PHOTO
من محمد مخشف
عدن 2 يونيو حزيران (رويترز) - بلغ استياء أزال محمد مبلغه لتكرار انقطاع الكهرباء لساعات طوال في مدينة عدن الساحلية بجنوب اليمن في وقت ترتفع فيه درجات حرارة الطقس بشدة.. مما دفعه هو وآخرين لقطع الشوارع وإحراق الإطارات احتجاجا.
يبدي محمد -وهو في الثلاثينات من العمر- استياءه الشديد من سلبية حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي ويرى أن الوزراء يغطون في نوم عميق في مقار إقامتهم بالرياض بينما يموت سكان عدن ببطء من شدة الحر.
ورغم أن عدن كانت من أوائل مدن الخليج التي دخلت إليها الكهرباء بنهاية القرن التاسع عشر عندما كانت تحت الحكم البريطاني -وهو ما أدخل إليها الكثير من مقومات الحياة المدنية- يعاني أهلها اليوم الأمرين مع ارتفاع درجات الحرارة إلى أكثر من 42 درجة مئوية.
قال محمد لرويترز "عدن تعيش هذه الأيام أسوأ أيامها. حتى أيام الحرب التي شنتها قوات الحوثيين والرئيس السابق (علي عبد الله) صالح على عدن في أبريل العام الماضي لم يكن الوضع كما هو حاليا."
وقال مواطن آخر يدعى صلاح المبارك إن أزمة الكهرباء الحالية "أظهرت عجز وفشل إدارة الرئيس هادي وحكومته لعدن والمحافظات الجنوبية المحررة من قوات الحوثيين في يوليو 2015."
وتفاقمت أزمة الكهرباء في عدن جراء انعدام الوقود الذي يدير محطات التوليد مما جعل المواطن يحصل على طاقة كهربائية بمعدل ساعة كل خمس ساعات أي أنه يحصل عليها لمدة أربع ساعات تقريبا فقط خلال اليوم.
وكان سكان المدينة يتوقعون عقب تحريرها من قوات الحوثيين وصالح مكافأتهم بإصلاح التيار الكهربائي كأحد أهم الاحتياجات التي ينشدون تلبيتها. لكن آمالهم ذهبت أدراج الرياح في ظل عجز هادي وحكومته عن إدارة الأمور بالشكل المطلوب.
وتساءلت أم علاء وهي أم لعشرة أبناء "إلى متى هذا التسيب واللامبالاة بأرواح الناس؟ الناس يموتون والسبب الكهرباء... لقد طفح الكيل." وطالبت برحيل الرئيس وحكومته.
* وفيات واستغاثة المستشفيات
وجهت عدد من مستشفيات عدن نداء استغاثة إلى الرئيس والحكومة والسلطات بإنقاذ الحالات الموجودة في غرف العناية المركزة.
وجاء في خطاب رسمي وجهته بعض من أكبر مستشفيات عدن للرئيس وحكومته أن المرضى مهددون بالموت بسبب توقف مصنع إنتاج الأكسجين نتيجة أزمة المشتقات النفطية بالمدينة.
وقالت مصادر طبية في مستشفى الجمهورية الحكومي إن عدد الوفيات بسبب انقطاع الكهرباء في عدن ارتفع حتى يوم الثلاثاء إلى تسعة مدنيين في حين أبلغت مستشفيات خاصة بنفاد مادة الأكسجين محذرة في بيان صحفي "من كارثة صحية في المدينة".
وأشارت المصادر إلى أن غالبية المتوفين من النساء والمسنين من مرضى السكر والضغط والأمراض التنفسية.
وناشد الخضر لصور مدير الصحة بمدينة عدن الرئيس ورئيس الوزراء ومحافظ عدن ووزير الصحة العامة بسرعة التدخل المباشر نظرا لخطورة الوضع.
* قطع للشوارع وغضب عارم
دفعت أزمة الكهرباء الكثير من أبناء عدن إلى قطع الشوارع الرئيسية في المدينة احتجاجا على انقطاع التيار لفترات طويلة. كما شهدت المدينة شغبا وفوضى حيث اقتحم مواطنون المحطة التحويلية بمدينة كريتر واقتحم البعض محطة كهرباء خورمكسر وأطلق البعض أعيرة نارية على مبنى المؤسسة في حجيف.
ويتوقع مراقبون محليون المزيد من أحداث الشغب مع بلوغ درجة الحرارة 40 درجة في ساعات الظهيرة وأيضا مع تراجع توليد الكهرباء نظرا لعدم توفر قطع الغيار والزيوت والمحولات وغيرها من المتطلبات.
من ناحية أخرى تعاني عدن أزمة خانقة في المشتقات النفطية أجبرت العديد من محطات الوقود على الإغلاق.
ويشكو المواطنون من أن نقص المشتقات وخاصة الديزل والبنزين دفع أصحاب سيارات الأجرة إلى رفع الأسعار بنسبة 50 في المئة. وضعفت حركة السيارات بالشوارع بشكل ملحوظ.
وتفاقم الوضع مع انقطاع إمدادات المياه عبر الشبكة العامة بسبب عدم تزويد محطات الضخ بالوقود.
وأرسلت الإمارات يوم الاثنين باخرة محملة بمعدات ومولدات كهرباء لدعم قطاع الكهرباء في عدن. والإمارات أحد أهم دول التحالف العربي الذي تقوده السعودية لدحر المتمردين الحوثيين وإعادة هادي للحكم.
* "الوضع كارثي"
قال مدير كهرباء عدن الجديد أمجد محمد حمودي إن محطات الكهرباء مهددة بالتوقف خلال أيام معدودة إذا لم تسارع السلطات بتوفير الوقود.
وأكد مصدر مسؤول في محطة الحسوة في عدن أن المحطة ستتوقف بشكل كامل غدا الجمعة بسبب نفاد وقودها من المازوت.
ويتهم مسؤولون أطرافا في الحكومة بالوقوف وراء تعثر معالجة التيار الكهربائي في محاولة لإثارة الشارع ضد السلطة المحلية في المدينة.
وترفض الكثير من القوى اليمنية وجود قيادات جنوبية على هرم السلطة في عدن وتعتقد أن الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي قد تدفع الناس للخروج والمطالبة بسلطات بديلة.
وقال مسؤولون محليون إن الحكومة تأخرت في إيصال الدعم الخاص بالكهرباء في عدن وإن هناك أطرافا لا تريد معالجة هذه المشكلة.
ويفترض أن تغذي عدن ثلاث محطات رئيسية هي الحسوة والمنصورة وخور مسكر. لكن مع عجز السلطات الحكومية والمحلية عن توفير الوقود خرجت محطتا خور مكسر والمنصورة عن الخدمة بينما أصبحت محطة الحسوة تنتج أقل من 40 ميجاوات يوميا أي ما يقارب 25 بالمئة من الطاقة الإجمالية للتوليد المطلوبة لعدن والتي تقدر بنحو 345 ميجاوات.
ووجه حمودي رسالة إلى هادي وحكومته قائلا "استلمت مهمتي قبل يومين ولكن الوضع الذي استلمته كارثي بكل المقاييس."
(تحرير أمل أبو السعود للنشرة العربية)