04 06 2016

مع ضعف الانتاج غير التقليدي في أميركا وكندا

يبدو أن الحديث عن الاستمرار في عدم اليقين uncertainty ما يجري بشأن وضع سوق النفط العالمية بعد اجتماع منظمة أوبك الاخير في الثاني من حزيران الحالي قد لم يكن يجانب الحقيقة رغم معطيات الأسابيع الأخيرة التي جلبت بعض التفاؤل للمنتجين وعدم القلق لدعاة توازن السوق.

وفي سؤال لـ «الصباح» وجه لخبير الطاقة الدولي مصطفى عبد الحسين عن إمكان المنظمة فعل شيء ما خارج التوقع ؟ بين انه من خلال اجتماعات أربعة عقدتها المنظمة منذ هبوط الأسعار في حزيران 2014 كان إصرار اللاعب الأكبر في المنظمة وهي السعودية حول الحفاظ على حصة المنظمة قد آتى أكله ولكن بجانبه السلبي وتسبب بضرر لاقتصادات بعض الدول المنتجة.
 
ولفت الى انه في مقابل ذلك أدّى الى ضعف إنتاج النفط غير التقليدي unconventional في الولايات المتحدة وكندا، وهبوط عدد الأبراج العاملة في القارة الأميركية الشمالية من 2000 الى 316 وربما تكون المنظمة قد خرجت عن المبادئ التي كرست نفسها لها منذ اجتماع التأسيس في بغداد ستينيات القرن الماضي بسياستها الجديدة التي طرأت منذ الهبوط الأخير عندما لم تحفظ حق المنتجين بعوائد ثابتة steady incomes  ، وكذلك تمتع الشركات الاستثمارية في القطاع النفطي بمردودات رأسمالية عادلة fair return on capital  ،

سياسة جديدة

عبد الحسين تابع: وتكون بذلك قد رضخت لمشيئة الدول الغنية داخلها لتمرير السياسة الجديدة التي قد تنعكس عليها سلباً في المنظورين المتوسط والبعيد إن لم تأخذ بسياسة صارمة لتنويع الاقتصاد، كما أنها (أي تلك السياسة) باتت تخل بالتزامات استقرار السوق، وتوفير عرض آمن وفعال وسليم اقتصادياً ومنتظم للدول المستهلكة دون سياسة إغراق السوق السائدة حالياً (بتجاوز سقف الـ 30 مليون برميل يومياً المخصص حسب الاتفاقات السابقة الى أكثر من 32 مليوناً).

وقال: كان يعقب كل اجتماع وزاري (بعد الدورة الحالية الهابطة سعرياً منذ حزيران 2014) نزولاً مفاجئاً لا يسر المنتجين بسبب سياسات جبهة المحافظين على الحصة السوقية
للمنظمة، ولكن يبدو أن ثمة عوامل وقتية ( تدهور الإنتاج في كل من ليبيا ونيجيريا والأزمة الاقتصادية المتفاقمة في فينزويلا، وكذلك التصاعد غير المتوقع للإنتاج الإيراني وثبات وإدامة ونمو إنتاج العراق، وهذه كلها عوامل فاعلة حالياً قد ترفع أسهم دول وتحط من قيم أخرى داخل المنظمة ).

واشار الى ان هذه العوامل وغيرها قد تؤثر في المدى المنظور وربما البعيد في ضبط وإدامة سياسة التقرب من الاستقرار بين العرض والطلب التي قد نبلغها نهاية العام الحالي أو منتصف القادم حسب توقعات عديد من المحللين. فرغم الخلاف السعودي الإيراني الذي يبدو أنّ دوافعه السياسية قد غلبت جوانب أخرى كمصلحة المنظمة ،هناك ثمة ما يجلب التفاؤل بدخول روسيا على خط التفاهم بين المنتجين بعد اجتماع الدوحة الذي بدت نتائجه إيجابية رغم عدم العودة الى إنتاج كانون الثاني من العام الحالي الذي فشلت الدول المجتمعة في الاتفاق بشأنه.

ضبط السوق

وتوقع عبد الحسين ان تلعب روسيا دوراً في تقريب وجهتي النظر المختلفتين وقد ينفع تحالفها مع إيران في مزيد من الضغط على السعودية، وربما للمشاركة في رسم سياسات جديدة لجبهة الدول المنتجة، فالأمر يخضع لحقيقة الديناميكية الجديدة التي توفرت للمنظمة بقوة ونجاح لي ذراع النفط التقليدي الذي صار كابوساً يقلق المنظمة التي كانت تتمتع لوحدها في ضبط السوق وتوجيه مساراته لولا تدخل الأخير منذ فترة، مشيرا الى انه رغم ما سبق إلا أنّه لا يمكن التعويل على تغيير مفاجئ في سياسات السوق وتوازناته خلال أو بعيد الاجتماع.

الدورات المخيفة

وبين أن السعودية تبنت سياسة النفس الطويل النفطية التي تتناغم مع خططها للعشرين سنة القادمة لبناء سياسة اقتصادية جديدة ضمن رؤية طرحتها أخيراً في عدم التعويل على النفط مصدراً وحيداً للدخل ( وذلك ما ينبغي إتباعه منذ البدء لجميع الأعضاء المنتجين لتجنب الدورات المخيفة للأسعار وعدم مواجهة كوارث الاقتصاد الريعي لحماية ناتج وطني محلي مُتعدد المصادر) ، ومن المهم أن لا ترضخ بقية دول المنظمة للسياسة الريعية وأن لا تضعف أمام سياسات اللاعبين الكبار فيها واستخدام هؤلاء الاقتصاد ورقةً في إضعاف بقية الشركاء، وبذلك توجد الظروف الموضوعية لحماية مصالح مواطنيها ولا تجعلها عرضة لتقلبات أسعارالسوق.  

ويمكن القول إن اجتماع فيينا في الثاني من الشهر الجاري لم يكن نسخة مكررة لثلاثة اجتماعات سابقة منذ الهبوط السعري في حزيران 2014 ، بل قد يحمل إشارات ناجحة من اجتماع الدوحة بوجود ظروف عالمية جديدة لن تسمح بهزيمة المنتجين، وأنّ هناك أوراقا عديدة بالإمكان استخدامها لحماية مصالحهم وضمان تدفق آمن ومربح للخام والوصول للتوازن المطلوب وفق مبادئ المنظمة المعلنة، إذ أحياناً لا يعيد التأريخ تكرار أحداثه عكس ما كان يحلو للبعض أن يقول.

© Al Sabaah 2016