PHOTO
20 08 2016
بيروت/موسكو (رويترز) - أطلقت سفن حربية روسية في البحر المتوسط ثلاثة صواريخ كروز على أهداف قرب حلب يوم الجمعة في إشارة أخرى على أن موسكو توسع من حملتها العسكرية في سوريا بعد أيام من استخدام قاعدة جوية في إيران لشن غاراتها.
وساعدت القوة الجوية الروسية الرئيس السوري بشار الأسد على تحقيق تقدم مطرد ضد مقاتلي المعارضة الذين يسعون للإطاحة به منذ تدخل موسكو في القتال منذ عام مضى لكن تقدما لمقاتلي المعارضة في حلب في الآونة الأخيرة أعاق هذا الزخم.
وفي شمال شرق سوريا قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إن مقاتلات تابعة للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة نفذت دوريات يوم الخميس لحماية قواتها على الأرض ضد ضربات الحكومة السورية الجوية والتي تستهدف مدينة الحسكة التي يغلب على سكانها الأكراد.
وقال المتحدث باسم البنتاجون الكابتن جيف ديفيز "تم تقديم النصح للنظام السوري بشكل واضح بعدم التدخل في شؤون قوات التحالف أو شركائنا"
وأضاف المتحدث إن طائرات التحالف وصلت إلى المنطقة بينما كانت الطائرات الحربية السورية تغادر وأضاف "هذا أمر غير معتاد بالمرة. لم نر النظام يتخذ مثل تلك الإجراءات ضد وحدات حماية الشعب من قبل."
وإطلاق روسيا ثلاثة صواريخ كروز هي المرة الأولى التي تطلق فيها نحو أهداف في سوريا من البحر المتوسط إذ قامت بعمليات إطلاق سابقة من أسطولها في بحر قزوين. ويوم الثلاثاء بدأت المقاتلات الروسية في استخدام قاعدة همدان الجوية في إيران كنقطة انطلاق لمهماتها في سوريا.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن الصواريخ مرت على مناطق غير مأهولة واستهدفت جبهة النصرة التي غيرت اسمها في الآونة الأخيرة إلى جبهة فتح الشام بعد أن أعلنت قطع علاقاتها الرسمية مع تنظيم القاعدة الشهر الماضي قبل أن تلعب دورا كبيرا في التقدم المفاجئ الذي حققه مقاتلو المعارضة في حلب.
وأثار تصاعد القتال والضربات الجوية على وحول المدينة -المقسمة إلى مناطق تسيطر عليها الحكومة في الغرب ومناطق تسيطر عليها المعارضة في الشرق- قلقا دوليا متناميا خاصة بعد نشر صور يوم الخميس لطفل سوري مذهول وجهه ملطخ بالدماء بعد إنقاذه من تحت الأنقاض في حلب.
وتفاقمت الأزمة التي يعاني منها المدنيون في المناطق المحاصرة بسبب النقص الحاد في السلع الأساسية مما دفع برنامج الأغذية العالمي يوم الجمعة إلى التحذير من أن الوضع "غير إنساني ومروع ومقزز وكابوسي".
وفي داريا إحدى ضواحي دمشق قال مقاتلو المعارضة والمرصد السوري لحقوق الإنسان إن طائرات الهليكوبتر التابعة للجيش السوري أسقطت "براميل متفجرة" على المستشفى الوحيد في داريا المحاصرة التي تخضع لسيطرة المعارضة في وقت مبكر من يوم الجمعة مما أخرجها من الخدمة.
ويوم الخميس قالت روسيا أقوى حليف عسكري للأسد إنها تؤيد اقتراحا لوقف القتال لمدة 48 ساعة أسبوعيا في حلب للسماح بإيصال المساعدات للمناطق المحاصرة وإنها على استعداد لبدء تنفيذ ذلك اعتبارا من الأسبوع القادم.
ورحبت الهيئة العليا للمفاوضات وهي المظلة الرئيسية للمعارضة السورية يوم الجمعة بحذر باقتراح هدنة أسبوعية في حلب للسماح بوصول المساعدات للمناطق المحاصرة بشرط أن تخضع لإشراف الأمم المتحدة. وخلال وقف سابق للقتال لأغراض إنسانية هذا العام تبادل الجانبان الاتهامات بشأن خرق الهدنة مع تصاعد القتال مجددا.
* مقتل العشرات في الحسكة
قال متحدث باسم وحدات حماية الشعب الكردية السورية إن السلطات الكردية أجلت يوم الجمعة آلاف المدنيين من المناطق الكردية في مدينة الحسكة بشمال شرق سوريا في اليوم الثاني للضربات الجوية والقصف المدفعي من جانب القوات الحكومية.
ووحدات حماية الشعب الكردية جزء أساسي من قوات سوريا الديمقراطية وهي ركيزة الحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا وسيطرت الأسبوع الماضي على مدينة منبج من أيدي التنظيم كجزء من المساحات المتنامية في شمال سوريا التي تسيطر عليها.
وقال المتحدث ريدور خليل لرويترز إن عشرات المدنيين قتلوا خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية ووصف المعركة بأنها الأشرس بين الوحدات الكردية والحكومة السورية منذ بداية الحرب قبل خمس سنوات.
وأضاف "الحسكة تشهد حربا حقيقية الآن."
وتفادت الحكومة ووحدات حماية الشعب المواجهة معظم الوقت في الحرب المتعددة الأطراف التي حولت سوريا إلى مناطق منقسمة تخضع لسيطرة الحكومة ومجموعة متعددة من الفصائل المسلحة.
وقال الجيش السوري في بيان يوم الجمعة إن القتال الذي دار هذا الأسبوع اندلع بسبب محاولة قوات الأمن الكردية السيطرة على الحسكة مما دفعه للرد بإطلاق النار على الجماعات المسلحة.
وركز الأسد مدعوما من روسيا وإيران على قتال المسلحين العرب السنة الذين يسعون للإطاحة به في غرب سوريا مدعومين من دول من بينها تركيا والسعودية والولايات المتحدة.
ولدى وحدات حماية الشعب أولوية في القتال هي السيطرة على المناطق التي تقطنها أغلبية كردية في شمال البلاد وحمايتها. وللوحدات صلات بحزب العمال الكردستاني في تركيا.
وبينما تسيطر وحدات حماية الشعب على أغلب الشمال الشرقي تحافظ الحكومة السورية على وجود لها في مدينتي الحسكة والقامشلي على الحدود مع تركيا.
ورفعت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على منبج من أيدي الدولة الإسلامية الأسبوع الماضي من احتمالات التقدم نحو مدينة الباب قرب حلب.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية أجلوا أسرهم من مدينة الباب ومدينة جرابلس المجاورة إلى المعقل الرئيسي للتنظيم في الرقة في مؤشر على أنهم يستعدون لمواجهة هجوم.
* هدنة حلب
كانت جماعات مسلحة بينها جماعة فتح الشام قد اقتحمت مجمعا للجيش السوري في جنوب غرب حلب قبل أسبوعين وكسرت حصارا على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في المدينة الأمر الذي أدى لهجمات مضادة عنيفة.
وقال قيادي كبير في المعارضة إن هناك أجواء إيجابية تحيط بمحادثات وقف إطلاق النار لكن لم ترد تفاصيل حتى الآن.
وذكر مصدر عسكري أن طائرات حربية سورية نفذت 46 طلعة جوية في الساعات الأربع والعشرين الماضية شملت ضربات في حلب دمرت دبابة ومركبة محملة بالذخيرة وثلاثة مرابض لقذائف المورتر وقتلت عشرات من مقاتلي المعارضة.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان يوم الجمعة إن المعارك المتواصلة بين مقاتلي المعارضة والجيش السوري والفصائل المتحالفة معه بلغت أشدها في جنوب غرب المدينة.
وأضاف أن الضربات الجوية والقصف في حلب وحولها أسفر عن مقتل 422 مدنيا بينهم 142 طفلا هذا الشهر.
وقالت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي بيتينا لوسيشر خلال مؤتمر صحفي في جنيف يوم الجمعة "نحتاج لتوقف لمدة 48 ساعة. نحتاج لذلك الآن." ورغم أن تقدم المعارضة فتح ممرا ضيقا إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة من حلب فإن الوصول للمنطقة لا يزال محدودا وخطرا الأمر الذي يعني أن إمدادات الإغاثة شحيحة.
وأضافت المتحدثة "من المهم للغاية أن نذهب هناك لأن الناس يائسون تماما. ينبغي أن يتوقف الحصار من الجانبين. إنه غير إنساني ومروع ومقزز وكابوسي. هذه ليست بالضرورة كلمات الأمم المتحدة لكن هذا هو الوضع."
(إعداد سلمى محمد للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)
© Reuters 2016