PHOTO
زاوية عربي
من سالي أبو ملحم، الصحفية بموقع زاوية عربي
تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا صدمات مزدوجة غير مسبوقة مع تفشي فيروس كورونا أو كوفيد-19 إلى جانب انهيار أسعار النفط، وقد أدت هاتان الصدمتان إلى زيادة تراجع النمو الاقتصادي في المنطقة، بحسب تقرير للبنك الدولي أبريل الماضي.
وخلقت تلك الأوضاع تحديات كبيرة للشركات الناشئة وكذلك صناديق الاستثمار والمستثمرين في تلك الشركات.
فما الذي يحدث في مجال الاستثمار وصناديق رؤوس الأموال المخاطرة والشركات الناشئة؟
ما هو رأس المال المخاطر؟
رأس المال المخاطر هو وسيلة تمويلية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، سواء عند تكوينها أو عند التوسع فيها، والتي تسعى إلى تطبيق أفكار تكنولوجية حديثة لا يتوافر لأصحابها الأموال اللازمة لتمويلها وتحويلها إلى أنشطة تجارية مربحة، بحسب دليل المستثمر لمفهوم ونشاط رأس المال المخاطر الذي أصدرته الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر.
ويتميز هذا النوع من الاستثمار بالمخاطرة العالية.
تأثير سلبي على حركة الاستثمار
وفقا لدراسة أجرتها شركة 500Startups ونشرت في أبريل الماضي، لمعرفة تأثير أزمة كورونا على المناخ الاستثماري، يعتقد 32% من 139 مستثمر استطلعت أراءهم أن تأثير فيروس كورونا سيكون سلبي على نشاط الاستثمار في الشركات في المراحل المبكرة (رأس المال المخاطر) خلال عام 2020، فيما يعتقد 36% منهم أن التأثير سيكون سلبي قليلا.
خلفية سريعة عن 500Startups
هي شركة رأس مال مخاطر استثمرت في أكثر من 2400 شركة عبر صناديقها العالمية الخمسة و17 صندوق مخصص إما لأسواق جغرافية أو قطاعات محددة، بحسب الموقع الإلكتروني للشركة. وتمتد محفظة استثماراتها العالمية إلى أكثر من 75 دولة منها الدول العربية.
رأي الخبراء حول وضع رأس المال المخاطر الآن
وقال ربيع خوري، شريك ورئيس تنفيذي للتخارج في مؤسسة Middle East Venture Partners في حوار عبر الإنترنت مع زاوية عربي من دبي: "رأس المال المخاطر هو تمويل خاضع لاختيار المستثمر، لذلك عندما يحصل ضغط على الأشخاص الذين يرغبون في الاستثمار، فإن ذلك يضعف أيضا تمويل رأس المال المخاطر."
خلفية سريعة عن MEVP
هي شركة رأسمال مخاطر تستثمر في المراحل المبكرة (المرحلة الثانية ومراحل النمو) لشركات التكنولوجيا المبتكرة في منطقة الشرق الأوسط مع التركيز على دول مجلس التعاون الخليجي ودول المشرق العربي، بحسب الموقع الرسمي للشركة. ولديها أكثر من 300 مليون دولار في الأصول الخاضعة لإدارتها عبر 4 صناديق، بحسب ربيع.
وأضاف ربيع: "أنا قلق من تأثير انخفاض سعر النفط بشكل أكبر من فيروس كورونا لأن العالم لن ينتهي وسيتجاوز الكورونا لكن مشكلة أسعار النفط يبدو انها ستطول وفي سياق الشرق الأوسط فهي العامل الاقتصادي الأهم. لسوء حظنا جاءت الأزمتان معا. إنها العاصفة المثالية".
وأوضح ربيع أن تمويل صناديق رؤوس الأموال المخاطرة في المرحلة المبكرة (مرحلة التأسيس Seed Stage وحاضنات ومسرعات الأعمال Incubators and Accelerators) يتم غالبا من قبل الحكومات، إلا أنه سيتم تخفيض جميع الميزانيات الحكومية حاليا، وخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي، الأمر الذي سيكون له تأثير مستقبلي على توافر التمويل في المنطقة.
وتقول ليلى حسن، المدير التنفيذي في شركة 500Startups، في حوار عبر الإنترنت مع زاوية عربي من دبي، أنه هناك ثلاث أوضاع قد يمر صندوق رأس المال المخاطر بها حاليا: المرحلة الأولى حين يكون لديه أموال متاحة للاستثمار وهو في السنوات المبكرة له من ضخ استثماراته، فتكون لديه القدرة على الاستثمار والاستفادة من الأسعار والتقييمات المنخفضة للشركات في الوقت الحالي.
والمرحلة الثانية حيث يكون صندوق رأس المال المخاطر في منتصف فترة ضخ الاستثمار ولا يزال لديه بعض المال، فيستخدم أسلوب "الانتظار والترقب" وقد يستثمر على استحياء في شركات جديدة ولكن يعطي أولوية الاستثمار لشركات داخل محفظته الحالية، بحسب ليلى.
أما المرحلة الثالثة فيكون قد أنهى فترة ضخ الاستثمار، وليس لديه أي أموال للاستثمار في الوقت الحالي، ويتوجب عليه مساعدة شركات داخل محفظته بطرق غير مادية، بحسب ليلى.
ماذ يمكن عمله في الوقت الحالي؟
النصيحة الأولى التي يقدمها معظم المستثمرين للشركات الناشئة في هذه المرحلة هي تخفيض التكاليف، زيادة الrunway (المدة التي يمكن للشركة أن تستمر فيها إذا ظل الدخل والنفقات ثابتين)، والتركيز على المستهلك، بحسب دراسة 500Startups.
كذلك يزداد في فترات مثل هذه اهتمام المستثمرين بشركات تعمل في مجالات بعينها تكون في وضعية أفضل من مثيلاتها.
وبحسب دراسة 500Startups، أبدى المستثمرون اهتمام بصناعات محددة لها علاقة بأزمة كورونا مثل الرعاية الصحية بحسب 47% من الذين تم استطلاع أراءهم، وحلول العمل عن بعد بحسب 42%.
واستطاعت بعض الشركات الناشئة الحصول على تمويل في ظل الظروف الحالية مثل منصة شراء البقالة عبر الإنترنت السعودية "نعناع"، التي حصلت على استثمار بقيمة 18 مليون دولار ضمن جولة تمويلية ثانية في شهر مارس 2020، بحسب موقع MEVP.
وفي فبراير 2020، حصلت المنصة المصرية للرعاية الصحية عبر الإنترنت "فيزيتا" على 40 مليون دولار في الجولة التمويلية الرابعة، كما حصلت منصة "بيع أي سيارة" الإماراتية لتجارة السيارات عبر الإنترنت على تمويل قدره 35 مليون دولار من مستثمرين إقليميين، وفقا لتقارير صحفية.
رأي الخبراء حول ما الذي قد يحدث في الفترة المقبلة
وبحسب ليلى : "من المتوقع رؤية إندماجات بين الشركات في غضون العام أو العامين القادمين. نوصي الشركات الناشئة خلال محادثاتنا وجلساتنا أن يأخذوا هذا الاحتمال بعين الاعتبار وأن يكونوا منفتحين له."
وأضافت ليلى أن الاندماج ليس شيء يريد المؤسس أن يفكر فيه، خاصة إذا كانت الشركة في مرحلة مبكرة جدا، إلا أنها تأتي بعد أن يمر ببعض الخطوات.
وقالت ليلى ان الأوضاع الحالية ربما تسرع من وتيرة فشل الشركات التي كانت تتجه نحو الفشل بالفعل بسبب قلة مهارة المؤسس مثلا. كما توقعت أن نرى شركات تنفد مواردها المالية وليس لديها القدرة على جذب استثمارات جديدة. وفي ظل وجود شركات منافسة، سيكون خيار الاندماج أفضل لهم بحيث يستطيعوا جمع تمويلات وتكون لديهم حصة سوقية أكبر.
وقال ربيع خوري: "من الواضح انه هناك تباطؤ في إنجاز الصفقات والاستثمارات. الجميع لا يريد اتخاذ قرارات الآن، يريدون معرفة إذا ما كانت الأوضاع الحالية ستستمر 3 أشهر أم 6 أشهر لذلك يخفض الجميع بما فيهم نحن، إلى حد أقل، من استثماراتهم الجديدة ولكننا نمضي وقت أطول في مساعدة الشركات الموجودة بالفعل وتمويلها". واعتبر ربيع أن أزمة كورونا الحالية "فرصة استثمارية".
وتوقع ربيع ان تنخفض تقييمات أسعار الشركات التكنولوجية بعد أزمة كورونا ما يجعل صناديق الاستثمار تنتظر وكذلك الشركات نفسها لعلمها أن تقييماتها ستكون منخفضة وسيكون هناك شروط صعبة للحصول على تمويل في الفترة الحالية، كما أن العديد من الصناديق ستواجه مشاكل في التمويل فسيكون هناك في السوق تمويل أقل وصفقات أكثر.
وأوضح ربيع أن الإندماجات والاستحواذات ربما تتأجل لما بعد أزمة كورونا حيث لا يستطيع المستثمرون الآن تقييم الشركات كما أن الشركات نفسها ليس لديها قدرة على إعطاء توقعات لأكثر من شهر مما يصعب عملية الاستثمار. "المستثمرين لا يمكنهم زيارة المصانع ولا مقابلة أصحاب المشاريع وجها لوجه. الاجتماعات عبر الإنترنت لا تعطيك انطباع شخصي عن صاحب المشروع لذلك لا يمكنك اخذ قرارات عن طريق الاجتماعات الافتراضية".
وقال ربيع أن أزمة كورونا قد أثبتت بوضوح قيمة التكنولوجيا. "خلال هذه الجائحة شهدنا تسارع في اعتماد التكنولوجيا عبر جميع الشركات سواء تلك التي تعمل مع شركات أخرى أو مع المستهلك مباشرة. نحن متفائلون جدًا بشأن النمو في قطاع التكنولوجيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. سوف يتطلب انخفاض أسعار النفط تخصيصا أكثر فعالية لرأس المال وإنتاجية أعلى، ولن يكون الحل سوى اعتماد التكنولوجيا."
(وقد كتبت سالي لعدة مؤسسات ومكاتب إعلامية منها الجامعة الأميركية في بيروت)
(تحرير: تميم عليان؛ للتواصل yasmine.saleh@refinitiv.com)
© ZAWYA 2020
إخلاء المسؤوليّة حول المحتوى الأصلي
تم كتابة محتوى هذه المقالات وتحريره من قِبل ’ ريفينيتيف ميدل ايست منطقة حرة – ذ.م.م. ‘ (المُشار إليها بـ ’نحن‘ أو ’لنا‘ (ضمير المتكلم) أو ’ ريفينيتيف ‘)، وذلك انسجاماً مع
مبادئ الثقة التي تعتمدها ريفينيتيف ويتم توفير المقالات لأغراض إعلاميةٍ حصراً؛ ولا يقترح المحتوى أي استشارات بخصوص جوانب قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي آراء بشأن ملاءمة أو قيمة أو ربحية أي استراتيجية معيّنة تتعلق بالاستراتيجية الأمنية أو المحافِظ أو الاستثمار.
وبموجب الحد الذي يسمح به القانون المعمول به، لن تتحمّل ’ ريفينيتيف ‘، وشركتها الأم والشركات الفرعية والشركات التابعة والمساهمون المعنيون والمدراء والمسؤولون والموظفون والوكلاء والمٌعلنون ومزوّدو المحتوى والمرخّصون (المشُار إليهم مُجتمعين بـ ’أطراف ريفينيتيف ‘) أي مسؤولية (سواءً مجتمعين أو منفردين) تجاهك عن أية أضــرار مباشــرة أو غيــر مباشــرة أو تبعيــّة أو خاصــة أو عرضيّة أو تأديبية أو تحذيريّة؛ وذلك بما يشمل على سـبيل المثـال لا الحصـر: خسـائر الأرباح أو خسارة الوفورات أو الإيرادات، سـواء كان ذلك بسبب الإهمال أو الضـرر أو العقـد أو نظريـات المسـؤولية الأخرى، حتـى لـو تـم إخطـار أطـراف ’ ريفينيتيف ‘ بإمكانيـة حـدوث أيٍ مـن هـذه الأضرار والخسـائر أو كانـوا قـد توقعـوا فعلياً حدوثهـا