PHOTO
08 07 2016
نقاط عالقة تعترض المفاوضات المتوقفة منذ 2008 أبرزها رسوم الصادرات
أكد عبدالرحيم حسن نقي، الأمين العام لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي، أن هناك فرصا استثمارية واعدة أمام الشركات الخليجية، ستتولد بعد قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي، وخصوصا في قطاع الطيران، موضحا أن بعض الشركات التي تسيير رحلات مكثفة ودائمة لمطارات بريطانيا ستستفيد من الوضع الجديد بعد أن كان في السابق يتم تحديد عدد الرحلات المسموح بها لهذه الشركات بموجب الاتفاقات الأوروبية.
وتوقع نقي في حوار مع "الاقتصادية" أن يكون البريطانيون أكثر مرونة في تشجيع حركة السياحة والاستثمار والأعمال مع الجانب الخليجي.
ويرى المسؤول الخليجي أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يصب في مصلحة دول مجلس التعاون بشأن المفاوضات التجارية بينهما؛ بسبب حاجة بريطانيا الملحة لتعزيز وجودها في أسواق تجارية جديدة، وكذلك لأن خروج بريطانيا سيضعف من قدرة الاتحاد على التفاوض الجماعي وربما يدفعه لإبداء مزيد من المرونة في الشروط التي يضعها أمام الجانب الخليجي.
وأشار إلى أن المشاورات مع دول الاتحاد الأوروبي مستمرة حول المسائل العالقة في اتفاقية التجارة الحرة وخصوصا الشق المتعلق برسوم الصادرات، حيث تم إبلاغ الجانب الأوروبي بأن موقف دول المجلس لم يتغير بشأن النقاط العالقة، وفيما يلي نص الحوار:
كيف تقيمون أثر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على مسار الخطوات المتعلقة بالسعي لتوقيع منطقة التجارة الحرة مع الجانب الأوروبي؟
مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي بدأت منذ عام 1988 أي قبل 28 عاما، لكن لم يتم التوصل إلى نتائج حاسمة بشأنها بسبب تعنت الجانب الأوروبي في قضايا الرسوم على الصادرات الخليجية ما اضطر دول المجلس لتعليقها 2008.
وعلى الرغم من أن المشاورات بين الجانبين مستمرة حول المسائل العالقة في الاتفاقية وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بموضوع رسوم الصادرات، إلا أن موقف دول المجلس لم يتغير بشأنها وقد تم إبلاغ الجانب الأوروبي بذلك، التي ترى أن القيود التي اقترحها الأوروبيون غير مقبولة، والمتمثلة بأن يكون هناك قيد زمني لفرض الرسوم على الصادرات بحيث يكون فرض الرسوم مؤقتا ولمدة محددة بعدد السنوات، وأيضا قيد كمي بحيث لا تتجاوز الرسوم نسبة معينة من حجم التجارة بين الجانبين، وكذلك أن يعطى الحق في حال فرض أحد الطرفين رسوما على الصادرات للطرف الآخر بفرض إجراءات تعويضية.
وتعتقد دول المجلس أن أي قيود تفرض على الصادرات يجب أن تكون منسجمة مع قواعد منظمة التجارة العالمية وتخضع لها، كما تقترح الاحتكام في هذه المسألة لهذه القواعد أيضا، بمعنى أن يكون الالتزام بما تفرضه الآن أو مستقبلا منظمة التجارة من قيود على رسوم الصادرات أو الحق في فرض رسوم، خاصة أن الجانبين عضوان فيها والجميع ملتزم بذلك.
وتطمح دول المجلس من خلال عقد هذه الاتفاقية لتصحيح الخلل المزمن في الميزان التجاري بين الجانبين، حيث يصل حجم التجارة بين أوروبا ودول مجلس التعاون الخليجي أكثر من 150 مليار يورو سنويا، والصادرات الأوروبية 100 مليار يورو، والصادرات الخليجية 50 مليار يورو ما يعني وجود خلل في الميزان التجاري لمصلحة أوروبا بمقدار 50 مليار يورو.
ونحن نعتقد أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيكون لمصلحة دول مجلس التعاون في جانب المفاوضات التجارية على صعيدين، الأول هو حاجة بريطانيا الملحة لتعزيز وجودها في أسواق تجارية جديدة لكي تعوض عن احتمال فقدان صادراتها لبعض حصتها في الأسواق الأوروبية إذا ما تم التعامل مع هذه الصادرات معاملة دولة غير عضو في الاتحاد مع العلم بأن 50 في المائة من الصادرات البريطانية تذهب للاتحاد الأوروبي، وما يدعم هذا الاتجاه هو العلاقات التاريخية بين بريطانيا ودول المجلس ووجودها التاريخي في هذه الدول، كذلك الزعم البريطاني بأن وجودها في عضوية الاتحاد الأوروبي كان يفرض عليها قيودا كثيرة في المفاوضات التجارية مع دول العالم، والآن باتت أكثر حرية في هذه المفاوضات.
أما الصعيد الثاني وهو المتعلق بمفاوضات دول المجلس مع الاتحاد الأوروبي ما لا شك فيه أن خروج بريطانيا سيضعف من قدرة الاتحاد على التفاوض الجماعي وربما يدفعه لإبداء مزيد من المرونة في الشروط التي يضعها خاصة إذا نجحت دول المجلس في عقد اتفاقية للتجارة الحرة مع بريطانيا، الأمر الذي سوف يثير مخاوف الأوروبيين من ميل الثقل الأكبر في تجارة دول المجلس نحو البريطانيين.
هل خروج بريطانيا يمكن أن يؤثر على تعاملات وعلاقات القطاع الخاص مع الجانب الأوروبي خاصة أن الاتحاد الأوروبي يعد شريكا استراتيجيا للجانب الخليجي؟
القطاع الخاص الخليجي يملك استثمارات ضخمة في الاتحاد الأوروبي وفي بريطانيا وتقدر محفظة الاستثمار العقاري العائدة لمستثمرين خليجيين والصناديق السيادية الخليجية بنحو 120 مليار جنيه استرليني في بريطانيا وحدها، بخلاف الاستثمار في أسواق الأسهم والأوراق المالية، والبيانات تشير إلى توقع انخفاض العقار البريطاني بنحو 20 في المائة ما يعني تأثر تلك المحفظة سلبا إلى جانب انخفاض الأسهم البريطانية بنحو 10 في المائة.
في المدى المنظور أيضا، فإن انخفاض قيمة الجنيه الاسترليني أمام الدولار الأمريكي سوف يسهم في خفض قيمة الواردات الخليجية من بريطانيا ولكن في المقابل سوف يرفع قيمة الصادرات نتيجة ارتباط قيمة العملات الخليجية بالدولار، ولكن ليس بالضرورة أن يكون هذا التطور إيجابيا لأنه يضعف الوضع التنافسي للصادرات الخليجية التي تتكون أغلبها من صادرات البتروكيماويات والنفط، ولكن قد يستفيد السياح الخليجيون هذا الموسم لدى زيارتهم المدن الإنجليزية من انخفاض قيمة الاسترليني.
وعلاوة على هذه التأثيرات المباشرة، فإن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد يتسبب في عديد من التقلبات والضغوطات على أنظمة أوروبا المالية وأسواق الأسهم فيها، نظرا لحجم الشراكة التجارية المهمة بين الجانبين، وما سيتسبب فيه ذلك الخروج من تباطؤ للنمو الاقتصادي في منطقة اليورو، وبالتالي ستتأثر آفاق نمو الاقتصاد العالمي وهو بدوره سوف يؤثر على توقعات تحسن سعر النفط الخليجي، خصوصا أن التوقعات تشير كذلك إلى أن تشهد بريطانيا في فترة ما بعد الاستفتاء وما سيسودها من شكوك ومخاوف في التأثير على الثقة، ركودا خلال النصف الثاني من عام 2016 وذلك وفق ما أشار إليه معهد التمويل الدولي.
هذه العوامل جميعها سوف توجد تحديات أمام استثمارات القطاع الخاص الخليجي ولكن بالوقت نفسه سوف توجد فرصا أكبر للاستثمار بأسعار أرخص، وعموما فما لا شك فيه أن توصل دول مجلس التعاون الخليجي لعقد اتفاقيات التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي ومع بريطانيا سوف يوفر إمكانات دعم كبيرة للقطاع الخاص لتطوير علاقاته معهما في جميع المجالات.
ما القطاعات الاقتصادية التي تتركز فيها الاستثمارات الخليجية سواء لرجال الأعمال أو الصناديق السيادية؟ وهل يمكن أن تتأثر بهذا الخروج وما خطوات الاتحاد للتقليل من هذا الأثر؟
كما ذكرت، فإن معظم استثمارات المستثمرين الأفراد الخليجيين تتركز في العقارات والأوراق المالية، أما بالنسبة للمستثمرين الخليجيين الذين يمتلكون شركات كبيرة فإن لهم حصصا في بعض الشركات والبنوك البريطانية مثل الفنادق وسلسلة المتاجر والمصارف وشركات الاتصالات والنقل والخدمات، كما هناك بعض البنوك الخليجية لديها فروع وشركات مصرفية تابعة في بريطانيا، كذلك بعض البنوك الاستثمارية الخليجية التي تشتري بعض الشركات البريطانية للاستثمار فيها.
وجميعها سوف تتأثر في المدى القريب بسبب انخفاض قيم الأصول وانخفاض قيمة الجنيه الاسترليني والتباطؤ الاقتصادي، لكن هذا التأثير سيكون مؤقتا خصوصا أن الطابع العام للاستثمارات الخليجية ليس للمضاربة وإنما الاستثمار الطويل الأجل.
كما أن هنالك فرصا ستتولد في ضوء الوضعية الجديدة لبريطانيا ستكون أمام شركات الطيران الخليجية التي تمتلك رحلات مكثفة ودائمة للمطارات الإنجليزية، فقد كان في السابق يتم تحديد عدد الرحلات المسموح بها لهذه الشركات بموجب الاتفاقات الأوروبية، أما الآن فإن البريطانيين سوف يكونوا أكثر مرونة وذلك لتشجيع حركة السياحة والاستثمار والأعمال بين الجانبين. هنالك اتفاقيات تعاون مع الجانب الأوروبي، وبريطانيا دولة مؤثرة في الاقتصاد الأوروبي، هل يمكن أن يؤثر ذلك الخروج على حجم التبادلات التجارية مع الجانب الأوروبي؟
من المبكر نوعا ما الحديث بدقة عن هذا الجانب في الوقت الحاضر، لأن كثيرا من القضايا سوف تعتمد على شكل التسويات التي سوف تتوصل إليها بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي بعد استكمال عملية خروجها الذي قد يستغرق عامين وربما أكثر وخصوصا فيما يخص الاتفاقيات التجارية والهجرة والعمل وكذلك وضعية العلاقة بين بريطانيا والاتحاد بعد ذلك، وهل سيتم وضع ترتيبات جديدة يستعاض بها عن الترتيبات السابقة كأن تبقى بريطانيا ضمن السوق الأوروبية المشتركة.
بطبيعة الحال الاتفاقيات بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي لن تتأثر ولكن زخم هذه الاتفاقيات سيتأثر نوعا ما لأن بريطانيا تمثل 15 في المائة من قوة الاقتصاد الأوروبي وبالتالي جميع الاتفاقيات التي أبرمت مع الاتحاد سوف تضعف مع فقدان هذه النسبة، وبطبيعة الحال، سنشهد تراجعا في أرقام المبادلات التجارية والاستثمارية نتيجة خروج بريطانيا من هذه الأرقام، ولكن في الجانب الآخر أيضا ربما يشكل ذلك فرصة جيدة لدول الخليج لتفتح ملف هذه الاتفاقيات وتعيد التفاوض بشأنها نظرا لكون هذه الاتفاقيات بنيت على موازين قوى وحسابات اقتصادية معينة، بينما اختلفت الآن بعد خروج بريطانيا من الاتحاد.
وفي هذه الحالة، بالنسبة للاتفاقيات الخليجية الموجودة مع بريطانيا بكونها عضوا في الاتحاد الأوروبي سيتم إعادة التفاوض بشأنها مع بريطانيا وحدها أيضا بما في ذلك وكما ذكرنا مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة حيث يمكن لدول المجلس أن تستثمر هذه الحالة للتوصل إلى اتفاقيات استثمارية وتجارية جيدة مع البريطانيين نظرا لحاجتهم الماسة للتعويض عن جزء من خسارتهم لحصتهم في الأسواق الأوروبية.
© الاقتصادية 2016