PHOTO
24 07 2016
عقب ضخامة حجم القروض المتعثرة
استبعد تحليل بنك QNB أن تتحوّل مشكلة البنوك الإيطالية إلى أزمة مالية عالمية مثل ما حدث في عام 2008. ذلك بعد أن انهارت أسعار أسهمها بعد قرار المملكة المتحدة الخروج من الاتحاد الأوروبي، حيث يتم الآن تداول هذه الأسهم بأقل من 50% من قيمتها في بداية عام 2016.
لكن التحليل الصادر أمس، أكد أن المخاطر الرئيسية تتمثل في إمكانية اشتعال غضب شعبي آخر على الاتحاد الأوروبي، وسيكون هذه المرة من رابع أكبر اقتصاد في المنطقة. وإذا حدث ذلك، فإن من شأنه توجيه ضربة أخرى للمشروع الأوروبي، وإضافة صفحة أخرى من عدم اليقين بشأن مستقبل الاتحاد الأوروبي إلى جانب قرار المملكة المتحدة بالخروج من الاتحاد، مبيناً أنه "لا الاتحاد الأوروبي ولا الاقتصاد العالمي باستطاعتهما مواجهة كل هذا الاضطراب في وقت قليل كهذا."
وبينما يمكن عزو هذا الأمر جزئياً لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلا أن المشكلة أعمق من ذلك بعض الشيء. فالميزانيات العمومية للبنوك الإيطالية مثقلة بالقروض المتعثرة، وتواجه محاولات الحكومة الإيطالية حل هذه المشكلة عن طريق رفع رسملة النظام المصرفي عقبات قانونية فرضتها الضوابط الجديدة لمنطقة اليورو.
وتوقع التحليل أن تتوصل إيطاليا وبقية منطقة اليورو إلى اتفاق ينسجم بصفة عامة مع تلك الضوابط. غير أنه لا يتوقع أن تمتدّ مشكلة البنوك الإيطالية للتأثير على الاقتصاد العالمي.
وذكر أن المشكلة الرئيسية أمام البنوك الإيطالية هي ضخامة حجم القروض المتعثرة والتي تقدّر بما يقرب من خمس الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. ويعزى تراكم القروض المتعثرة بصفة أساسية إلى ضعف أداء الاقتصاد الكلي. فقد كانت إيطاليا في حالة ركود لمدة ثلاث سنوات بين عامي 2012 و2014. وكان الانتعاش اللاحق ضعيفاً للغاية، مع نمو الاقتصاد بنسبة 0.8% فقط في عام 2015.
ولذلك فإن نصيب الفرد الواحد من الناتج المحلي الإجمالي في إيطاليا لا يزال دون الذروة التي كان عليها في فترة ما قبل الأزمة، على العكس من معظم الاقتصادات المتقدمة. كما أضرّ ضعف بيئة الاقتصاد الكلي بالعديد من الشركات، وهو ما ترتب عليه ارتفاع سريع في القروض المتعثرة من نسبة 4.4% في عام 2007 إلى 16.0% في عام 2015، وتعدّ من أعلى النسب في أوروبا.
كما أضرّت ضخامة حجم القروض المتعثرة بربحية البنوك. فقد سجلت البنوك الايطالية أربع سنوات متتالية من الخسائر بين عامي 2011 و2014، وحققت عوائد هزيلة في عام 2015 (بلغ العائد على حقوق المساهمين 3.1% في عام 2015). وأدّت القروض المتعثرة بشكل مباشر إلى انخفاض مداخيل البنوك بسبب عجز المقترضين عن سداد ديونهم، وبشكل غير مباشر بسبب اضطرار البنوك لوضع رؤوس أموال كبيرة كمخصصات مقابل الخسائر المحتملة في القروض المتعثرة.
ولم يقتصر تأثير القروض المتعثرة على النظام المصرفي فقط، بل امتدّ إلى الاقتصاد الوطني ككل. فارتفاع القروض المتعثرة يتطلب بالمقابل رأسمال أكبر يتم فرضه من طرف الجهة المنظمة، ما يؤدّي إلى الحدّ من قدرة البنوك على تقديم قروض جديدة أو الدخول في أي أنشطة إقراضية قد تلحق مزيداً من الضرر بميزانياتها العمومية. وقد ظلت محفظة القروض لدى البنوك الإيطالية تتقلص منذ نهاية عام 2011، الأمر الذي أضرّ بالاستثمار في البلاد وساهم في الركود الذي حدث في السنوات الأخيرة وقد يعيق النمو الاقتصادي مستقبلاً.
© Al Raya 2016