انهارت في ليلة واحدة الاعتقادات السائدة في الأوساط المالية ولدى محللي النفط، حيث أوضح النجاح غير المتوقع للهجوم على منشآت شركة أرامكو السعودية السبت الماضي، أن أمن الطاقة لا يقتصر على العرض والطلب بل على مخاطر أخرى بما فيها التقليدي منها مثل الصراعات السياسية أو العسكرية المباشرة.
خلفية
على مدار الأعوام الماضية أصبحت العوامل الجيوسياسية والأمن مجرد مخاطر بسيطة على قطاع النفط العالمي بعد فترة طويلة من الاستقرار دعمتها زيادة حجم إنتاج النفط ومخزوناته على مستوى العالم. وكادت المخاطر الأمنية تقتصر على الأمن الإلكتروني أو السيبراني الخاص بحفظ البيانات الإلكترونية أو أي زعزعة محتملة للاستقرار الداخلي مثل المظاهرات أو التغييرات السياسة. ولم يعد أحد يلتفت إلى المخاطر الأمنية التقليدية مثل الحروب الإقليمية لاستبعاد احتمال وقوعها.
ولم يهدد شيء الاستقرار الذي حظيت به مجموعة الأوبك+ في السوق النفطي والذي أسس لفكرة أن اضطرابات الإنتاج لا تمثل تهديد كبير على السوق والذي أيضا لا يتأثر كثيرا بالأحداث السياسية مثل المواجهات الأخيرة بين أمريكا وإيران بسبب برنامج إيران النووي.
وجادل حتى البعض بأن الدور المحوري لإنتاج النفط السعودي وقدرته الاحتياطية قد قلت بسبب الزيادة الكبيرة في مخزونات النفط الصخري الأمريكي والذي أدى إلى زيادة إنتاج النفط من خارج مجموعة الأوبك، مع العلم أن أمريكا ليست من أعضاء الأوبك أو أوبك+.
للمزيد من التفاصيل عن الأوبك وقرارات خفض الإنتاج:
وقبل الهجمات على المنشآت النفطية في بقيق والخريص بفترة بسيطة، قدمت عدة هيئات كبرى، مثل الوكالة الدولية للطاقة وإدارة معلومات الطاقة الأمريكية ومستشارين تجاريين مثل دي.إن.في.، تقارير تشير إلى أن العالم يتجه نحو تخمة نفطية جديدة.
ثم جاء الهجوم على بقيق
بحسب أحدث المعلومات المتوفرة، الهجمات على بقيق قامت بها من حوالي 10 إلى 15 طائرة بدون طيار وعدد من صواريخ الكروز وأضرت ب14 خزانة من خزانات النفط على الأقل. ويعتبر معمل بقيق الأكبر في العالم لاستخراج النفط من غاز النفط الخام ولديه قدرة انتاجية بأكثر من 7 مليون برميل في اليوم. وقد ضرب أيضا حقل خريص في الهجوم وهو ثاني أكبر حقل في السعودية، وينتج حوالي 1.5 مليون برميل يوميا.
وانهارت في ليلة واحدة الاعتقادات السائدة في الأوساط المالية ولدى محللي النفط، حيث أوضح النجاح غير المتوقع لهجوم بطائرات بدون طيار و صواريخ كروز على معمل بقيق، قلب صناعة النفط بشركة أرامكو السعودية العملاقة، أن أمن الطاقة لا يقتصر على العرض والطلب بل على مخاطر أخرى بما فيها التقليدي منها مثل الصراعات السياسية أو العسكرية مباشرة.
ماذا بعد بقيق؟
تدرس المملكة العربية السعودية حالياً الخيارات المتاحة أمامها، ليس فقط لمواجهة المخاوف المتزايدة في السوق بشأن نقص المعروض بل أيضاً لوضع أطر عمل وتطوير تكنولوجيا للحد من أثر أي هجمات مستقبلية قادمة. وبالتالي سيكون أمام المحللين الأمنيين والعسكريين من السعودية والولايات المتحدة وعلى الأرجح الإمارات وغيرهم مهمة هائلة لتقييم الخيارات المتاحة للتصدي للمزيد من الهجمات.
ولا تزال المخاوف قائمة حول الأثر الكامل للهجوم على بقيق رغم ما أعلنه مسؤولون أرامكو من إعادة جزء كبير من الطاقة الإنتاجية قريباً.
ومن العوامل المقلقة لأرامكو وغيرها أن الشبكات الدفاعية التي أنفقت عليها المملكة مليارات الدولارات تعجز عن التصدي لهجمات بقدرات حربية بسيطة مثل هجمات الحوثيين وغيرهم.
الخلاصة:
يعد أمن البنية التحتية الحيوية حجر الزاوية للاستقرار الاقتصادي ولكن في هذه الحالة فهو أساسي لبقاء الدولة ونظام الطاقة العالمي الذي فقد فجأة من 5 إلى 5.7 مليون برميل من الإنتاج اليومي للنفط الخام بهجوم اعتمد على طائرات بدون طيار لا تتخطى قيمتهم مليون دولار.
سيكون للوضع الحالي تداعيات كبيرة على النظام النفطي، فلم يصبح الدور المحوري للسعودية في سوق النفط العالمي واضح وضوح الشمس، بل ذكرنا في الوقت نفسه أن النفط لا يزال الوقود الذي تدور به وحوله عجلة الاقتصاد العالمي.
لقراءة مقالات سابقة لCyril عن السعودية أو قطاع الطاقة:
تعديلات قطاع الطاقة السعودي... ماذا تعني؟
ماذا سيحدث لأسعار النفط في حالة نشوب حرب مع إيران؟
استهداف الشمس ... هل الطاقة الشمسية هي الحل في الشرق الأوسط؟
*تم التواصل مع Cyril عبر موقع WriteCaliber وهو موقع حديث ومقره دبي ويقدم للصحفيين مجموعة من الخبراء للتواصل معهم واستخدام آرائهم في مواضيع صحفية ومقالات رأي.
(وقد قامت بترجمة المقال رنا منير البويطي. رنا مترجمة ومحررة مستقلة منذ عام 2011 وعملت سابقاً مترجمة صحفية بموقع أصوات مصرية التابع لمؤسسة تومسون رويترز)
(وقامت بالمراجعة التحريرية ياسمين صالح، للتواصل: yasmine.saleh@refinitiv.com)
© Opinion 2019
المقال يعبر فقط عن عن أراء الكاتب الشخصية
إخلاء المسؤوليّة حول المحتوى المشترك ومحتوى الطرف الثالث:
يتم توفير المقالات لأغراض إعلامية حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي استشارات بخصوص جوانب قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي نصائح أو أراء بشأن ملاءمة أو قيمة أو ربحية استراتيجية أستثمارية معيّنة.