PHOTO
16 07 2016
بلغت 72 مليار دولار في 2015
بعد أن استبعدت منظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" المراكز المالية الخارجية "الأوفشور" والكيانات المالية ذات الأغراض الخاصة من دراساتها السابقة المتعلقة بالاستثمار، أعلنت لأول مرة في دراستها لعام 2016 أن تدفقات الاستثمار إلى المراكز المالية الخارجية "انخفضت لكن لا تزال كبيرة"، مضيفة أن تدفقات الاستثمار إلى المحاور المالية الخارجية - بما في ذلك المراكز المالية الخارجية والكيانات الخاصة الغرض، قد زادت تقلبا في عام 2015، لكنها لا تزال مرتفعة.
ويتم إنشاء الكيانات الخاصة الغرض، (كيان قانوني على شكل شركة محدودة نوعا ما، أو في بعض الأحيان، شراكة محدودة) للوفاء بأهداف ضيقة أو محددة أو مؤقتة. وتستخدم الشركات هذا الكيان لعزل نفسها عن المخاطر المالية، وعادة ما تستخدمه أيضا لإخفاء الديون (تضخيم الأرباح)، وإخفاء ملكية ما، وحجب العلاقات بين الكيانات المختلفة التي هي في الحقيقة تتصل ببعضها بعضا.
واستبعدت "أونكتاد" المحاور المالية الخارجية - بما في ذلك الكيانات الخاصة الغرض من دراساتها بشكل مطلق، في حين كانت على مدى الربع قرن الماضي تتطرق إلى الاستثمار في "الأوفشور" بشكل محدود.
وأفادت "أونكتاد" في تقريرها عن الاستثمار لعام 2016 أن المراكز المالية الخارجية تقدم معدلات ضريبية منخفضة، أو مزايا ضريبية تفضيلية للتعاملات المالية التجارية عبر الحدود، واستثمارات ثنائية واسعة النطاق، وشبكة من المعاهدات التي تمنع الازدواج الضريبي، وفسح المجال لإمكانية الوصول إلى الأسواق المالية الدولية، ما يجعلها جذابة للشركات الكبيرة والصغيرة على حد سواء.
وكثيرا ما يرتبط تدفق الاستثمار من خلال الكيانات الخاصة الغرض بالعمليات المالية داخل الشركات نفسها، كزيادة رأسمال الشركة في الأسواق الدولية، فضلا عن تنظيم أنشطة الشركة، كزيادة الأصول غير الملموسة مثل العلامات التجارية وبراءات الاختراع.
ويبرز دور هذه الكيانات لما تتميز به من القليل من الصلة، أو لا صلة حقيقية لها بالاقتصاد الذي تقيم فيه لكنها تلعب دورا مهما داخل شبكة فروع الشركات التابعة للمؤسسات متعددة الجنسيات كإمساكها بالأصول، أو سندات الديون، أو عن طريق زيادة رأس المال.
وتكشف الجداول الإحصائية لـ "أونكتاد" أن تدفقات الاستثمار إلى الكيانات الخاصة الغرض، التي تمثل أغلبية تدفقات الاستثمارات الخارجية، شهدت تقلبات كبيرة في عام 2015، لكنها لا تزال مرتفعة من ناحيتي "الحجم" و"القيمة المطلقة". فقد ارتفعت التدفقات من ناحية الحجم خلال الجزء الأكبر من العام الماضي، كما سجلت ارتفاعا حادا من حيث القيمة المطلقة، مقارنة بعام 2014، لتصل إلى المستويات المسجلة في عام 2012-2013.
وكانت لوكسمبورج المتلقي الرئيس من التدفقات الاستثمارية ذات الصلة بالكيانات الخاصة الغرض في عام 2015، وقد ارتبطت التدفقات إلى الكيانات الخاصة الغرض الموجودة في لوكسمبورج بتمويل الاستثمارات للأموال في الولايات المتحدة، وكان هذا واضحا بشكل خاص، ولا سيما في الربع الأول من العام الجاري، عندما ارتفعت تدفقات الكيانات الخاصة الغرض إلى 129 مليار دولار.
أما تدفقات استثمارات الكيانات الخاصة الغرض إلى الخارج في نفس الربع فقد بلغت 155 مليار دولار، وهو رقم ظهر بدوره في بيانات الولايات المتحدة، حيث بلغ الاستثمار الأجنبي المباشر الوافد من لوكسمبورج 153 مليار دولار (77 في المائة من إجمالي التدفقات إلى الداخل).
وبعد ارتفاع مستديم خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الماضي (أكثر من ثلاثة أضعاف مستويات عام 2014 لنفس الفترة)، تحولت تدفقات الكيانات الخاصة الغرض إلى منطقة السلب في الأشهر الثلاثة الأخيرة من السنة، لتسجل تقريبا 115 مليار دولار.
وبعد تسجيلها انخفاضا حادا في 2014، أظهرت التدفقات المتصلة بالكيانات الخاصة الغرض في هولندا علامات انتعاش في 2015، لترتفع من ملياري دولار فقط في الربع الأول إلى 148 مليارا في الربع الثالث (أعلى مستوى فصلي منذ الربع الثالث من عام 2007).
وتقول "أونكتاد" إن الترابط الوثيق بين تدفقات الكيانات الخاصة الغرض في كل من لوكسمبورج وهولندا نابع من وجود شبكات كثيفة ومعقدة من هذه الكيانات في كلا البلدين، مع رأسمال يتدفق سريعا فيما بينها، خاصة ما يتعلق بالاستجابة لاحتياجات التمويل واعتبارات التخطيط الضريبي.
والتغييرات الأخيرة في السياسات الضريبية قد تكون مسؤولة عن الانخفاض الأخير في تدفقات الاستثمار إلى الكيانات الخاصة الغرض، وعلى سبيل المثال، اعتمدت هولندا، متطلبات جديدة تتعلق بتمويل وإصدار تراخيص الشركات، وهذه المتطلبات تسمح بالتبادل الآلي للمعلومات مع الشركاء في المعاهدات الضريبية وبلدان الاتحاد الأوروبي الأخرى، خاصة حول الكيانات التي لها مضمون ضئيل من الشفافية أو لا يوجد لديها مثل هذا المضمون على الإطلاق.
وفي لوكسمبورج، سنَّت السلطات عددا من التغييرات في إطار الضرائب، بما في ذلك اشتراط متطلبات أكبر حول الشفافية، وتعديلات تتعلق بقواعد تسعير التحويلات المالية، وإصلاح عملية وجوهر الأحكام الضريبية، إضافة إلى ذلك، سن البلدان في أواخر عام 2015 قواعد عامة لمكافحة إساءة استعمال الأموال، بما يتلاءم مع متطلبات قواعد الاتحاد الأوروبي التي تسعى إلى القضاء على إساءة استعمال المزايا المالية لأغراض الحصول على مزايا ضريبية.
غير أن اقتصاديا في "أونكتاد" طلب عدم ذكر اسمه وضع شكوكا حول فعالية وإمكانية ديمومة هذه الإجراءات، وأوضح لـ"الاقتصادية" أن ما تتميز به هذه الكيانات الخاصة الغرض، من القليل من الصلة، أو لا صلة حقيقية لها، بالاقتصاد الذي تقيم، وللدور المهم الذي تلعبه داخل شبكة فروع الشركات التابعة للمؤسسات متعددة الجنسيات، كإمساكها بالأصول، أو سندات الديون، أو حريتها المطلقة في زيادة أو تخفيض رأس المال الذي يجعل الأثر الفعلي للقواعد الضريبية الجديدة محدودا خلال السنوات القليلة المقبلة، على أقل تقدير.
وفيما يتعلق بتدفقات الاستثمار إلى المراكز المالية في منطقة البحر الكاريبي "الأوفشور"، فإنها استمرت في الهبوط عن مستوياتها القياسية عام 2013 الذي بلغ 132 مليار دولار، ومقارنة بذلك العام، انخفضت التدفقات إلى داخل هذه الاقتصادات بمقدار 45 في المائة لتقف عند 72 مليار دولار في عام 2015، وهو رقم يتلاءم مع متوسط التدفقات خلال الفترة 2008-2012.
© الاقتصادية 2016