من كلير ميلينش
لندن 9 يونيو حزيران (رويترز) - بعد أن انتقلت من تدفقات السيولة الوفيرة إلى الاستردادات في أقل من عامين وجدت صناديق ثروة سيادية عديدة نفسها مضطرة إلى تغيير استراتيجياتها الاستثمارية للمزج بين الأصول الآمنة فائقة السيولة والاستثمارات المتخصصة غير السائلة بهدف تعزيز العوائد.
فإذا كان ثمن الاحتفاظ بأصول سهلة البيع لتلبية حاجات السيولة الحكومية المفاجئة هو عوائد شبه معدومة في الودائع النقدية أو سندات الحكومات الغربية فسيكون على قطاع الصناديق السيادية البالغ حجمه 6.5 تريليون دولار استخلاص العوائد عن طريق الإكثار من الأصول عالية المخاطر منخفضة السيولة.
وتتفاوت التغييرات من إعادة التفكير بشكل جذري في الغرض من مثل تلك الصناديق على غرار استثمار السعودية 3.5 مليار دولار في خدمة أوبر لتقاسم الركوب إلى تحولات أدق مثل قرار قطر الاستعانة بمزيد من المديرين الخارجيين لتشغيل أموالها.
وفي ظل انهيار سعر النفط لما دون 30 دولارا للبرميل أوائل 2016 واستمرار انخفاضه أكثر من النصف منذ 2014 فقد اضطرت دول مثل السعودية إلى الاغتراف من خزائنها لتغطية الإنفاق اليومي.
ويقول مايكل ميرت المدير لدى بي.دبليو.سي التي تقدم المشورة إلى صناديق الثروة السيادية إن هذا التحول - من إدارة التدفقات إلى إدارة السحوبات - قد ينطوي على إعادة ضبط كبيرة للمحافظ وتحديات في إدارة المخاطر.
وعلى سبيل المثال قد يفضي بيع الأسهم والسندات لتلبية حاجات السيولة العاجلة للحكومات إلى زيادة غير مقصودة للوزن النسبي للمراكز بمجالات أخرى مثل الأصول غير السائلة التي يصعب بيعها.
وقال ميرت "إذا كان لديك عامل خارجي يشوه المحافظ فسيكون له أثر سلبي في معظم الوقت على الأداء. ينطوي ذلك على تكاليف ولا تصبح قادرا بالضرورة على البيع في التوقيت المناسب."
وقد تقع زيادة غير مقصودة في الوزن النسبي للمراكز في حالة حدوث انهيار بسوق الأسهم. ولهذا السبب أصبحت النرويج تسمح لمخصصات العقارات في صندوقها السيادي البالغة قيمته 868 مليار دولار بالارتفاع إلى سبعة بالمئة بدلا من سقف الخمسة بالمئة السابق.
يعني هذا عدم اضطرارها إلى بيع العقارات إذا أدى تراجع في قيمة الأسهم إلى ارتفاع نسبة العقارات في المحفظة.
وقال أليكس ميلر مدير القسم السيادي لأوروبا والشرق الأوسط وافريقيا ومبيعات مؤسسات الشرق الأوسط وافريقيا في إنفسكو إن بعض المستثمرين السياديين الأكثر تمرسا يعمدون الآن إلى تقسيم محافظهم إلى شرائح لأصول المدى القصير والمتوسط والطويل.
وأضاف "هذا لأنهم قد يتلقون في أي وقت طلبا من الحكومة على بعض أموالهم. لذا يحتاجون إلى الإبقاء على نسبة معينة من محفظتهم سائلة ومضمونة لذلك الغرض. أما فوق ذلك المستوى فيمكنهم الاحتفاظ بالأصول لفترة أطول."
* إدمان النفط
ستكون التغييرات أعمق بالنسبة لبعض الصناديق المدعومة بالنفط من قبيل قيام السعودية بإعادة هيكلة صندوق الاستثمارات العامة ذي التركيز المحلي الذي أقامته قبل 45 عاما لإنشاء صندوق سيادي قيمته تريليونا دولار سيكون الأضخم في العالم.
تقليديا اضطلع البنك المركزي بدور الصندوق السيادي السعودي لكن وتيرة استهلاك المملكة لمدخراتها عززت مركز الإصلاحيين الذين يريدون تنويع موارد الاقتصاد والحد من اعتماده على النفط.
وقال ميرت "عندما يرتفع سعر النفط لسنوات عديدة متوالية تدمن الدول الدخل المرتفع وتبدأ بإنفاق المزيد.. ما يحدث الآن يجبر شتى المساهمين على مراجعة ماهية التفويض وكيف سينجح."
تؤكد صفقة أوبر إقلاع السعودية عن تركيزها القديم على الاستثمارات منخفضة المخاطر مثل سندات الخزانة الأمريكية ومحاكاتها نظرائها الذين يفضلون الحصص الكبيرة المباشرة في الشركات.
لكن في المقابل قرر جهاز قطر للاستثمار الحد من التركيز على الصفقات المباشرة وإعطاء مزيد من الأموال إلى المديرين الخارجيين لتنويع محفظته ذات التركيز الأوروبي.
يأتي القرار عقب تراجعات حادة في قيمة حيازاته الكبيرة في فولكسفاجن لصناعة السيارات وجلينكور لتجارة السلع الأولية.
لكن أشبي مونك مدير الأبحاث في مركز المشاريع العالمية بجامعة ستانفورد وخبير الصناديق السيادية قال إنه سيكون على الصناديق ذات فرق الاستثمار المباشر الكبيرة أن تقوم بتحول صعب من التعهيد وعقد الصفقات إلى إدارة الأصول القائمة.
وقد يجلب هذا مزيدا من التغييرات إلى أطقم الإدارة وتقوم صناديق مثل تيماسيك وجي.آي.سي السنغافوريين بالفعل بتعزيز إدارة المخاطر ووظائف الاستثمار.
وقال مونك "إنها مهارة مختلفة تماما.. أدوات إدارة المخاطر وأدوات الحوكمة وأدوات الإشراف الرقابي هي ببساطة غير قائمة هناك."
(إعداد أحمد إلهامي للنشرة العربية - تحرير نادية الجويلي)