PHOTO
23 07 2016
مطالبات بفرض جزاءات لمحاسبة مخالفي أوامر وقرارات حماية مال الدولة
مضى أكثر من 16 عاماً على الأمر السامي القاضي بدراسة حماية المال العام عبر تشكيل لجنة خاصة لتنفيذ الأمر السامي وتشريع نظام يختص بوقاية هذا المال وتجريم الاعتداء عليه وتحديد العقوبات اللازمة لمخالفة أحكامه، ودراسة مشروع نظام حماية الأموال العامة ومكافحة سوء استخدام السلطة، المقترح من هيئة الرقابة والتحقيق، ومازال المشروع متعثراً في الجهات التشريعية.
وغير بعيد من ذلك، لم تخلُ تقارير هيئتي الرقابة والتحقيق ومكافحة الفساد من المطالبات بإنجاز هذا المشروع وتضمينه جزاءات كافية لمساءلة ومحاسبة جميع من يخالف الأوامر السامية والقرارات والتعاميم المتعلقة بحماية المال العام، ومواكبة دعم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لأجهزة الرقابة وتعزيز دورها وتمكينها من القيام بدورها على خير وجه في حماية المال العام ومحاسبة المقصرين والإسهام في القضاء على مظاهر الفساد، كما أن الشورى أكد أهمية إصدار نظام يحمي المال العام، رافضاً عبر تقرير لجنة الإدارة الاحتجاج بكفاية وجود لوائح وأنظمة وتعليمات تتضمن التصرف بالمال العام، مؤكداً أن تبعثر هذه النصوص في تلك المصادر أضعف الجانب الوقائي لحماية المال العام.
فصل إساءة استعمال السلطة
حكاية تعثر نظام حماية المال العام تروي تفاصيلها" الرياض" في هذا التقرير حيث أقر مجلس الشورى في الرابع والعشرين من شهر صفر عام 1426 نظام مكافحة الاعتداء على المال العام وإساءة السلطة ثم أعيد إليه للرد على التباين الذي حدث بينه وبين مجلس الوزراء فأقر الشورى النظام في الرابع عشر من شهر صفر عام 1428، بعد ذلك اقترحت وزارة الداخلية فصل الأحكام المتعلقة بحماية المال العام عن أحكام اساءة استعمال السلطة، فتم وضع أحكام حماية المال بنظام مستقل، وأحيلت أحكام اساءة استعمال السلطة إلى هيئة الرقابة والتحقيق لدراسته مع وزارة الداخلية وإعداد مشروع نظام خاص بذلك.
الشورى يعيد النظام للمربع الأول
وبعد أن ناقش مجلس الشورى نظام حماية المال العام وتقرير لجنة الإدارة والموارد البشرية في الثامن عشر من محرم العام الماضي قرر سحب المشروع من الإدارة والموارد وتشكيل لجنة خاصة لدراسته رغم إمضاء الشورى نحو عشرة أعوام في دراسة النظام ومعالجة تباينه مع مجلس الوزراء، وهو مايعني إعادته للمربع الأول في الأنظمة وهو الدراسة والتشريع حتى وإن استفادت اللجنة من مشروع لجنة الإدارة وبالتالي تأخر حسم نظام لحماية المال العام الذي تنتظره هيئة مكافحة الفساد.
انهاء الدراسة
إذاً مجلس الشورى هو آخر المحطات التشريعية التي توقف عندها النظام وتحديداً هيئته العامة التي تسلمت في رجب الماضي حسب تأكيد مصادر"الرياض" التقرير النهائي للجنة الخاصة وتضمينه مشروع النظام الجزائي للاعتداء على المال العام بعد أن أمضت بدراسته أكثر العام ونصف العام لكن الهيئة لم تناقش التقرير ولم تتم إحالته لأمانة المجلس لتجدوله ضمن بنود أعمال الجلسات الأسبوعية، وبدأت الاجازة السنوية للأعضاء السادس من شوال الحالي وتمتد حتى منتصف ذي الحجة المقبل دون حسم ملف مشروع حماية المال العام، وبعد عودة استئناف الجلسات فلن يبقى سوى 15 جلسة عن انتهاء السنة الرابعة والأخيرة لأعمال الدورة الشوريَّة السادسة لتبدأ في الثالث من ربيع الأول المقبل السنة الأولى للدورة السابعة.
ديوان المراقبة محذراً
مطالبات متعددة بسرعة تشريع نظام لحماية المال العام من قبل الجهات الرقابية يقابله تعثر مستمر شارك فيه مجلس الوزراء عبر هيئة الخبراء ومجلس الشورى ومازال ديوان المراقبة العامة مستمراً في الشكوى من ارتكاب العديد من الجهات المشمولة برقابته مخالفات وتجاوزات مالية رغم صدور قرارات سامية بشأنها، وعدم معالجتها لهذه المخالفات وتكرارها مما أشغل الديوان في متابعتها واضطراره إلى إدراجها في تقاريره عام بعد عام وعلى مدى 13 عاماً منذ كان آخرها 1435، وقد ترتب على ذلك الحد من قدرة الديوان على التوسع في عمليات المراجعة المالية ورقابة الأداء، كما لم تخلُ تقارير هيئتي الرقابة والتحقيق ومكافحة الفساد من المطالبات بإنجاز هذا المشروع ليضمن جزاءات تكفي لمساءلة ومحاسبة جميع من يخالف الأوامر السامية والقرارات والتعاميم الخاصة بحماية المال العام.
ملامح النظام الجديد
من جهته، وفي تصاريح سابقة لــ"الرياض" أكد د. سعيد الشيخ رئيس اللجنة الخاصة المشكلة قبل نحو عامين لدراسة مشروع النظام الجزائي للاعتداء على المال العام بعد تعثر مرور المشروع المقدم من لجنة الإدارة والموارد البشرية، الانتهاء من مرحلة الدراسة وجاهزية النظام لتقديمه للمجلس، مشيراً إلى أن الدراسة استوفت الجوانب الوقائية لحماية المال العام إلى جانب الجزائية والتدرج في العقوبات كما أدخلت في مواد النظام مايخص إقرار الذمة المالية للوزراء ومستويات وظيفية معينة، كما شدد على التحري في حالات الاشتباه، كما اعتمدت اللجنة تعريفات أدق للاختلاس والاستيلاء والاحتيال والشروع لتوضيح الجرم بشكل واضح، وفصلت العقوبات لكل حالة وركزت على توصيفها أكثر لتساعد المحكمة الجزائية في تحديد العقوبة التي تضمنت حبس الحريات السجن والغرامة المالية.
الضبط والتبليغ والعقوبات
وبينت الدراسة التي دعت اللجنة إليها عدة جهات للاستماع لرأيها ومالديها كديوان المراقبة العامة وهيئة التحقيق والإدعاء العام وهيئة مكافحة الفساد ووزارة المالية وجهات أخرى كما استأنست برأي قانونين من داخل وخارج الشورى، وحددت اللجنة في دراستها جهات الضبط والتبليغ والتحقيق وأيضاً العقوبات التبعية كبيان عودة الموظف بعد ثبوت جرمه وغير ذلك، وتفصيل حالات وأحكام الشروع والمبلغ الشريك في الجريمة.
مكافحة الفساد المالي
وكانت لجنة الإدارة والموارد البشرية التي سحب منها المشروع وأحيل للجنة خاصة قد بذلت في مرحلة الدراسة لنظام مشروع النظام الجزائي للاعتداء على المال العام ومعالجة التباين مع مجلس الوزراء، جهدها في دراسة المشروع وأجرت تعديلات على عدة مواد في مشروع النظام الجزائي للاعتداء على المال العام بعد ان لاحظت خلو النظام من نصوص لحماية ووقاية المال العام من الاعتداء عليه واقتصاره على أحكام تتعلق بتجريم حالات الاعتداء وتقرر عقوبات لتلك الجرائم، مؤكدةً ان مكافحة الفساد المالي تتطلب تلافي الفراغ التنظيمي المتمثل في عدم وجود نظام شامل لحماية المال يتضمن الأحكام الجزائية والوقائية.
© صحيفة الرياض 2016