PHOTO
* الولايات المتحدة رفعت عقوبات استمرت 20 عاما على السودان في أكتوبر
* مستثمرون يدرسون إمكانيات الزراعة والطاقة والتعدين
* السودان قريب من أسواق ثرية وسريعة النمو
* لكن العملة انخفضت 40 في المئة هذا العام
* مخاطر السمعة قد تثير قلق المستثمرين المحتملين
من كارين ستروكر
لندن 15 ديسمبر كانون الأول (رويترز) - الرئيس السوداني مطلوب عن جرائم بحق الإنسانية واقتصاد السودان فقد معظم إنتاجه النفطي والحكومة عليها متأخرات مستحقة لصندوق النقد الدولي. ومع هذا فإن هدف وزير الدولة للاستثمار أسامة فيصل لزيادة الاستثمار الأجنبي إلى عشرة أضعاف ليس من قبيل التهويل مثلما يبدو.
يقوم فيصل بجولة واسعة من ألمانيا إلى البحرين لحشد الاهتمام والعثور على شركات مستعدة للاستماع بعد أن رفعت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على بلاده استمرت عشرين عاما في أكتوبر تشرين الأول.
وقال فيصل هذا الأسبوع في محطة توقف بلندن خلال جولته الترويجية العالمية "هوامش الربح في السودان تزيد عن هوامش الربح في المنطقة أو أي مكان آخر في العالم، ببساطة لأن الطلب ضخم جدا".
ويهدف فيصل إلى جذب تدفقات استثمارية أجنبية مباشرة بقيمة عشرة مليارات دولار سنويا مقارنة مع تدفقات بلغت مليار دولار في 2016 وفقا لتقديرات الأمم المتحدة. ويقول إنه رأي بالفعل تنامي الاهتمام بقطاعات الزراعة والطاقة والتعدين في السودان وأيضا مشاريع لتوليد الكهرباء.
والسودان هو أحدث دول العالم التي تدخل إلى مجال رؤية المستثمرين في "الأسواق المبتدئة"، الذين يبحثون عن فرص في أماكن تنفتح فقط على رأس المال الأجنبي.
وقبل وقت غير بعيد كانت البلاد ممزقة في حرب أهلية ولا تزال متهمة من قبل الغرب بدعم جماعات إرهابية. لكن واشنطن رفعت في الوقت الراهن حظرا تجاريا على الخرطوم وأنهت تجميد أصول سودانية وألغت قيودا مالية على اقتصادها.
ويقدر البنك الدولي الناتج المحلي الإجمالي السنوي للبلاد عند 96 مليار دولار. وذلك رقم مرتفع كثيرا مقارنة مع كينيا وإثيوبيا وهما دولتان أفريقيتان أكثر انفتاحا على المستثمرين الأجانب، ويصل الناتج المحلي الإجمالي في كل من البلدين إلى نحو 70 مليار دولار على الرغم من أن عدد السكان في كل منهما أعلى من السودان.
وقال فيصل إن المشاريع الأولى الكبرى باتت بالفعل قريبة، مع اعتزام توقيع امتيازات للتعدين مع شركات أوروبية وكندية وروسية. وأضاف أنه يجرى بحث امتيازات نفطية مع شركات تركية وتم إجراء محادثات مع مجموعة نرويجية كبيرة بشأن مشروع للطاقة المتجددة، على الرغم من أنه لا يرغب في الإفصاح عن أي أسماء.
وجذب ظهوره في لندن اهتمام مستثمرين محتملين بالبلاد.
وقالت ماريا ستراتونوفا مديرة المشاريع لدى ألدويش انترناشونال وهي شركة مقرها لندن تطور وتشغل مشاريع لتوليد ونقل وتوزيع الكهرباء في أفريقيا "العقوبات انتهت، لذا نحن هنا".
*وقت مبكر
لكن ستراتونوفا تقول إن الوقت ما زال مبكرا واصفة حضورها مؤتمر أقامه الوزير بأنه "مهمة استطلاعية" قبل أن تزور السودان للبحث عن مشاريع محتملة.
وستلقى مشاركة شركات مثل ألدويش ترحيبا خاصا من فيصل. ويمثل نقص الكهرباء عقبة رئيسية في معظم أفريقيا ويعيق التنمية الاقتصادية. ويشترك السودان في حدود مع سبع دول مما يعني أنه من الممكن تصدير الكهرباء إذا قام بتوليد فائض عن حاجاته.
ويتطلع أشخاص حضروا المؤتمر الذي نظمته ديفولبنج ماركتس أسوشيتس إلى الزراعة بالنظر إلى موقع السودان عند مفترق طرق بين منطقة الصحراء الإفريقية والشرق الأوسط. وفي حين أن معظم أراضي البلاد صحراء إلا أن لديها أيضا ما يقدر بحوالي 20 مليون هكتار (50 مليون فدان) من الأراضي الصالحة للزراعة.
وشكل الغذاء 16 بالمئة من الصادرات العام الماضي من بلد يتمتع بعلاقات وثيقة مع أسواق تنمو فيها أعداد السكان بوتيرة سريعة أو تتمتع بالثراء مثل مصر ودول الخليج. وفي 2016 احتلت دولة الإمارات والسعودية المركزين الثاني والثالث على الترتيب بين أكبر أسواق صادرات السودان بعد الصين.
وقال أحمد أمين عبد اللطيف رئيس مجموعة سي.تي.سي ومقرها الخرطوم "الزراعة تتمتع بكل الخصائص اللازمة كي تصبح قطاعا استراتيجيا شديد الأهمية على مدى العقود المقبلة، انظر فقط إلى أنماط الاستهلاك ونمو السكان".
وسي.تي.سي مجموعة للتجارة والتصدير والتصنيع تنشط في قطاعات تتراوح من الزراعة إلى تصنيع المنسوجات والعقارات. وقال عبد اللطيف لرويترز إنه في الأشهر القليلة الماضية تلقت المجموعة عروضا من عدد من المستثمرين الأجانب. ويتطلع معظم المستثمرين إلى الاستثمار في المزارع السودانية، ويسعون إلى بيع آلات وبذور مرتفعة الإنتاجية، أو البدء في زراعة منتجات زراعية لأنفسهم.
*ليس بعد؟
مع عدد سكان يبلغ 45 مليون نسمة، فإن إمكانيات الاستثمار في السودان واضحة لكن المشاكل أيضا كذلك. ولم يتعاف الاقتصاد منذ انفصل جنوب السودان في 2011، مستحوذا على ثلاثة أرباع إنتاج النفط في البلاد وهو المصدر الأساسي للعملة الصعبة وإيرادات الحكومة.
ويبلغ التضخم السنوي أكثر من 33 بالمئة وترفض السلطات توصية صندوق النقد الدولي لتحرير سعر صرف العملة. وسعر صرف الجنيه السوداني ثابت عند 6.7 جنيه للدولار لكن يجرى تداوله عند مستوى أقل بكثير في السوق السوداء، إذ بلغ 27 جنيها للدولار في نوفمبر تشرين الثاني قبل أن يرتفع إلى نحو 23 جنيها للدولار.
ويقدر عبد اللطيف أن العملة انخفضت 40 بالمئة مقابل الدولار منذ بداية العام ويعترف بأن مثل هذه الانخفاضات ستمحو أرباح المستثمرين الأجانب إذا استمرت. وقال "لا يوجد مشروع يحقق هامش ربح 40 بالمئة".
والسودان أيضا بين عدد محدود من الدول عليها متأخرات مستحقة لصندوق النقد الدولي، وهو ما يشير إليه الصندوق كعامل يعرقل الوصول إلى التمويل الخارجي وله تأثير سلبي شديد على التنمية.
ويأتي السودان في المرتبة السابعة والثلاثين بين الدول الثماني والأربعين الواقعة جنوبي الصحراء الإفريقية في تقرير البنك الدولي لسهولة ممارسة الأعمال.
وأصر مستثمرون في المؤتمر على أنهم سيطلبون ضمانات حكومية لأن يكون بمقدورهم تحويل الأموال إلى الخارج في حرية.
وقالت ستراتونوفا "حين تشرع للتو في العمل في مثل ذلك البلد، فالأمر صعب حقا... هذا وضع من النوع الذي قد تخسر فيه الكثير من المال".
والاعتبارات السياسية عامل آخر يثير القلق فضلا عن خطر تضرر السمعة جراء التعاون مع حكومة لا تزال واشنطن تصنفها على أنها راعية للإرهاب على الرغم من انتهاء العقوبات.
وما زال الرئيس عمر البشير مطلوبا من قبل المحكمة الجنائية الدولية فيما يتعلق بدوره المزعوم في جرائم حرب تتضمن إبادة جماعية في إقليم دارفور بغرب السودان.
وقال مستثمر مقره المملكة المتحدة حضر المؤتمر ويدرس ضخ أموال في قطاع الزراعة السوداني "إنه سؤال كبير لنا".
وأضاف المستثمر الذي طلب عدم نشر اسمه قائلا "ماذا سيكون الموقف إذا قمنا بالإنتاج في السودان، واشتعلت التوترات السياسية مجددا؟ من المقلق أن يكون اسمك مرتبطا بذلك".
(إعداد معتز محمد للنشرة العربية - تحرير وجدي الألفي)