PHOTO
27 06 2016
أسعار الخام تراجعت نحو 5 في المائة بمجرد ظهور نتائج نهاية الأسبوع الماضي
توقع مختصون ومحللون نفطيين أن تشهد سوق النفط الخام حالة من عدم الاستقرار خلال الأسبوع الجاري في أول أسبوع للتعاملات عقب الاستفتاء التاريخي الذي أدى إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي سيكون له تداعيات واسعة ومباشرة على سوق النفط الخام مع احتمال تسجيل بعض الانخفاضات السعرية الواسعة.
وقال المختصون إن اللجوء إلى الدولار الأمريكي كملاذ آمن في ضوء المخاوف من اضطرابات السوق وتوقعات تراجعات حادة لليورو والجنيه الاسترليني أدى إلى ارتفاع العملة الأمريكية إلى أعلى مستوى في الأشهر الثلاثة السابقة وربما يزداد ارتفاع الدولار ما يضغط على أسعار النفط الخام وفقا للعلاقة العكسية بينهما.
وأشار المختصون إلى أن ملف تجميد الإنتاج قد يشهد مزيدا من الاتصالات والمباحثات بين كبار المنتجين على الرغم من تعثر المفاوضات السابقة في الدوحة وإغفال منظمة "أوبك" في اجتماعها الأخير الإشارة إلى أي سقف لمستوى إنتاج الدول الأعضاء معتبرين أن روسيا وفنزويلا تسعيان حثيثا إلى تحقيق تقدم في هذا الملف خاصة مع احتمال عودة الأسعار المنخفضة عقب انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقال المختصون إن أسعار النفط الخام تراجعت بنحو 5 في المائة بمجرد ظهور نتائج الاستفتاء وهو ما يجيء في إطار التأثيرات السريعة والمؤقتة ولكن وضع سوق النفط بشكل عام أقرب إلى التعافي بسبب نمو الطلب، الذي يجيء بالتزامن مع تقلص المعروض ما يجعل أسعار النفط أقرب إلى استئناف الارتفاعات السريعة قريبا.
من جهته، قال لـ "الاقتصادية" المهندس بيرت ويكيرنك مدير أنظمة التشغيل في شركة "كيوا" للغاز في هولندا، إن تأثيرات خروج بريطانيا ستكون كبيرة على الاتحاد الأوروبي ومحدودة على المنطقة العربية خاصة دول الخليج التي تتمتع بمؤسسات مالية قوية وعدلت تقييم بعض الأصول بعيدا عن الاسترليني واليورو تحسبا لنتائج الاستفتاء، مشيرا إلى أن الدولار الأمريكي سيشهد ـ من جراء الاستفتاء ـ مزيدا من الصعود على حساب بقية العملات الرئيسية.
وأضاف أن فرص تحقيق تقدم في قضية تجميد الإنتاج ستظل محدودة على الرغم أنها تثار على نطاق واسع كلما انخفضت الأسعار، منوها إلى أن فنزويلا وهى من أكثر الدول تحمسا لتجميد الإنتاج أصبحت الآن على قناعة بأن السوق تتجه بقوة نحو التعافي حيث تشير تقديراتها إلى زيادة الطلب بنحو مليوني برميل وتراجع المعروض بنحو مليون برميل خلال الأشهر القليلة المقبلة ما سيؤدى إلى مكاسب سعرية جيدة واستعادة مستويات متوسطة للأسعار تقترب من 60 دولارا للبرميل.
وأشار إلى أن نتائج الاستفتاء أدت إلى خسائر واسعة في أسواق المال وتراجع في قيمة عديد من المصارف والمؤسسات المالية البريطانية بنحو أكثر من 30 في المائة كما ستؤدى إلى تغيير في تركيبة العملات الدولية حيث صعد الدولار واليوان الصيني على حساب الاسترليني واليورو، منوها إلى عدم إمكانية التنبؤ بدقة بخريطة الاقتصاد العالمي في الفترة المقبلة كما أن حالة الأسواق تتسم بالغموض واصفا التأثيرات الحالية برد الفعل السريع ولكن هناك تأثيرات أكبر ستظهر في السنوات المقبلة.
بدوره، أوضح لـ "الاقتصادية" أنجيلا سترانك؛ مدير تكنولوجيا مشاريع المصب في بريتش بتروليوم "بي بي" العملاقة للطاقة، إن اقتصاد بريطانيا سيظل قويا وراسخا بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي وستشهد الفترة المقبلة التركيز على زيادة معدلات الكفاءة والابتكار خاصة في مشاريع الطاقة والاستعانة بالتقنيات المتطورة التي تغير مسار الاقتصاد الدولي وتكفل حياة ومستقبل أفضل للأجيال القادمة.
وقالت إن التحدي الأكبر الذي يواجه الاقتصاد العالمي حاليا هو تحقيق الاكتفاء وتلبية الاحتياجات من إمدادات الطاقة في ضوء توقعات واسعة بنمو الطلب، مشيرة إلى ضرورة الأخذ في الاعتبار أن احتياجات العالم من الطاقة يتم تلبية أكثر من 80 في المائة منها من الوقود الأحفوري وسيستمر هذا الاعتماد على الوقود الأحفورى لعقود مقبلة على الرغم من النمو الكبير المتوقع في الاعتماد على موارد الطاقة الأخرى.
وأضافت أن العالم لديه موارد طاقة وفيرة وقابلة للاستخراج من الناحية الفنية وتستطيع تلبية الطلب العالمي على الطاقة حتى عام 2050، مشيرة إلى أن هذه الموارد تمثل 35 ضعفا لإجمالي الاستهلاك العالمي من الطاقة والبالغ 13 مليار طن من النفط المكافئ ونحو 20 ضعفا للطلب السنوي المتوقع في عام 2050.
من ناحيته، قال لـ "الاقتصادية" فولفانج إرنست مدير استراتجيات التنمية في شركة "أو أم في" النفطية، إن أسعار النفط الخام هي أمر مهم وحيوي للاقتصاد الدولي بشكل شامل وليس فقط للمعنيين بصناعة النفط، مشيرا إلى أن أسعار النفط تحظى باهتمام ومتابعة كبير من السياسيين والبنوك المركزية والمؤسسات الاقتصادية كافة.
وأشار إلى أن كيفية تحديد سعر النفط تشغل بال الاقتصاديين والسياسيين والباحثين والجميع يعرف أن سعر النفط الخام مثل بقية السلع يتحدد نتيجة التفاعل بين العرض والطلب ولكن للأمر أبعاد أخرى لها تأثير واسع على الأسعار وبخاصة البيئة الاقتصادية التي يمكن أن تؤدي إلى تغييرات واسعة على المدى الطويل.
وأضاف أنه خلال السنوات الخمس الماضية ارتفع المعروض من النفط بشكل كبير خاصة من إنتاج دول خارج أوبك ولا سيما في الولايات المتحدة، مشيرا إلى أنه في السنوات الأخيرة تحولت الولايات المتحدة من واحدة من أكبر مستوردي الطاقة في العالم إلى منتج مهم ومؤثر للطاقة وكان السبب الرئيسي وراء ذلك ما عرف بثورة النفط الصخري الزيتي.
وقال إن فورة إنتاج النفط الصخري تتجه إلى التقلص نتيجة انخفاض الأسعار وتراجع الربحية ولكن تغييرات جوهرية حدثت في السوق خاصة ما يتعلق بوفرة الموارد وهو ما يتلاءم مع طفرة مقابلة في الطلب بفعل النمو السكاني ويجب أن يتعاون كل أطراف الصناعة على بقاء السوق متوازنا والأسعار عند مستويات ملائمة للمنتجين والمستهلكين على السواء.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، كانت خسائر الخامين أقل بكثير خلال الأسبوع بأكمله حيث هبط برنت 1.5 في المائة وخسر الخام الأمريكي 0.7 في المائة.
وكانت أسعار النفط قد هبطت 5 في المائة عند التسوية يوم الجمعة بعدما صوت البريطانيون لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء تاريخي أثار موجة كبيرة من العزوف عن المخاطر والبحث عن استثمارات آمنة مثل الدولار الأمريكي.
واضطربت أسواق المال لأشهر بسبب المخاوف من خروج بريطانيا من الاتحاد وتأثير ذلك على استقرار أوروبا لكن من الواضح أنها لم تكن تأخذ في الحسبان بالكامل خطر التصويت لمصلحة الخروج.
وقفز مؤشر الدولار نحو 2 في المائة مسجلا أكبر مكسب يومي له منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2008 بينما هوى الاسترليني لأدنى مستوى له في 31 عاما بعدما قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي كان يؤيد البقاء في الاتحاد إنه سيتنحى بحلول تشرين الأول (أكتوبر).
ويجعل ارتفاع الدولار النفط وغيره من السلع الأولية المقومة بالعملة الأمريكية أعلى تكلفة بالنسبة لحائزي العملات الأخرى.
وانخفض خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة 4.9 في المائة أو 2.50 دولار إلى 48.41 دولار للبرميل عند التسوية بعدما هبط 6 في المائة في وقت سابق إلى 47.54 دولار.
وخسر الخام الأمريكي 5 في المائة أو 2.47 دولار ليهبط إلى 47.64 دولار للبرميل عند التسوية وهذه أكبر خسارة يومية له منذ شباط (فبراير).
© الاقتصادية 2016