18 08 2016

( التقرير من إعداد التميمي وشركاه باللغة الإنجليزية، ومترجم للعربية بواسطة "زاوية عربي")

في الحُكم الصادر مؤخَّرًا عن محكمة دبي في (القضية رقم 1677/2016 (تجاري))، أقامت شركة لبناء السفن ("المدعي") دعوى ضد شركة مالكة للسفن ("المُدَّعي عليه")؛ وقد صَدَرَ حُكم محكمة دبي الابتدائيَّة لصالح المُدَّعي عليه، وهو حكم من الأهمية بمكان للخروج عن المُمارسة القانونيَّة السابقة المُتعلِّقة بتوقيف السفن وما يتبعها من مُطالبات أساسيَّة.

معلومات أساسية

في عام 2007، دخل المدعي في اتفاق لبناء السفن مع المدَّعي عليه يتعهَّد فيه المدعي ببناء سفينة للمُدَّعي عليه، وفي عام 2010، دخل كلاً من المدعي والمُدَّعي عليه ("الأطراف") في اتفاقيَّات مُعدَّلة حيث جرى الاتفاق على أن يتم إرجاء التكلفة المُتبقية لبناء السفن (التي كانت تبلغ 75.000.000 مليون دولار أمريكي)، مع إضافة فائدة سنويَّة قدرها 6.5% والتي يجب دفعها في غضون 12 شهر اعتبارًا من تاريخ تسليم السفينة. وفي عام 2011، جرى الانتهاء من أعمال بناء السفينة، وتم تسليم السفينة للمُدَّعي عليه في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، وفي نفس تاريخ تسليم السفينة، منح المُدَّعي عليه صك رهن أول مميز للسفينة للمدعي بمبلغ 75.000.000 مليون دولار أمريكي (أي 100% من المبلغ المؤجَّل بالإضافة إلى الفائدة المُتَّفق عليها).

طبيعة المُطالبة

حصلت المدعي في 22 ديسمبر (كانون الأول) 2015 على أمر توقيف بشأن السفينة التي كانت موجودة في الأحواض الجافة بدبي في ذلك الوقت؛ وقد استند المدعي في طلب أمر التوقيف إلى صك رهن الأول المميز للسفينة، وعلاوة على ذلك، أقامت الجهة المُطالبة في 28 ديسمبر (كانون الأول) 2015 الدعوى الأساسيَّة أمام محكمة دبي الابتدائيَّة ضد المُدَّعي عليه ليطالب بمبلغ 106.237.341 مليون دولار أمريكي فضلًا عن الفوائد القانونيَّة بنسبة 12% اعتبارًا من التاريخ الذي أُقيمت فيه الدعوى حتى دفع كامل المبلغ؛ وزعم المدعي أن المُدَّعي عليه لم يدفع سعر تكلفة بناء السفينة بالإضافة إلى الفائدة المُتفَق عليها، وقدَّم للمحكمة ما يتصل بهذا الأمر من وثائق بما في ذلك النسخة الأصليَّة والموثَّقة على نحو واف من صك رهن السفينة؛ وعلاوة على ذلك، ذهب مُمثل المحكمة في 28 ديسمبر 2015 إلى الأحواض الجافة العالميَّة بدبي، وأصدر إشعارًا بتوقيف السفينة، وحدد مُمثل المحكمة جلسة للمُطالبة بصحة الديون في 15 فبراير (شباط) 2016 وطلب رُبَّان السفينة لحضور الجلسة المذكورة.

حجج المُدَّعي عليه

i.                   دعوى المدعي:

دَفَع المُدَّعي عليه بوجوب رفض الدعوى بناء على سببين:

أولًا: لا تملك محكمة دبي الابتدائيَّة السلطة القضائيَّة للنظر في الدعوى حيث اتفق الأطراف في اتفاقيَّة بناء السفن على إحالة أي نزاع يتعلَّق بهذا الاتفاق أو ينشأ عنه إلى التحكيم في لندن، وبما أن تلك الدعوى ناشئة عن هذا الاتفاق؛ فليس لمحكمة دبي الابتدائيَّة السلطة القضائيَّة للنظر فيها، ثانيًا: لم يقدم المدعي طلبًا بالدعوى وفقًا للشكل الذي يتطلَّبه القانون بموجب المادة 119 و120 من القانون التجاري البحري بدولة الإمارات العربيَّة المُتحدة.

تنص المادة 119 من القانون التجاري البحري بدولة الإمارات العربيَّة المُتحدة على ما يلي:

1.      "تُسلَّم نسخ من إشعار التوقيف إلى رُبَّان السفينة أو نائبه في هذا الشأن، وتُقدَّم نسخة ثانية إلى السلطة البحريَّة المُختصة في الميناء الذي يُجرى فيه إدخال التوقيف إلى حيِّز التنفيذ لمنع السفينة من الإبحار، وتُقدَّم نسخة ثالثة إلى مكتب التسجيل في الميناء المذكور.

2.      إذا جرى تسجيل السفينة في الدولة؛ يقوم مكتب تسجيل الميناء الذي جرى فيه إدخال التوقيف إلى حيِّز التنفيذ، سواء كان ذلك خارج الدولة أو خارجها بإخطار مكتب تسجيل السفن بأمر التوقيف لإقراره والموافقة عليه من جانب مكتب التسجيل".

تنص المادة 120 من القانون التجاري البحري بدولة الإمارات العربيَّة المُتحدة على ما يلي:

1.      "يحتوي إشعار التوقيف على أمر استدعاء للحضور أمام المحكمة المدنيَّة المُختصة في المنطقة التي دخل فيها التوقيف حيِّز التنفيذ للفصل في صحة الدين مهما كانت قيمته.

2.      يُحدد ميعاد جلسة الإدلاء بالشهادة في موعد لا يتجاوز ثلاثين يومًا من تاريخ إخطار التوقيف، وتحقق المحكمة سريعًا في الدعوى، ولا يُمدد الوقت لفترات أخرى".

ii.                   صحة المُطالبة بالدين

وفي المقابل، دفع المُدَّعي عليه بوجوب رفض هذه الدعوى، حيث لم يُحدد مُمثِّل المحكمة جلسة لصحة المُطالبة بالدين في غضون 30 يومًا وفقًا للمادة 120 من القانون التجاري البحري بدولة الإمارات العربيَّة المُتحدة.

حكم محكمة دبي الابتدائيَّة

وجدت المحكمة أن المدعي لم يقدِّم طلبًا بالدعوى وفقًا للشكل الذي يتطلَّبه القانون بموجب المادتين 119 و120 من القانون التجاري البحري بدولة الإمارات العربيَّة المُتحدة، وبالتالي رفضت المحكمة ادعاء المدعي.

علاوة على ذلك، فقد رفضت المحكمة صحة المُطالبة بالدين، وبما أنه قد جرى رفض الدعوى الأساسية لعدم صحتها شكلًا ولم يثبت المدعي صحة المُطالبة بالدين.

التعليق:

تتمثَّل المُمارسة القانونيَّة بموجب قانون دولة الإمارات العربيَّة المُتحدة في أنه بمجرَّد إصدار أمر التوقيف المُتعلِّق بالسفينة، ينبغي أن تُقدَّم الدعوى الأساسية من جانب المدعي(المدعون) إلى المحكمة في غضون 8 أيام من تاريخ إصدار أمر التوقيف المُتعلِّق بالسفينة وفقًا للمادة 255 من قانون الإجراءات المدنية، وإلا فسيُعتبر أمر التوقيف لاغيا؛ وعلاوة على ذلك، لم تُتَّبَع الإجراءات الواردة في المادتين 119 و120 من القانون التجاري البحري بدولة الإمارات العربيَّة المُتحدة من جانب محاكم دولة الأمارات العربيَّة المُتحدة.

وقد جرى الدفع مُسبقًا بوجوب رفض المُطالبات التي جرى تقديمها بعد الحصول على أمر التوقيف بفترة 8 أيام، ويُعتبر أمر التوقيف لاغيًا لعدم اتباع الإجراءات المنصوص عليها في المادتين 119 و120 من القانون التجاري البحري بدولة الإمارات العربيَّة المُتحدة. وعلى الرغم من ذلك، فقد تجاهلت محاكم دولة الإمارات العربيَّة المُتحدة تلك الدفوع القانونيَّة، وقضت بأن ذلك الأمر لن يؤدي إلى إبطال أمر التوقيف.

ومع ذلك، فيبدو أن محاكم دبي قد غيَّرَت نهجها وبدأت في تطبيق الإجراءات المنصوص عليها في المادتين 119 و120 من القانون التجاري البحري بدولة الإمارات العربيَّة المُتحدة؛ وعلاوة على ذلك، سترفض محكمة دبي الدعوى الأساسية التي جرى تقديمها في غضون 8 أيام من تاريخ أمر التوقيف إن لم يتم الوفاء بتلك الإجراءات عند توقيف السفينة.

يجوز اتباع نهج محكمة دبي من جانب محاكم أخرى في الإمارات العربيَّة المُتحدة مُستقبلًا، ومن ثمَّ فمن المُستحسن دائمًا أن يُطلَب من محاكم دولة الإمارات العربيَّة المُتحدة تطبيق الإجراءات المنصوص عليها في المادتين 119 و120 من القانون التجاري البحري بدولة الإمارات العربيَّة المُتحدة عند تقديم طلب توقيف السفينة، ولمُضاعفة التحقق من الوفاء بتلك الإجراءات من جانب مُمثِّل المحكمة.

وعلى الرغم من ذلك، فتجدر الإشارة إلى أن هذا الحكم ليس نهائيًّا، وأن المدعي قد قدَّم استئنافًا إلى محكمة الاستئناف بدبي ينقض فيه هذا الحكم.

© Al Tamimi & Company 2016