02 06 2016
الفالح يزور مقر "المنظمة" ويجري مباحثات مع وزراء النفط والطاقة الأعضاء
تنطلق اليوم في العاصمة النمساوية فيينا أعمال الدورة 169 العادية من الاجتماع الوزاري لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" وسط حالة من الترقب في الأسواق للنتائج التي سيسفر عنها الاجتماع، وإن كانت أغلب التوقعات تميل إلى بقاء سياسات "أوبك" الإنتاجية دون تغيير خاصة في ضوء المكاسب السعرية التي تحققت أخيرا.
ويعلق البعض آمالا على استئناف بحث قضية تجميد الإنتاج التي حدث إخفاق في نجاحها خلال مفاوضات الدوحة بين كبار المنتجين في نيسان (أبريل) الماضي، وقد سبقت إيران بدء الاجتماع بالإعلان عن عدم الالتزام بأي قرار لتثبيت إنتاج النفط بما قد يقوض مبكرا تحقيق أي تقدم في هذا الملف في ضوء تمسك دول الخليج بقيادة السعودية بضرورة انضمام إيران لأي مبادرة للمنتجين بشأن تجميد الإنتاج.
وفيما صرح وزير الطاقة القطري بأن سوق النفط تظهر اتجاها إيجابيا نحو استعادة التوازن، أكد وزير النفط الأنجولي أن 60 دولارا للنفط ستكون سعرا جيدا لبلاده، وعلى الرغم من وصول المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية إلى فيينا منذ الإثنين الماضي إلا أنه فضل عدم الإدلاء بتصريحات صحفية قبل بدء اجتماعات "أوبك" وفي نفس الوقت ركز الفالح على إجراء اتصالات مكثفة مع جميع الوزراء والهيئات المعنية بسوق الطاقة.
وفي هذا الإطار، زار الفالح مقر "أوبك" في فيينا والتقى أمينها العام عبدالله البدري والهيئة الإدارية للمنظمة في زيارة رجحت بعض المصادر أنها تستهدف بحث أوضاع المنظمة وترتيبات الأمور الإدارية خاصة مع انتهاء فترة البدري وتولي أمين عام جديد في تموز (يوليو) المقبل.
الأسواق تترقب اجتماع "أوبك" اليوم وسط آمال بتراجع تخمة المعروض. «الفرنسية»والتقى الفالح عددا من وزراء النفط والطاقة من دول "أوبك" في مقر إقامته في فندق جراند حياه الشهير في وسط العاصمة، وكان من أبرز الوزراء الذين زاروه وزير الطاقة الفنزويلي إيولوجيو ديل بينو، وهو ما فسره المراقبون بتحركات مكثفة من قبل فنزويلا لدفع مفاوضات تجميد الإنتاج لتحقيق مزيد من الدعم للأسعار خاصة في ضوء الأزمة الاقتصادية في البلاد.
وقال لـ "الاقتصادية"، وزير الطاقة الفنزويلي، "إن مباحثاته مع نظيره السعودي كانت مميزة، حيث غلب عليها التفاهم حول كل القضايا الرئيسية التي تمس سوق النفط"، مشيرا إلى أن الفترة المقبلة ستشهد كثيرا من جهود التنسيق والتعاون بين السعودية وفنزويلا.
من جانب آخر، تحتل قضية خلافة عبدالله البدري مناقشات واسعة في أروقة وكواليس التحضير للاجتماع الوزاري، حيث ازدادت التكهنات حول فرص المرشح النيجيري محمد باركيندو الذي اعتبره كثيرون الأوفر حظا نظرا للحاجة إلى مرشح توافقي بين الدول الأعضاء.
في سياق متصل، شاركت شركة "أرامكو" إلى جانب عدد من كبريات شركات الطاقة في العالم مثل "إكسون موبيل" و"توتال" و"أو إم في" ومؤسسة البترول الكويتية في أعمال مؤتمر ومعرض الجمعية الأوروبية للمهندسين والجيولوجيين في دورته 78 المنعقدة حاليا في فيينا، التي تختتم أعمالها اليوم، حيث شهد المؤتمر عدة جلسات وورش عمل حول قضايا الطاقة والتحديات التي تواجهها الاستثمارات في ضوء تقلبات السوق.
وحظي جناح "أرامكو" باهتمام وتقدير واسع من رواد المعرض وتضمن شروحا وافية عن أهداف وتوجهات الشركة ودورها في مجال الطاقة حاليا ومستقبلا، وأوضح نائب رئيس "أرامكو" في رسالة عرضها جناح الشركة في المعرض أن مواجهة تحديات سوق الطاقة وحالة عدم اليقين في الاقتصاد الدولي تتطلب إدارة حكيمة ومتميزة وقرارات سليمة وصائبة وقدرات بشرية عالية التأهيل وذات مهارات رفيعة، مضيفا أن "العنصر البشرى في "أرامكو" هو أغلى وأهم أصول الشركة، وأن الاستثمار فيه يؤمن مستقبلا أفضل للشركة وهو ما تعطيه "أرامكو" أهمية قصوى في كل مجالات الشركة وأنشطتها في الموارد المختلفة".
من جانبه، قال لـ "الاقتصادية"، جوي بروجي مستشار شركة "توتال" العالمية للطاقة، "إن أجواء متفائلة تسبق الاجتماع الوزاري لمنظمة "أوبك"، حيث تسير السوق بخطى متسارعة نحو استعادة التوازن"، مشيرا إلى أن تراجع إنتاج دول خارج "أوبك" كان تطورا جيدا أعاد إلى سوق النفط الخام زخمها، مؤكدا أن التوقعات تتنامى خاصة مع تحسن مستويات الطلب العالمي.
وأشار بروجي إلى أن دول الخليج تتمتع بتفاهم وتنسيق واسع ويمكن أن تقدم كثيرا لدعم السوق خلال هذا الاجتماع، كما أن هناك اتصالات وتعاونا مع المجموعة الإفريقية ومجموعة أمريكا اللاتينية، لافتا إلى أن الصعوبة الأبرز ستظل في الموقف الايراني الذي يرفض مسبقا أي مفاوضات حول ضبط المعروض النفطي على الرغم من تحقيقه مستويات قياسية في النمو في الشهور الماضية.
وأوضح لـ "الاقتصادية"، لاديسلاف جانييك مدير شركة سلوفاكيا للنفط "سلفونفط"، أن كثيرا من القضايا المهمة على أجندة اجتماع "أوبك" وربما لن تكون الأسعار من بينها نظرا لصدق توقعات المنظمة باستعادة التوازن تدريجيا وتلقائيا.
وبحسب تقدير جانييك فإن قضية دعم الاستثمارات لتأمين الإمدادات وتوازن العرض مع الطلب ربما تحتل أهمية وأولوية خاصة إلى جانب تفعيل الحوار بين المنتجين والحفاظ على وحدة المنظمة ودورها المؤثر في دعم استقرار السوق.
وأشار لـ "الاقتصادية"، رينيه تسفانبول مدير شركة "طاقة" في هولندا، إلى أن التغييرات التي جرت في وزراء الطاقة والتغيرات المرتقبة في إدارة "أوبك" سيكون لها دون شك مردود إيجابي على تفعيل دور المنظمة التى ينتظر منها أن تحقق كثيرا في مجال دعم استقرار السوق خاصة في أوقات الأزمات.
وأضاف تسفانبول أن "كثيرا من عوامل النجاح مهيأة أمام الاجتماع الوزاري خاصة مع تراجع الإمدادات خارج "أوبك" وتحسن مستوى الأسعار والتوقعات الإيجابية بشأن نمو الاقتصاد العالمي ومن ثم تحسن مستويات الطلب العالمي".
من ناحية أخرى، على صعيد الأسعار، شهدت أسعار النفط انخفاضا أمس وسط تعاملات حذرة قبل اجتماع منظمة الدولة المصدرة للنفط "أوبك" في فيينا، واستعادت السوق عافيتها بعد المستويات المنخفضة التي سجلها في كانون الثاني (يناير) حين انخفض سعر البرميل عن 30 دولارا، مسجلا الأسبوع الماضي 50 دولارا لأول مرة هذا العام بعد تراجع الإنتاج في كندا ونيجيريا.
لكنه عاد إلى الانخفاض ليتراجع إلى ما دون 50 دولارا للبرميل، وهو أقل من نصف سعره في 2014 الذي تجاوز 100 دولار للبرميل بسبب التخمة العالمية في الإمدادات، وانخفض سعر نفط غرب تكساس الوسيط تسليم تموز (يوليو) 64 سنتا ليصل إلى 48.46 دولار للبرميل.
أما نفط برنت بحر الشمال تسليم آب (أغسطس)، فقد انخفض بمقدار 64 سنتا ليصل إلى 49.25 دولار للبرميل مقارنة بسعره عند إغلاق التعاملات أول أمس، ويرى مراقبون أن انتعاش الأسعار أخيرا قد خفف الضغط عن "أوبك" لخفض إنتاجها خلال اجتماع اليوم، وتزود المنظمة البترولية الأشهر العالم بنحو ثلث إمداداته من النفط أو نحو 30 مليون برميل يوميا.
© الاقتصادية 2016