04 10 2017
عرّفَ المُشَرّع الإماراتي في المادة 8 من قانون الشركات التجارية الاتحادي رقم 2 لسنة 2015 ("القانون") الشركة بأنها عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يشارك كل منهم في مشروع اقتصادي يستهدف تحقيق الربح، كما حدد المُشَرّع وحصر في المادة 9 من القانون خمسة أشكال قانونية للشركة ونص على أن كل شركة لا تتخذ أحد هذه الأشكال تعتبر باطلة.
وكغيره من العقود، يجب أن يتوافر فيه عدة أركان لقيام الشركة، والتي بمجرد تكوينها وقيدها في السجل التجاري تعتبر شخصا معنوياً مستقلاً وبالتالي فإن تخلف أي ركن من هذه الأركان، يترتب عليه بطلاناً لهذا العقد والشركة القائمة عليه. وتنقسم هذه الأركان إلى قسمين:
1- أركان موضوعية وشكلية
2- أركان الموضوعية تنقسم إلى عامة وخاصة.
الأركان الموضوعية العامة، هي ذات الأركان التي يجب توافرها في سائر العقود وهي:
1) التراضي وهو تطابق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني معين حيث انه لا وجود لأي عقد دون إرادة صحيحة خالية من العيوب وصادرة عن شخص متمتع بالأهلية اللازمة للتعاقد.
2) محل الشركة والذي يتمثل في الغرض الذي من أجله تأسست الشركة وتسعى لتحقيقه من خلال رأس مالها والذي يجب أن يكون مشروعاً وغير مخالفاً للنظام العام والآداب وأن يكون ممكنًا ماديًا وقانونيًا.
3) السبب والذي يتمثل برغبة الشركاء في تحقيق الربح من خلال نشاط الشركة والذي يجب أن يكون مشروعاً.
إضافة إلى الأركان الموضوعية العامة، إن محكمة تمييز دبي قررت في العديد من أحكامها أن عقد الشركة لا يقوم إلا باجتماع شروط موضوعية خاصة تضفي عليه الطابع المتميز وتظهر خصائصه وهذه الشروط هي:
1) تعدد الشركاء والذي يعتبر شرط من شروط تكوين الشركة ولا يؤثر على ذلك الحالات الاستثنائية المحددة، والتي سمح المُشَرّع الإماراتي فيها لشخص إماراتي واحد بتأسيس شركة ذات مسؤولية محدودة أو مساهمة خاصة وذلك لاعتبارات اقتصادية خاصة.
2) تقديم الحصص والذي يمثل رأس مال الشركة, والذي تحتاجه لممارسة نشاطها وبالتالي فإنه إذا كانت بعض الحصص حقيقية والأخرى صورية، فذلك قد يؤدي إلى بطلان الشركة بسبب عدم الوفاء بكامل رأس مال الشركة عند تكوينها.
3) نية المشاركة، المتمثلة باستعداد الشركاء في الشركة لاقتسام المغارم والمغانم الناتجة عن نشاط الشركة.
4) اقتسام الأرباح والخسائر وهو الهدف من تكوين الشركة.
كما أنه بالإضافة إلى الأركان الموضوعية العامة والخاصة للشركة، هناك شروط شكلية لازمة لانعقاد الشركة والتي تعتبر بمثابة الأركان والتي لا تقوم بدونها ويمكن إيجازها بالتالي, الأركان الشكلية:
1) يجب أن يكون عقد الشركة مكتوباً وبالتالي أيضا فإن إثبات وجود هذا العقد يجب أن يكون كتابة لأن إثباته بالكتابة أمراً وجوبياً ولازماً من الناحية الشكلية وهذا ما أكدت عليه محكمة تمييز دبي في أن العلاقة بين الشركاء لا يجوز لأي منهم إثبات ما يخالف ما ورد بعقد الشركة إلا بالكتابة وبالتالي لا يجوز إثبات أو التمسك بصورية هذا العقد أو أي مما ورد فيه إلا كتابة.
2) إشهار عقد الشركة من خلال قيده (وكل تعديل عليه) في السجل التجاري حيث أن العقد أو أي تعديل عليه لا يحتج به ولا يكون نافذاً اتجاه الغير إلا من تاريخ إشهاره، والذي يمثل تاريخ ميلاد الشركة كشخص معنوي، وبالرغم من ذلك، فإن محكمة تمييز دبي قضت بأن عدم إشهار عقد الشركة لا يمنع الغير من إثبات قيامها كشركة واقع بكافة طرق الإثبات.
3) مساهمة المواطنين بنسبة لا تقل عن 51% من رأس مال الشركة (باستثناء شركات التضامن والتوصية البسيطة حيث يجب أن يكون جميع الشركاء المتضامنين في أي منها من المواطنين) مع مراعاة الأنشطة التجارية المقصورة على المواطنين وهذا يعد من النظام العام فإذا تخلف في البداية أو أي وقت بطلت الشركة.
إن تخلف أي ركن من أركان عقد الشركة هذه يؤدي إلى بطلانها ولكن هذا البطلان يختلف بطبيعته بحسب الركن الذي تخلف وذلك نظراً لخصوصية عقد الشركة. وعليه، فإن تخلف أحد الأركان الموضوعية العامة أو الخاصة يؤدى إلى بطلان الشركة بطلان مطلقاً ويتميز هذا البطلان بأنه:
1) لكل ذي مصلحة التمسك به سواء كان من الشركاء أو من الغير.
2) للقاضي أن يقضي به من تلقاء نفسه.
3) ولا تلحقه الإجازة ولا تسمع دعوى البطلان بمضي 15 سنه من وقت إبرام العقد.
أما تخلف أي من الأركان الشكلية فإنه يؤدي إلى بطلان الشركة بطلانا نسبياً ويتميز هذا البطلان بأنه:
1) ليس للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها وإنما يتعين على الشركاء أو الغير التمسك به.
2) يجوز تصحيح البطلان بزوال سببه متى قام الشركاء به قبل الحكم بالبطلان.
3) يجوز للغير التمسك به وفقاً لما تفتضيه مصلحته.
4) لا يجوز للشركاء التمسك بالبطلان في مواجهة الغير ولكن يجوز لهم أن يتمسكوا به في مواجهة بعضهم البعض.
إن أثر هذا البطلان النسبي يختلف عن البطلان المطلق حيث أنه إذا حكم ببطلان الشركة بناءاً على طلب الغير اعتبرت الشركة كأن لم تكن بالنسبة له، وبالتالي ينصرف أثر هذا البطلان على الماضي بأثر رجعي بالإضافة إلى المستقبل، أما إذا تمسك أحد الشركاء بهذا البطلان، فإن أثره ينصرف على المستقبل فقط وعلى ذلك يتم حل الشركة وتتم تصفيتها كما يترتب عليه غالباً مسؤولية الشركاء الشخصية والتضامنية تجاه الأشخاص الذي تعاقدوا معهم باسم الشركة.
لقد خرج المُشَرّع الإماراتي على مقتضى القواعد ونص في المادة 16 من القانون على أنه إذا حكم ببطلان الشركة فإنه يتبع في تصفيتها وفي تسوية حقوق الشركاء بعضهم قبل بعض شروط العقد على اعتبار أنه كان صحيحاً قبل الحكم ببطلانه، وبهذا فقد قصر المشرع أثر البطلان على الشركة كشخص معنوي على المستقبل فقط دون أن يرتب أي آثار على الماضي وذلك لحماية الوضع الظاهر واستقرار المعاملات والمراكز القانونية المكتسبة للشركاء وفيما بينهم، ولكن إن لم يكن الشركاء قد باشروا أية نشاط من خلال الشركة، فإنه في هذه الحالة يكون زوال وبطلان عقد الشركة بأثر رجعي.
كما قررت محاكم دبي في العديد من أحكامها بأنه إذا باشرت الشركة التجارية نشاطها دون أن يتم قيد وشهر عقدها طبقاً للقانون، فإنها تعتبر مع ذلك قائمة بالنسبة للغير كشركة واقع، وتكون لها بذلك شخصية اعتبارية وذمة مالية مستقلة عن شخصية وذمم الشركاء فيها، ولكن يكون هؤلاء الشركاء مسؤولون فيما بينهم ومعها بالتضامن عن التصرفات التي يقوم بها مديرها أو أحد الشركاء فيها باسمها.
بقلم مجاهد السباعي
شريك - كلداري محامون ومستشارون قانونيون
إذا كانت لديكم اية استفسارات يرجى ارسالها على البريد الالكتروني:
mojahed@galadarilaw.com
© Opinion 2017