PHOTO
19 08 2016
مختصون: كبار المنتجين أحكموا سيطرتهم على حصصهم السوقية
واصلت أسعار النفط مكاسبها السعرية أمس حيث تجاوز خام برنت حاجز 50 دولارا للبرميل لأول مرة في ستة أسابيع وسط تصاعد الآمال في توافق المنتجين خلال اجتماعهم المقبل في الجزائر الذي يعد خطوة جديدة على طريق تجميد الإنتاج بعد تعثرات سابقة خلال مفاوضات الدوحة في نيسان (أبريل) الماضي.
وعزز الاتجاه نحو ارتفاع الأسعار بيانات عن انخفاض المخزونات النفطية الأمريكية والأداء المتذبذب للدولار فيما تزداد التكهنات بارتفاع جيد في مستويات الطلب العالمى بقيادة دول وسط آسيا.
وقالت لـ "الاقتصادية"، مصادر في منظمة الدول المصدرة للبترول"أوبك"، إن الجولة القادمة من الحوار بين "أوبك" وروسيا في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل ستكون استكمالا للحوارات السابقة خاصة اللقاء الذي تم في موسكو في تموز (يوليو) من العام الماضي مشيرة إلى أن الجانبين أبديا ارتياحهما لنتائج اجتماع الحوار السابق مشددة على أن هذا النوع من التفاعل يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الثقة بين الدول الأعضاء في المنظمة وروسيا.
وأشارت المصادر إلى أن طبيعة سوق الطاقة تتطلب مزيدا من التنسيق والتعاون المشترك بين كبار المنتجين وبالأخص روسيا و"أوبك" مشيرة إلى أن الحوار بين الجانبين سيساعد على فهم أفضل لكل من مصالح واهتمامات كل جانب وبالتالي يؤدي إلى تطوير علاقة عمل بشكل أفضل وأكثر تميزا.
ونوهت المصادر إلى أن الفترة الماضية شهدت تقاربا بين "أوبك" وروسيا وتوافقا حول أغلب قضايا وتطورات السوق ما يجعل جولات الحوار تزيد من نجاحاتها وتعزز التعاون الإيجابي وتسمح للجانبين بتحويل الأفكار إلى إجراءات ملموسة تعود بالفائدة على الجميع.
وأفادت المصادر إلى أن "أوبك" يزداد تأثيرها في سوق الطاقة العالمية وتلعب دورا رئيسيا في تأمين الإمدادات خاصة في فترات مثل فترة تقلص الاستثمارات الحالية مشيرة إلى أن التنسيق مع روسيا ضرورة لحسن التعامل مع متغيرات السوق لافتة إلى أنه من المتوقع أن تصل حصة نفط "أوبك" في إجمالي إمدادات سوائل الطاقة العالم إلى 37 في المائة بحلول عام 2040، مقارنة بالمستويات الحالية التي تبلغ نحو 33 في المائة.
وأضافت المصادر أن هناك قناعة تامة في السوق بأن الوقود الأحفوري سيظل الوقود المسيطر على مزيج الطاقة مع بقاء حصته عند نسبة 78 في المائة بحلول عام 2040 وهو ما يعني أن كبار منتجي النفط التقليدي سيظلون يقودون منظومة الطاقة العالمية وأن فرص العمل المشترك كبيرة لدعم السوق وتعزيز نموه.
وأوضحت المصادر أن الإمدادات من خارج "أوبك" ستزيد في حتى عام 2020 من 5.56 مليون برميل يوميا إلى 6.20 مليون برميل يوميا إلا أنها ستتراجع بعد ذلك إلى 5.79 مليون برميل يوميا بحلول 2040.
من جانبه، أشار لـ "الاقتصادية"، عامر البياتي المختص العراقي في شؤون الطاقة، إلى أن فرص نجاح اجتماع المنتجين في الجزائر كبيرة كما أن إمرار قرار تجميد الإنتاج وارد بتوافق كل المنتجين، مضيفا أن ما يعزز تلك الآمال هو وصول إنتاج كبار المنتجين بالفعل إلى المستويات القصوى خاصة العراق وإيران ما يجعل فكرة التجميد تلقى ارتياحا وقبولا من الجميع.
وأضاف البياتي أن السعودية وروسيا أرسلا إشارات إيجابية للسوق باستعدادهما الكامل للتعاون والتنسيق المشترك في كل الإجراءات التي تدعم استقرار وتوازن السوق وهو ما جعل الأسعار تأخذ منحى صعوديا مع اقتراب اجتماع الجزائر الشهر المقبل متوقعا استمرار تعافي وتحسن الأسعار على مدى الشهر المقبل ولحين الكشف عن نتائج اجتماع الجزائر.
وأعرب البياتي عن اعتقاده بأن كبار المنتجين أحكموا بالفعل سيطرتهم على حصصهم السوقية بعدما شهدت الفترة الماضية زيادات واسعة في الإنتاج مشيرا إلى أن الفترة المقبلة قد تتطلب تهدئة التوتر في السوق من خلال قرار مثل تجميد الإنتاج.
إلى ذلك، قال لـ "الاقتصادية"، ماركوس كروج كبير محللي شركة "إيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، إن اجتماع الجزائر سيشارك فيه جميع وزراء النفط والطاقة في دول "أوبك" إلى جانب روسيا كما أنه من المحتمل أن تشارك إيران في الاجتماع ولا تقاطعه مثل الاجتماعات السابقة خاصة أنه يجىء في إطار الاجتماع الوزاري للمنتدى الدولي للطاقة معتبرا أن المشاركة الواسعة في الاجتماع تؤهله ليكون فرصة ثمينة لاتخاذ قرارات جوهرية لدعم سوق النفط الخام.
وتوقع كروج أن تسهم الجولة الجديدة من الحوار بين دول "أوبك" وروسيا في فيينا خلال تشرين الأول (أكتوبر) المقبل في التأكيد على فكرة العمل المشترك والتنسيق بين كبار المنتجين ما يعزز الاستقرار والتعافي في السوق ويقلل من التقلبات الواسعة التي شهدتها السوق في الفترة الماضية.
وتمنى كروج ألا تكون نتائج اجتماعي الجزائر وفيينا ضعيفة أو تخرج بلا نتائج حقيقية لأن ذلك من الممكن أن يكون له تأثيرات سلبية في استقرار السوق وعلى استمرارية تعافي الأسعار مشيرا إلى أن الحوار بين "أوبك" وروسيا سيكون أول جولة بعد تولي الأمين العام الجديد محمد باركيندو ما سيعطى الحوار دفعة جديدة نحو مزيد من النجاح والفاعلية.
من ناحيته، أوضح لـ "الاقتصادية"، فالنتين بومينوف المحلل الروسي في مجموعة خبراء الطاقة، أنه يعتقد أن الحوار مع بلاده ربما يكون من أهم الحوارات التي تجريها "أوبك" مع القوى الفاعلة في سوق النفط معتبرا أن الجولة الجديدة في فيينا ستكون حلقة جيدة في برنامج التعاون المشترك طويل الأمد.
وقال بومينوف إن روسيا تعمل دوما على تطوير التعاون مع "أوبك"، ومن أبرز الأمثلة في هذا الصدد الزيارة الناجحة التي قام بها الرئيس التنفيذي لشركة "روسنفت" إيجور سيتشين إلى فنزويلا الشهر الماضي وتوقيعه عدة اتفاقيات تعاون مع شركة "بتروليوس دي فنزويلا" في حضور الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو حيث ركزت الاتفاقيات على مواصلة تطوير التعاون الاستراتيجي بين الشركتين.
وأشار بومينوف إلى أن "روسنفت" - ومن خلال توسيع تعاونها مع الشركات الوطنية في دول "أوبك" - ستكون قادرة على توسيع وجودها في أسواق النفط والمساهمة في تنمية المنتجات النفطية العالمية وتحقيق أرباح إضافية عن طريق زيادة المبيعات من الهيدروكربونات في السوق الدولية.
وحول النتائج المتوقعة لاجتماع الجزائر، ذكر المحلل الروسي أن الاجتماع يجيئ في ظروف مختلفة عن اجتماع الدوحة الذي عقد في نيسان (أبريل) الماضي الذي تعثر بسبب غياب التوافق بين المنتجين ورغبة بعضهم الجامحة في زيادة الإنتاج، ولكن أغلب المنتجين حققوا بالفعل هذا الهدف وبالتالي فإن فرص التوافق في المفاوضات كبيرة خاصة أن إيران سبق أن أعلنت عن استعدادها للانضمام إلى تجميد الإنتاج بعد استعادة مستوى الصادرات المرتفع الذي كان قائما قبل فرض العقوبات الاقتصادية.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، ارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت أمس فوق مستوى 50 دولارا للبرميل للمرة الأولى في ستة أسابيع مع تأهب كبار منتجي العالم لمناقشة تثبيت محتمل لمستويات الإنتاج.
وبحسب "رويترز"، فقد ارتفع برنت 20 سنتا عن الإغلاق السابق إلى 50.05 دولار للبرميل قبل أن يتراجع إلى نحو 49.75 دولار بانخفاض قدره عشرة سنتات، بينما ارتفع الخام الأمريكي الخفيف 20 سنتا إلى 46.99 دولار للبرميل.
وصعد خام برنت المستخرج من بحر الشمال 20 في المائة من مستواه المنخفض في أوائل آب (أغسطس) بفعل أنباء عن أن منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" ومنتجين رئيسيين آخرين ربما يحيون محادثات لتثبيت مستويات الإنتاج عندما يجتمعون في الجزائر الشهر المقبل على هامش المنتدي الدولي للطاقة الذي يضم المنتجين والمستهلكين خلال الفترة من 26 إلى 28 أيلول (سبتمبر).
وتضررت عدة دول أعضاء في "أوبك" بشدة من تراجع أسعار النفط على مدى العامين السابقين، وبينما تنخفض تكلفة الإنتاج بشكل كبير في بعض الدول المصدرة للخام فإن منتجين آخرين مثل إيران وفنزويلا يحتاجون إلى أسعار فوق 100 دولار للبرميل لتحقيق التوازن بين الإيرادات والمصروفات في الموازنة.
وكانت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية قد أظهرت أن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة تراجعت بشكل غير متوقع الأسبوع الماضي كما هبطت مخزونات البنزين أكثر من التوقعات وزادت مخزونات نواتج التقطير.
وانخفضت مخزونات النفط الخام 2.5 مليون برميل في الأسبوع الماضي في حين كان المحللون قد توقعوا زيادة قدرها 522 ألف برميل.
وقالت الإدارة إن مخزونات النفط الخام في مركز تسليم العقود الآجلة في كاشينج بأوكلاهوما انخفضت 724 ألف برميل، وزاد استهلاك المصافي 268 ألف برميل يوميا في حين زاد معدل تشغيلها 1.3 نقطة مئوية.
وهبطت مخزونات البنزين 2.7 مليون برميل مقارنة بتوقعات في استطلاع لانخفاض قدره 1.6 مليون برميل، فيما ارتفعت مخزونات نواتج التقطير - التي تشمل الديزل وزيت التدفئة - بواقع 1.9 مليون برميل مقابل توقعات لانخفاض قدره 742 ألف برميل، بينما هبطت واردات الولايات المتحدة من النفط الخام 211 ألف برميل يوميا الأسبوع الماضي.
© الاقتصادية 2016