يستعد المسلمون في جميع أنحاء العالم لاستقبال شهر الصيام والقرآن، فرمضان يحتاج إلى استعدادات خاصة من حيث تهيئة النفس للتعبد والتأمل والدعاء؛ للفوز بالجائزة الكبرى وهي غفران الذنوب ودخول الجنة.
"سلام" حاور الدكتور محمد الشحات الجندي، أستاذ علوم الشريعة وعضو مجمع البحوث الإسلامية بمصر، ليقدم نصائح روحانية لتهيئة نفس المسلم استعدادًا لاسقبال شهر رمضان.
1- استغلال منحة إلهية
في البداية، يقول د.محمد الجندي: إن شهر رمضان من المنح الإلهية التي يجب على المسلم إحسان استغلالها، حتى يكفر عن ذنوبه التي فعلها منذ رمضان الماضي.
ويضيف: "نحن مقبلون على استقبال شهر رمضان المعظم، بما فيه من تجليات رحمانية ونفحات ربانية، وهذا الشهر الكريم يعد هدية من الله عز وجل للمسلمين، ليرفع درجات المسلم بالعمل الصالح والفوز بالجنة".
2- حسن المعاملة
ويتابع: "يحتاج المسلم أن يستعد لاستقبال هذا الشهر استعدادًا خاصًا، فيجب عليه أن يكون مع الناس وللناس ومن أجل الناس، بمعنى أنه يجب على المسلم أن يصفي قلبه تجاه كل من حوله، قبل استقبال الشهر الكريم".
وينصح أستاذ علوم الشريعة، الإنسان المسلم الحق بالتغاضي عن الإساءة، ومسامحه من آذاه، وعليه أن يحسن معاملة الناس ويكون هيّن ليّن سهل كما هو في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حُرم على النار كل هيّن ليّن سهل قريب من الناس".
ويستطرد الجندي، قائلاً: "الغرض في الأساس من شهر رمضان هو التقوي والعبادة، فعلى الإنسان أن يستعد لاستقبال هذا الشهر الكريم، ويكون مؤهلاً لاستقباله، ولديه الاستعداد النفسي والروحاني، حتى يتمكن من اجتياز الاختبار بنجاح".
ويشير إلى أن الدين أصل المعاملة، ويقول: "المعاملة لا تنفصل عن العبادة، لذلك على الإنسان أن يكون لديه سماحه وتقوى في قلبه، حتى يستطيع أن يتخلص من كل النزاعات والشحناء داخله تجاه الناس".
ويؤكد الجندي، أن المسلم عليه أن يكون مستعدًا منذ بداية شهر رجب ومرورًا بشعبان ليكون جاهزًا لاستقبال شهر رمضان المبارك، حتى يكون شهر السعادة بالنسبة له، لأنه يرتفع درجات عن طريق عبادته وصيامه وقيامه.
وينصح باستغلال ما تبقى من أيام شهر شعبان حتى يعوّد المسلم نفسه على القيام بالطاعات، ولا يشعر بمشقة في الصيام أو صلاة التراويح في كل ليلة من ليالي رمضان.
3- ترويض النفس بالعبادات
ويقول الجندي: "على المسلم ترويض نفسه، والتردد على المساجد، والتقرب إلى الله عن طريق قراءة القرآن، وأن يخصص له ورِد يومي من كتاب الله تعالى والمداومة عليه، حتى يسهل على نفسه الطاعة خلال شهر رمضان المعظم".
ويضرب أستاذ علوم الشريعة، مثالاً عن استقبال رمضان، قائلاً: "عندما يأتي ضيفًا للبيت، يقوم صاحب البيت بالاستعداد على أكمل وجه حتى يحسن استقبال الضيف، وكذلك شهر رمضان هو ضيف كريم وعزيز، لأنه يقربنا من الله، فيجب أن يكون المسلم في أحسن هيئة لاستقباله".
ويضيف: "هذا الترويض للنفس البشرية يخلق في الإنسان طاعة الافتقار إلى الله والتذلل له، ويُشعر القلب بعظمة الخالق وبحلاوة الإيمان، كما أن هذه الطاعات تُسهل مشقة الصيام والعبادة في رمضان، لأن المسلم سيكون قد اعتاد عليها".
ويشير الجندي إلى أن هذه الأيام المباركة الأخيرة من شهر شعبان، تكون مليئة بالمودة والرحمة والسعادة، وعلى الإنسان أن يختلي بنفسه ويعترف بذنوبه ويتوب على ما فعل خلال العام الماضي، ويجدد نيته للتوبة من جميع المعاصي.
ويتابع: "ويعقد عهدًا مع الله على أن يحسن استغلال شهر رمضان المعظم في العبادة والتقرب إلى الله".
4- الظفر بالعبادة
وينوه الجندي إلى أن ارتفاع درجة حرارة الجو تزيد من معاناة الإنسان المسلم أثناء الصيام في نهار رمضان، لكنها تزيد من رفعة أجره عند الله سبحانه وتعالى في نفس الوقت.
وينصح بأن يخصص المسلم مبلغ مالى بقدر استطاعته، حتى وإن كان ضئيلًا ويجعلها صدقة لوجه الله تعالى، حتى يُقبل على شهر رمضان وهو خالص النية على التوبة من الذنوب والمعاصي.
ويقول الجندي :" المسلم الذي يظفر بالعبادة والطاعة في شهر رمضان، يكسب أجرًا عظيمًا، لأن مقاومة النفس وعدم الخضوع للمؤثرات والفتن في هذا الشهر، تحسب للمسلم أجرًا كبيرًا عند الله".
5- الاجتهاد والتأمل
ويستنكر الجندي، الكم السنوي الهائل من المسلسلات والبرامج الترفيهية، التي تعد خصيصًا للبث على شاشات التلفاز أو عبر أثير الإذاعة خلال هذا الشهر الكريم.
وينصح بألا يلتفت المسلم لهذه المسلسلات والبرامج، حتى لا يضّيع على نفسه فرصة الخروج من شهر رمضان وهو مغفور له .
وينتقل الجندي إلى عبادة يغفلها كثير من الناس بسبب هموم الدنيا، وهي عبادة التأمل في خلق الله، ومناجاة الله.
ويقول: هذه العبادة تزيد من تقوى القلوب، وتجعل النفس صافية مطمئنة قريبة من الله، ومن الأفضل أن يقوم بها المسلم مع اقتراب شهر رمضان حتى يتوب من كل ذنوبه، ويجدد نيته في هذا الشهر الكريم على عدم المعصية.