الحكومية حصارا فعليا منذ أوائل يوليو تموز الجاري.
ورغم أن موسكو ودمشق تصفان خططهما الجديدة بالنسبة لتلك المناطق من حلب بأنها عملية لمساعدة المحاصرين بها تشعر دول غربية بالقلق من الهدف الفعلي لتفريغ المنطقة من سكانها قبل اجتياحها.
وتعرضت مناطق تسيطر عليها المعارضة من حلب للقصف منذ يوم الأربعاء بينما تلقى من الجو منشورات تبلغ المدنيين بتوفير ممر آمن للخروج وتوفير خرائط لمسارات الخروج عرفت باسم ممرات آمنة. ويوم الخميس طالب الأسد مقاتلي المعارضة في المدينة بالاستسلام خلال ثلاثة أشهر.
ولا يزال نحو ربع مليون مدني يسكنون أحياء بشرق حلب يسيطر عليها المعارضون أي أنهم عمليا تحت الحصار منذ أن قطع الجيش والقوات المتحالفة معه الطريق الأخير المؤدي إلى تلك الأحياء في أوائل يوليو تموز الجاري.
وقال الأسد لمقاتلي المعارضة إن من يستسلم خلال الأشهر الثلاثة سيحصل على عفو. ونقل التلفزيون السوري الرسمي عن محافظ حلب قوله إن ثلاثة معابر إنسانية فتحت للسماح للمدنيين بمغادرة المدينة بأمان.
وقالت روسيا إن معبرا رابعا سيفتح لمن يستسلم من المعارضة المسلحة قرب طريق الكاستيلو الذي استعاد الجيش السيطرة عليه في الآونة الأخيرة.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا إن طائرات هليكوبتر حلقت فوق مناطق تسيطر عليها المعارضة وأسقطت حفاضات أطفال ووجبات غذائية تحمل عبارات باللغة الروسية.
لكن الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل طيفا واسعا من الفصائل السورية بعثت بخطاب للأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون أدانت فيه الممرات. وقالت الهيئة "إنه تغيير ديموغرافي وتهجير قسري" واعتبرت ذلك جريمة حرب.
وقالت العديد من جماعات الإغاثة الدولية إن ممرات الخروج ليست بديلا عن وصول المساعدات.
وقالت جماعة ميرسي كوربس "ما بين 250 و400 ألف مدني لا يزالون فيما كانت يوما كبرى مدن سوريا... لا يرغبون جميعا أو لا يملكون القدرة على الخروج."
* الممرات غير مفتوحة
ولم تفتح الممرات المقترحة حتى الآن. وقال اثنان من عناصر المعارضة المسلحة وعمال إغاثة تم الاتصال بهم في مناطق محاصرة من حلب إن الجيش أطلق النار على مدنيين في منطقة صلاح الدين وبها أحد المعابر المحددة. وقال طبيب يعمل لدى منظمة طبية تنشط في حلب أيضا إن الجيش أطلق نيران مدفعية على عائلات تجمعت قرب ممر إنساني آخر في حي بستان القصر الذي يسيطر عليه المعارضون.
وقال هائل عاصي رئيس الهلال الأحمر السوري في مناطق سيطرة المعارضة إن العائلات لم تتمكن حتى الآن من المغادرة إلى مناطق تسيطر عليها الحكومة من خلال أي من المعابر بسبب استهدافهم بنيران قناصة.
وقال التلفزيون السوري إن الجيش أحرز تقدما في حي بني زيد الواقع على الجزء الجنوبي لطريق الكاستيلو. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القوات الموالية للحكومة سيطرت تماما على هذا الحي.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف يوم الخميس قوله إن الولايات المتحدة لم تفرق حتى الآن بين الإرهابيين وما تسمى المعارضة المعتدلة في سوريا وهو أمر يتيح للمتشددين التحضير لشن هجمات جديدة.
وأضاف المسؤول الروسي "هناك على الأقل شيء من الحيلة السياسية هنا."
وقال أحد مسؤولي الأمن القومي الأمريكي إن هناك صعوبة في الاتفاق في ظل التباين بين أهداف واشنطن وموسكو.
وقال المسؤول "يريد الروس تدمير الدولة الإسلامية لإنقاذ الأسد. نحن نريد تدمير الدولة الإسلامية للتخلص من تهديد الإرهاب وبدء عملية سياسية لإزاحة الأسد الذي قال الرئيس (باراك) أوباما إن رحيله لازم."
(إعداد سامح البرديسي للنشرة العربية - تحرير محمد اليماني)
© Reuters 2016