PHOTO
04 08 2016
في تقرير لجمعية المحللين الماليين المعتمدين في البحرين
قال تقرير لجمعية المحللين الماليين المعتمدين في البحرين إن استطالة أمد مرحلة انخفاض أسعار النفط فرضت ضغوطًا على الميزانيات المالية لجميع دول المنطقة لتكشف النقاب عن مدى اعتماد العديد من دول مجلس التعاون الخليجي على عائداتها النفطية.
ويشير هذا التطور المستمر منذ 18 شهرًا إلى أن دول المجلس مقبلة على مرحلة حافلة بالتحديات.
إضافة إلى ذلك، هناك حاجة ملحة لتحول تلك الدول من مرحلة الاعتماد المفرط على دخلها النفطي إلى اعتماد نموذج اقتصادي يركز بشكل أكبر على تنويع مصادر دخلها.
ونتيجة لذلك، شجعت هذه المرحلة حكومات دول مجلس التعاون الخليجي على تبني مبادرات لتنفيذ إصلاحات اقتصادية وممارسة المزيد من الانضباط فيما يتعلق بميزانياتها.
وأضافت الجمعية أن المناخ الاقتصادي الراهن شهد لجوء دول المجلس المصدرة للسندات إلى تمويل احتياجاتها المتنامية للمزيد من الأموال عبر طرح سندات اقتراض في الأسواق.
إذ إنه نظرًا لطول المدة التي يحتاج إليها تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية، شهدت أسواق مجلس التعاون الخليجي طفرة كبيرة في إصداراتها من السندات والصكوك خلال السنة المنصرمة.
واتضحت ملامح المستقبل بصورة جلية خلال الشهور الستة الأولى من عام 2016 (النصف الأول من عام 2016)، حيث بلغ إجمالي قيمة السندات التي أصدرتها دول المجلس نحو 39 مليار دولار أمريكي (بما فيها الصكوك)، أي نحو 15% من إجمالي قيمة السندات التي أصدرتها كما هي موقوفة بتاريخ 30 يونيو 2016.
والجدير بالذكر أن قيمة السندات التي أصدرتها دول المجلس خلال النصف الأول من عام 2016 (باستثناء السندات قصيرة الأجل) تساوي تقريبا قيمة السندات التي أصدرتها تلك الدول طوال عام 2015.
وبينت «جميعة المحللين» أن إصدارت دول مجلس التعاون الخليجي من السندات السيادية مؤخرا هيمنت على أسواق السندات الخليجية، حيث بلغت قيمتها 20 مليار دولار، أي ما نسبته 51% من اجمالي السندات التي تم إصدارها في تلك الدول خلال النصف الأول من عام 2016.
وبينما أصدرت حكومة البحرين سندات بقيمة 2.1 مليار دولار (بآجال استحقاق تبلغ 5 سنوات و10 سنوات) بحلول نهاية عام 2015، يسجل عام 2016 أرقاما قياسية جديدة في قيمة إصدارات السندات السيادية الكبيرة التي تصدرها دول المنطقة. وحيث إن المستثمرين في الأدوات ثابتة الدخل كانوا متعطشين بقوة منذ مدة طويلة لمثل هذه الإصدارات السيادية عالية الجودة، جاءت تلك الإصدارات في الوقت المناسب لتلبية رغبات أولئك المستثمرين.
وكان من أبرز تلك الإصدارات، السندات التي طرحتها حكومة إمارة أبوظبي بقيمة 5 مليارات دولار في شهر أبريل الماضي، والسندات التي طرحتها حكومة دولة قطر بقيمة 9 مليارات دولار في شهر مايو الماضي، وتلك التي طرحتها حكومة سلطنة عمان بقيمة 3 مليارات دولار في يونيو الماضي.
وتجاوز اكتتاب المستثمرين بتلك الإصدارات قيمتها بكثير ويجري الآن تداولها في الأسواق ضمن هوامش أقرب إلى مؤشر عائدات سندات الخزينة منها إلى مستوى عائداتها لدى إصدارها، ما يوضح مدى اهتمام المستثمرين بالاستثمار في السندات السيادية الخليجية.
وقال التقرير: «إلا أنه من المتوقع أن تواصل إصدرات السندات الخليجية الازدياد لتلبية احتياجات تغطية عجوزات ميزانيات الدول المعنية، ما سيعزز بالتالي علاوات المخاطر واتساع نطاق هامش فرق عائدات تلك السندات».
وأضاف «من أبرز إصدارات السندات الكبيرة المرتقبة تلك التي من المتوقع أن تصدرها الحكومتان السعودية والكويتية في أسواق المنطقة خلال الشهور القليلة المقبلة، بعد أن تعاقدتا بالفعل مع مديري إصدار للبحث في إمكانات أسواق السندات.
ووفقًا للتوجهات التي ظهرت، أخيرًا، وحجم عجوزات الميزانيات ومدى إقبال المستثمرين، فلن نكون قد بالغنا إذا افترضنا أن قيمة السندات التي سوف تصدرها الحكومتان السعودية والكويتية خلال الشهور القليلة المقبلة سوف تناهز 20 مليار دولار».
التركيبة والحصص
قالت الجمعية إن إجمالي قيمة السندات التي أصدرتها مؤسسات دول مجلس التعاون الخليجي بلغ نحو 263 مليار دولار، كما هو موقوف بتاريخ 30 يونيو 2016.
ومن اللافت للانتباه أن التركيبة الإجمالية لأسواق السندات تتوزع بشكل متساو بنسبة الثلث بين مصدري السندات السيادية والبنوك وسائر الشركات المصدرة للسندات.
إلا أن ما تجدر ملاحظته في أسواق سندات دول مجلس التعاون الخليجي يتمثل في العدد الكبير من الجهات المصدرة للسندات من حكومات ومؤسسات تابعة لها والبنوك والشركات مما ترتبط جودة جداراتها الائتمانية مباشرة بتصنيف الجدارات الائتمانية للحكومات.
وهذا ما يجعل من إصدارات السندات في دول المجلس تتزامن مع الاحتياجات التمويلية للحكومات أو بشكل أدق مع أسعار النفط.
واحتلت الجهات المصدرة للسندات في دولة الإمارات العربية المتحدة والتي تشكل إصداراتها ما نسبته 45% من إجمالي إصدارات أسواق السندات في دول مجلس التعاون الخليجي المرتبة الأولى في صدارة إصدارات السندات الخليجية، تتبعها دولة قطر (26%)، والمملكة العربية السعودية (15%)، والبحرين (8%)، وسلطنة عمان (4%)، والكويت (2%).
إلا أن الجهات المصدرة للسندات في دولة الإمارات العربية المتحدة تتألف إلى حد كبير من بنوك وشركات خدمات مالية تمثل قرابة نصف قيمة السندات المصدرة في الدولة.
ويتماشى هذا التوزيع المتوقع مع المكانة الرفيعة التي بلغتها الدولة كمركز مالي إقليمي لدول مجلس التعاون الخليجي.
أسواق السندات
على الرغم من الارتفاع المتوقع في مستويات طرح السندات في دول مجلس التعاون الخليجي، فإن تلك السندات تلقى إقبالا قويا من المستثمرين في الأسواق الأولية والثانوية على حد سواء.
ويعكس ذلك تطلع المستثمرين الدائم لتحقيق عائدات مرتفعة في ظل انخفاض العائدات في الأسواق المالية والجدارة الائتمانية العالية للجهات المصدرة للسندات، خصوصا أن التصنيف الائتماني لاقتصادات الإمارات وقطر والكويت يبلغ AA، بينما يبلغ تصنيف الاقتصاد السعودي A.
وعلى الرغم من أن ارتفاع العائدات النفطية خلال السنوات السابقة قد ضمن انخفاض مستويات مديونية حكومات دول المجلس وارتفاع احتياطياتها النقدية، فإن هذا الوضع تغير بشكل كبير في فترة قصيرة من الزمن، وسيواصل التغير.
ويتمثل الجانب المشرق من هذه الصورة القاتمة في هيمنة بيئة تتميز بانخفاض أسعار الفائدة، مما يوفر فرصة كبيرة للاقتراض بأسعار فائدة ثابتة منخفضة للغاية وسداد تكلفة الاقتراض على المدى الطويل.
وفي هذا الإطار، لن يوفر إصدار السندات أرخص طريقة للحصول على التمويل فحسب، ولكنه سيسهل أيضًا تطور سوق ترسمل قوي للجهات المصدرة للسندات في دول المجلس، معززًا بسيولة مرتفعة، وتوافر مؤشر منحنى عائد قياسي.
© Al Ayam 2016