10 07 2016

تناول تقرير الشال مستقبل الاقتصاد العالمي مشيراً إلى أنه وقبل خمس سنوات ونصف السنة، أي مع صدور بيانات النصف الأول من عام 2010 حول أداء الاقتصاد الصيني، تقدم ليصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم على مستوى الدول، بعد تفوق حجمه على حجم الاقتصاد الياباني.

ومع نهاية عام 2015، بلغ حجم الاقتصاد العالمي نحو 73.2 تريليون دولار أميركي، وفقاً لصندوق النقد الدولي، وأصبح حجم الاقتصاد الصيني نحو 11 تريليون دولار أميركي، مقابل نحو 4.1 تريليون دولار أميركي لليابان، أي أصبح حجم الاقتصاد الصيني 2.66 ضعف حجم الاقتصاد الياباني.
 
خلال تلك الفترة، راوح معدل نمو الاقتصاد الصيني ما بين 7-10 في المئة، بينما كان معدل نمو الاقتصاد الياباني إما بالسالب أو بهامش صغير موجب لا يكاد يبلغ الـ 1 في المئة. واليوم، استلم ريادة أعلى معدلات النمو في العالم، الاقتصاد الهندي، بمعدل بحدود 7.3 في المئة، (6.9 في المئة للصين)، وحجمه الحالي صغير -نحو 2.1 تريليون دولار أميركي- أي بحدود نصف حجم الاقتصاد الياباني، والسابع في حجمه في الترتيب العالمي، ولكنه سوف يصبح، وفي عقد من الزمن، ثالث أكبر اقتصاد في العالم. وبحدود منتصف العقد القادم أيضاً، ومع استمرار معدل نمو الاقتصاد الصيني بنحو ضعفين ونصف الضعف للمعدل الأميركي، سوف يصبح الاقتصاد الصيني أكبر اقتصادات العالم، ومع الاقتصاد الهندي ثالثاً، ورابعها الاقتصاد الياباني، سوف تصبح ثلاثة من أكبر اقتصادات العالم على مستوى الدول، في قارة آسيا.

على الجبهة الأخرى، بلغ حجم اقتصاد دول الإتحاد الأوروبــي -كتلــة- متضمنــة بريطانيــا فــي عـام 2015 نحو 16.2 تريليون دولار أميركي، أو ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الاقتصاد الأميركي البالغ حجمه نحو 17.9 تريليون دولار أميركي، ويبقى ثانياً، وبحجم 13.4 تريليون دولار أميركي بعد خروج بريطانيا منه البالغ حجم اقتصادها نحو 2.8 تريليون دولار أميركي وترتيبها الخامس على مستوى الدول.

ولأنها سابقة أولى في التاريخ البشري تلك التي سمحت سلماً بنشوء قوة عظمى -الصين- منافسة لقوة عظمى أخرى -الولايات المتحدة الأميركية- من دون نشوب حرب بينهما، كان من الممكن لو نجح الإتحاد الأوروبي في التحول إلى فيدرالية سياسية، أن يصبح قوة عظمى ثالثة، لتلحقهم الهند قوة عظمى رابعة بعد عقد من الزمن، ولكنه فقد بريطانيا ولم يعد تماسكه أمراً محتوماً.

ذلك يعني أن العالم الذي إستبدل القوة العسكرية الوسيلة أو الطريق إلى العظمة، بالقوة الاقتصادية، كان يسير وفق سيناريو كان واضحاً في إقتسام العظمة بين قارات ثلاث، بغلبة لآسيا مع تعدد أقطابها، وبمزاحمة أوروبية شرسة، وقتال أميركي للمحافظة على الريادة، لم يعد سيناريو على نفس الدرجة من الوضوح.

فخروج بريطانيا واحتمال تفككها وتداعيات خروجها على تماسك الإتحاد الأوروبي، زاد من حالة عدم اليقين، وبشكل كبير على أوضاع نمو الاقتصاد العالمي بشكل عام، وعلى وضع كلاً من الإتحاد الأوروبي وبريطانيا العظمى بشكل خاص. لذلك، يحتاج أمر إعادة صياغة سيناريو جديد للتحولات الاقتصادية السريعة الحاصلة في العالم إلى سنة أو أكثر قليلاً حتى يتضح حجم الإصابة وتوزيع تبعاتها، والمؤكد أن القطب الأوروبي سيكون أضعف حلقاتها وأكثرها تضرراً.

© Annahar 2016