تعتزم الشركة القابضة للصناعات الكيماوية المصرية الحكومية، طرح مناقصة لاختيار مقاول لتطوير شركة الدلتا للأسمدة التابعة لها، ويُتوقع أن يتم هذا خلال الربع الأول من 2025، وفق عماد الدين مصطفى، الرئيس التنفيذي للشركة القابضة للصناعات الكيماوية لزاوية عربي.

ويأتي هذا التصريح في وقت تدرس فيه الحكومة المصرية طرح شركة الدلتا للأسمدة في البورصة، ضمن برنامج للطروحات لتحسين التدفقات الدولارية، فيما تبحث الشركة عن مستثمر استراتيجي لمساعدتها في خطة للتطوير تسهل تحولها للربحية.

وقد بدأت الشركة بالفعل بعمليات التطوير، وانتهت من المرحلة الأولى التي تضمنت تقييم الحالة الفنية لخطوط الإنتاج والمعدات، فيما تعمل حاليا لتنفيذ المرحلة الثانية.

وتتضمن المرحلة الثانية، تصميمات العمليات الإنتاجية والتكنولوجيا اللازمة للتشغيل بالتعاون مع شركة ألمانية متخصصة في إنتاج الأمونيا وشركة هولندية متخصصة في إنتاج اليوريا، ويتوقع الانتهاء منها بنهاية 2024. واليوريا والأمونيا هي مواد كيميائية أساسية في إنتاج الأسمدة.

وبحسب مصطفى "ثم تأتي المرحلة الثالثة وهي طرح مناقصة لاختيار مقاول للتنفيذ، ومن المتوقع أن يتم الطرح خلال الربع الأول من 2025".

وقد تم التعاقد مع بنك الاستثمار المصري الأهلي فاروس للترويج لمستثمر أو تحالف استثماري للمساهمة في تطوير وإعادة تشغيل شركة الدلتا للأسمدة عن طريق رفع رأس مال شركة الدلتا للأسمدة بالقيمة العادلة.

وعملية تطوير الشركة تتم بشكل منفصل عن دراسة طرحها في البورصة.

خلفية سريعة عن برنامج الطروحات

أعلنت مصر عن برنامج طروحات حكومية قبل عدة سنوات لكنها لم تنفذ منه الكثير، وعوضا عن ذلك أبرمت اتفاقيات مع صناديق سيادية خليجية، قبل أن تعود مرة أخرى للبورصة. وأعلن البنك المركزي المصري في سبتمبر، نيته طرح حصة من المصرف المتحد المملوك له في البورصة مطلع 2025.

وحسب تصريحات صحفية لوزير قطاع الأعمال العام محمد شيمي، هذا الشهر، تدرس الوزارة طرح حصص من شركات تابعة لها في البورصة، بينها شركة الدلتا للأسمدة، بدون ذكر تفاصيل.

وتأسست شركة الدلتا للأسمدة عام 1998 وهي مملوكة بشكل كامل للشركة القابضة للصناعات الكيماوية الحكومية. والدلتا للأسمدة متوقفة عن العمل منذ نحو أربعة أعوام ما كبدها خسائر بقيمة 309 مليون جنيه (6.3 مليون دولار) في العام المالي 2022-2023، الذي انتهى في يونيو 2023، بزيادة نحو 29% على أساس سنوي، وفق بيانات رسمية.

وفي حال طرحها في البورصة ستنضم الدلتا للأسمدة، لشركتي أبوقير للأسمدة ومصر لإنتاج الأسمدة موبكو، وهما من أكبر منتجي الأسمدة في مصر. 

وتعد الأسمدة من أبرز السلع التي تصدرها مصر، وبلغت صادرات الأسمدة لعام 2023 نحو 2.6 مليار دولار، وفق محمد مجيد، المدير التنفيذي للمجلس التصديري للصناعات الكيماوية والأسمدة، في بيان صدر عن المجلس هذا الشهر.

الطرح المرتقب

من المرجح أن يكون قطاع الأسمدة في مصر جاذبا للاستثمار، خاصة بعد الاستحواذات الخليجية على أسهم في شركات مماثلة، وبدعم إمكانات زراعية قوية في مصر مع تكاليف إنتاجية أقل نسبيا مقارنة بدول أخرى، حسب رانيا جول، محللة أولى لأسواق المال في XS.com للخدمات المالية، لزاوية عربي.

واستحوذت صناديق سيادية خليجية مؤخرا على حصص في شركتي أبو قير للأسمدة ومصر لإنتاج الأسمدة موبكو ضمن برنامج الطروحات، وهما شركتان مدرجتان في البورصة المصرية.

وتمتلك الشركة السعودية المصرية للاستثمار التابعة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي 24.8% من موبكو، ونحو 20.4% من أبو قير للأسمدة، وفق أحدث بيانات متاحة.

كما تمتلك ألفا اوريكس التابعة لـ القابضة ADQ - وهي شركة استثمارية قابضة بمثابة صندوق سيادي في أبوظبي - نحو 20% من موبكو، ونحو 21.5% من أبو قير للأسمدة.

وقالت جول، إن النمو في الطلب على الأسمدة في الأسواق الإقليمية مثل إفريقيا والشرق الأوسط قد يدفع المستثمرين الخليجيين إلى الاهتمام بشركات مثل "الدلتا للأسمدة" التي لديها إمكانيات للتوسع الإقليمي، خاصة مع استراتيجية لتنويع استثمارات الشركات الخليجية بعيدا عن النفط والغاز.

وعلى صعيد محلي، من المتوقع أن يسهم الطرح المرتقب في جذب الاستثمارات المحلية والدولية، خاصة أن القطاع الزراعي يحظى بدعم كبير في ضوء النمو السكاني والاحتياج المتزايد للأغذية، حسب جول.

وتشير المحللة إلى أن الطرح سيساهم في تعزيز الاستثمارات وجذب رؤوس الأموال ما يساعد في تمويل التوسع وتحسين البنية التحتية والتكنولوجيا الخاصة بالشركة، ما "يٌمكن أن يدعم خطط التطوير وزيادة الإنتاج".

منافسة وفرص

رغم العوامل الجاذبة للقطاع وفرص نمو الشركة، تواجه صناعة الأسمدة في مصر منافسة من السعودية والإمارات.

وقالت المحللة، إن الشركات المحلية ستكون في حاجة إلى الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة لتحسين الإنتاجية وتقليل التكاليف، لمواكبة الاستثمارات الكبيرة في هذا المجال بالسعودية والإمارات.

وعلى صعيد الاقتصاد الكلي، ترى المحللة أن ارتفاع أسعار الطاقة وتكاليف المواد الخام - التي عادة ما تتأثر بتغيرات سعر الصرف - قد تشكل تحدي أمام توسعات قطاع الأسمدة، لذا "قد تحتاج مصر إلى التركيز على تحسين الكفاءة الإنتاجية لمواكبة المنافسة".

وعانت الشركات خلال السنوات الأخيرة من أزمة اقتصادية في مصر بسبب شح الدولار، ما دفع الحكومة للاتفاق على تمويل مع صندوق النقد الدولي، كانت مرونة سعر الصرف أبرز مطالبه ما جعل المركزي المصري يسمح بمزيد من مرونة تحرك العملة عدة مرات.

وفي مارس الماضي ارتفع الدولار إلى نحو 49.5 جنيه في البنوك من 30.9 جنيه، ومؤخرا في أغسطس عاد الدولار إلى مستوى 49 جنيه في السوق الرسمية قبل أن يعود للتداول حول 48.5 جنيه في المتوسط.

"رغم المنافسة، هناك فرص للتعاون مع الشركات السعودية والإماراتية من خلال استثمارات مشتركة أو استحواذات خليجية على شركات أسمدة مصرية. هذا التعاون يمكن أن يساعد على تحقيق تكامل بين الدول في تصدير الأسمدة إلى الأسواق الإقليمية والعالمية،" وفق جول.

(إعداد: شيماء حفظي، للتواصل: zawya.arabic@lseg.com)

#تحليلسريع

للاشتراك في تقريرنا الأسبوعي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية والسياسية، سجل هنا