06 06 2016

أكد خبراء في مجال النقد والاقتصاد على أهمية تعزيز نمو المصارف الإسلامية التي باتت تمثل جزءاً أساسياً من معادلة النمو الاقتصادي لدول المنطقة، ولفتوا إلى النمو القوي في أعمال القطاع الذي يتوقع أن يرتفع حجم أصوله إلى 3 تريليونات دولار عالمياً بحلول العام 2020، وشددوا على أهمية تطبيق المعايير العالمية المعتمدة من قبل مجلس الخدمات المالية الإسلامية وغيره من الجهات المختصة، وليس الاكتفاء باعتمادها دون تطبيق فعلي.

قال الخبراء إن الخطوة التي بادرت بها دبي مؤخراً بإنشاء هيئة اتحادية شرعية للأعمال المصرفية على درجة كبيرة من الأهمية ضمن سياق جهود تطوير التشريعات والنظم التي تحكم القطاع وتفعيل الرقابة والإشراف عملياً، وأكدوا أنها ترسخ موقع دبي كعاصمة للاقتصاد الإسلامي عالمياً.

جاء ذلك خلال منتدى تقوية التشريعات والرقابة على المصارف الإسلامية بالدول العربية الذي عقد أمس في مركز دبي المالي العالمي تحت رعاية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي ورئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، في مركز دبي المالي العالمي، والذي نظمه صندوق النقد العربي بالمشاركة مع صندوق النقد الدولي، وبالتعاون مع البنك الدولي والبنك الإسلامي للتنمية ومركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي ومركز دبي المالي العالمي.

وتحدث عبد الرحمن بن عبد الله الحميدي، المدير العام لصندوق النقد العربي، عن النمو الكبير الذي تشهده أنشطة الصيرفة الإسلامية في الدول العربية على مدى السنوات الماضية.
 
ولفت إلى حرص السلطات في الدول العربية على متابعة المستجدات في التشريعات الرقابية وقضايا تطوير قطاع الصيرفة الإسلامية، وحرصها في هذا السياق على تطوير القطاع وفق أفضل المعايير والممارسات الدولية مع التحوط للمخاطر التي قد تنشأ وإدارتها.

وقال وفي ضوء ما تشهده منطقتنا العربية من تطورات وأوضاع اقتصادية في ظل ارتفاع معدلات البطالة، تبرز قضايا تعزيز الشمول المالي من جهة والحاجة لتوفير المزيد من الموارد لتمويل متطلبات ومشاريع البنية التحتية والتنمية من جهة أخرى، وبالطبع يمثّل قطاع التمويل الإسلامي في ظل فرص النمو المتاحة له، عاملاً ومحوراً مهماً في إطار سياسات تعزيز الشمول المالي وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي.

وأضاف ان الدراسات تظهر أن تطوير وتوسيع أصول الخدمات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، يساهم في تعزيز وتقوية فرص وصول التمويل والخدمات المالية لمختلف فئات المجتمع، بما في ذلك المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغير، التي تمثل حجر الزاوية في محاور مواجهة البطالة ودعم فرص التنمية .

وتبين الإحصاءات أن هناك نحو بين 16 إلى 17 مليوناً من المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر في الدول العربية، غير مستفيدة من الخدمات المالية الرسمية، وفقاً لدراسة مؤسسة التمويل الدولية، فإن نحو ثلث المشروعات الصغيرة والمتوسطة في منطقتنا لا تستفيد من الخدمات المالية الرسمية لغياب المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، بما يدل على الفرص الكبيرة المتاحة لقطاع التمويل الإسلامي في دعم هذه المشروعات والمساهمة في التنمية.

وقال الحميدي إن المصارف الإسلامية شهدت خلال السنوات الماضية، نمواً وتوسعاً ملحوظاً في أنشطتها وأعمالها على المستوى العالمي، حيث نمت أصول المصارف الإسلامية بنسبة فاقت نسبة نمو أصول المصارف التقليدية خلال السنوات الخمس الأخيرة 16 بالمئة في المتوسط للمصارف الإسلامية مقابل نحو 10 بالمئة في المتوسط للمصارف التقليدية خلال الفترة، ويقدر أن تتضاعف أصول المصارف الإسلامية خلال السنوات الخمس القادمة، من نحو 1.3 تريليون دولار إلى قرابة ثلاثة تريليونات دولار بحلول العام 2020، وان دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ساهمت بنسبة كبيرة في النمو المتحقق.

وأضاف الحميدي قائلاً إن المصارف الإسلامية باتت تشكل أهمية نظامية في القطاع المصرفي، حيث تتجاوز حصة أصول المصارف الإسلامية 20 في المئة من إجمالي الأصول المصرفية لدى خمس دول عربية، وأكثر من 10 في المئة من الأصول لدى أربع دول عربية أخرى، بخلاف جمهورية السودان التي تتبنى نظاماً مالياً إسلامياً كاملاً.

وتحدث الحميدي عن جهود السلطات في الدول العربية وتحديداً المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، في قيادة الجهود الدولية المرتبطة بتطوير الأطر والقواعد المعنية بقطاع التمويل الإسلامي، إدراكاً منها لأهمية الارتقاء بالصيرفة الإسلامية وتعزيز القواعد والمعايير المنظمة لها بما يخدم سلامة وكفاءة أعمالها من جهة، ويعزز من جهة أخرى انسجام وتوافق هذه الأعمال والممارسات مع القواعد الدولية المصرفية.تعزيز القدرات الرقابية

ولفت إلى وجود حاجة للمزيد من الجهود لتعزيز القدرات الإشرافية والرقابية للمصارف المركزية، بما يدعم من جهة فرص تطور المصارف الإسلامية، ويخدم من جهة أخرى التحوط للمخاطر المختلفة بما يضمن تعزيز سلامة ونزاهة العمل المصرفي الإسلامي.

وتحدّث عن التحديات التي تواجه القطاع سواءً على صعيد متابعة تطوير البنية التحتية المتعلقة بالعمل المصرفي الإسلامي، أو تطوير أدوات للسيولة المناسبة، أو على صعيد البناء المؤسسي وتقوية الحوكمة وتطوير القدرات البشرية والفنية، إضافة بالطبع إلى العمل على استحداث منتجات وخدمات مالية متوافقة مع الشريعة الإسلامية وتوسيع فرص وصولها لمختلف فئات المجتمع.

ودعا إلى تطوير الرقابة المركزة على المخاطر، وأدوات وأساليب الرقابة الاحترازية الجزئية والكلية، بما يساهم في تطوير الإشراف والمتابعة، ويدعم تحقيق الاستقرار المالي.
 
ولعلّ المنتدى اليوم يمثل كما أشرت فرصة طيبة للتداول وتدارس هذه القضايا والموضوعات، بالاستفادة من الخبرات الكبيرة الموجودة والتقدم بالتوصيات المناسبة حولها.

وأضاف إن تطوير الأطر التشريعية والرقابية المناسبة واتساقها مع القواعد والمعايير الدولية، يمثل تحدياً آخر، ذلك أنه يتعين أن تتضمن التشريعات والإجراءات الرقابية، توافر أدوات وأساليب مناسبة لإدارة المخاطر، وتفعيل آليات حماية المستثمرين وتطبيق ممارسات الحوكمة، مع الرعاية الواجبة لمبادئ حوكمة الهيئات الشرعية للمؤسسات المصرفية الإسلامية ومساندتها.

وقال إن المصارف الإسلامية تتعرض لمخاطر إضافية عن تلك التي تتعرض لها المصارف التقليدية، وهو ما يدعونا لدراسة تلك المخاطر والتحوط لها، دون إغفال أهمية تشجيع الوصول للخدمات المالية الإسلامية. ذلك أن المصارف الإسلامية تواجه إضافةً إلى المخاطر التي تتشارك فيها مع المصارف التقليدية، مخاطر أخرى ناتجة عن الطبيعة الخاصة للمصارف الإسلامية مثل مخاطر التقصير في كفاءة توظيف أموال المودعين.

قال زين زيدان إن أكبر تحد في المرحلة المقبلة يتمثل في إدارة السيولة قائلاً إن 50% من المصارف المركزية المشاركة في الدراسة المسحية (التي ضمت 11 دولة عربية إلى الآن) قالت إنها تتوقع صعوبة في التوافق مع معايير بازل 3 مع ضعف السيولة. كما لفت إلى أهمية تعزيز أسواق الصكوك في دول المنطقة.

من جانبه قال الأمين العام لمجلس الخدمات المالية الإسلامية إن التحدي الرئيسي يتمثل في الافتقار إلى المهارات والخبرات المتخصصة في القطاع.

© Al Dustour 2016