PHOTO
يصف جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي معدلات التضخم المرتفعة ب"التهديد الشديد" على فرص تحقيق أعلى معدلات توظيف، ما سيدفع برفع سعر الفائدة خلال العام الحالي.
وواقع الأمر أن رفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لسعر الفائدة مرات متكررة مرتقبة خلال هذا العام يمثل تهديدات أخرى، وهو حاليا العامل الأكبر في عدم استقرار الأسواق في الفترة الحالية بجانب متحور أوميكرون، اخر صيحات فيروس كورونا الذي عصف بالاقتصاد العالمي منذ عام 2020.
تهديد آخر يتمثل في احتمالية غزو روسيا لجارتها أوكرانيا. وقد تتفاقم تلك التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على الأسواق في حالة أقدمت موسكو على هذه الخطوة.
في هذا التقرير نحاول أن نشرح مدى تأثير رفع الفائدة المرتقب والتوترات بين روسيا وأوكرانيا على الأسواق في الفترة القادمة.
رفع الفائدة 5 أم 7 مرات؟
صرح الفيدرالي الأسبوع الماضي باحتمالية رفع أسعار الفائدة بداية من شهر مارس، وذلك لكبح جماح معدلات التضخم الحالية في الولايات المتحدة، وهي الأعلى في أربعة عقود نتيجة تعافي الاقتصاد من أثر الجائحة.
ومن ملامح التعافي الاقتصادي الزيادة الكبيرة في الطلب مع نقص المعروض نظرا لعدم عودة سلاسل الإنتاج إلى سابق عهدها قبل الجائحة، ما يزيد من الضغوط التضخمية التي تتوقع مؤسسات مالية أن تبقى مرتفعة حتى منتصف العام الجاري.
عقب تصريح الفيدرالي، رفعت مجموعة غولدمان ساكس، ومقرها نيويورك في الولايات المتحدة، توقعاتها لعدد مرات رفع سعر الفائدة خلال العام الجاري من 4 إلى 5، على أن يقوم الفيدرالي برفع سعر الفائدة بنحو 25 نقطة أساس في المرة الواحدة، حتى يصل إلى 1.25%/ 1.5% مع نهاية العام بدلا من حوالي صفر في الوقت الحالي.
بينما يشارك غولدمان ساكس التوقع برفع سعر الفائدة 5 مرات خلال 2022 مؤسسات مالية مثل بولومبرغ اكونوميكس وجي بي مورغان، تتنبأ اخرى برفع سعر الفائدة مرات أكثر، مثل بنك اوف اميركا الذي يتوقع 7 ارتفاعات في سعر الفائدة خلال العام.
اضطراب أسواق المال.. إلى متى؟
شهدت أسواق المال العالمية خسائر كبيرة مؤخرا مع زيادة المخاوف حول رفع سعر الفائدة، وانعكس ذلك بشكل ملحوظ على الأسهم متنامية السعر وخاصة أسهم شركات التكنولوجيا، التي كانت من أكبر الرابحين خلال الأشهر الأولى من الجائحة بالتزامن مع زيادة الطلب على خدمات شركات التكنولوجيا خلال الاغلاقات المتكررة.
وتكبد رجال الأعمال الأغنى في العالم خسائر كبيرة خلال العام الحالي نتيجة هبوط أسهم التكنولوجيا، حيث خسر ايلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة تسلا 54 مليار دولار، بينما قدرت خسائر جيف بيزوس مؤسس موقع أمازون 27.8 مليار دولار. أيضا خسر كل من لاري بيدج و سيرجي برين مؤسسا جوجل 12 مليار دولار بينما وصلت خسائر مارك زوكربيرج مؤسس موقع فيس بوك ورئيس شركة ميتا الي 15.2 مليار دولار، وفقا لتقرير من CNBC الأسبوع الماضي.
ففي ظل الارتفاعات المرتقبة لسعر الفائدة يتم إعادة تقييم الأسهم بشكل كبير، وسط عزوف المستثمرين عن المخاطر، وهو وضع يتوقع محللون أن يستمر حتى النصف الأول من العام الجاري. وقال هان تان كبير محللي السوق في إكزينيتي جروب والتي تدير عمليات في أوروبا وآسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية لموقع زاوية عربي "تقلب الأسواق متوقع أن يستمر حتى يستطيع المستثمرين والمضاربين أن يستوعبوا السياسة النقدية الأمريكية بشكل أكبر."
>أسعار الطاقة لو تم احتلال أوكرانيا
من جانب آخر، تنمو مخاوف احتلال روسيا لأوكرانيا رغم نفي موسكو نيتها لذلك، في الوقت التي تهدد فيه الولايات المتحدة وبريطانيا بفرض عقوبات اقتصادية جسيمة على روسيا في حالة إقدامها على تلك الخطوة.
لكن لن تدفع روسيا، التي كانت قد غزت أوكرانيا عام 2014، الثمن وحدها. فإقبال موسكو على هذه الخطوة سيكلف أوروبا الكثير وذلك لاعتمادها على روسيا بشكل أساسي في استيراد الغاز الطبيعي. ففي عام 2020، غطت روسيا 43% من احتياجات الاتحاد الأوروبي المكون من 27 دولة للغاز الطبيعي.
وقال بيارن شيلدروب المحلل البارز في مجموعة "سيب" المالية السويدية ومقرها ستوكهولم، لموقع زاوية عربي "لو تم احتلال أوكرانيا من قبل روسيا في الغالب سيفقد الاتحاد الأوروبي بشكل دائم 30% من حجم الغاز التي تستورده من روسيا."
ويتوقع شيلدروب أن يؤدي سيناريو الاحتلال إلى استمرار ارتفاع أسعار الغاز المسال نتيجة زيادة الطلب عليه من أوروبا لتعويض النقص في الغاز الروسي، بالإضافة إلى زيادة استيراد في الفحم في أوروبا وآسيا كوسيلة أخرى للتعويض، ما يزيد من سعر الفحم أيضا. كذلك سيؤدي ذلك السيناريو إلى مزيد من الاعتماد على النفط، ما سيدفع بارتفاعات جديدة في أسعاره.
ويتوقع المحللون أن تستمر زيادة أسعار النفط خلال العام الجاري بفعل أزمة الطاقة العالمية واستمرار عجز سوق النفط لفترة مع رفض تحالف أوبك بلس تضخيم زيادة الإنتاج المقررة، وهي 400 ألف برميل يوميا كل شهر حتى أبريل 2022 للتخلص تدريجيا من تخفيضات تبلغ 5.8 مليون برميل يوميا.
المزيد عن تطور أسعار النفط في الفيديو التالي
ارتفاع الدولار مستمر؟
من جانب آخر، حقق الدولار مكاسب إضافية في ظل توقعات رفع الفائدة وارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية وهو ما يتوقع المحللون أن يستمر خلال العام الحالي.
ومن المتوقع أن لا يؤدي تفاقم الوضع في أوكرانيا إلى تقلص مكاسب الدولار، وفقا لكريس تيرنر كبير محللي العملة لدى آي.إن. وهي مؤسسة مالية متعددة الجنسيات ومقرها أمستردام.
وقال تيرنر لموقع زاوية عربي إن "الاقتصاد الأمريكي لديه روابط تجارية وأخرى مرتبطة بالطاقة مع روسيا أقل بكثير،" مضيفا أن "خلال أوقات التوتر يفضل المستثمرون السيولة الدولارية."
>(إعداد: شريف طارق، ويعمل شريف مع أهرام اونلاين وافريكا ربورت، وهو أيضا رئيس تحرير نشرة دلتا دايجست، وقد عمل سابقا في مؤسسات إعلامية أخرى من بينها لوس أنجلوس تايمز)
(الإنفوجرافك والفيديو من تصميم أماني رمضان)
(تحرير: ياسمين صالح، للتواصل yasmine.saleh@lseg.com)
© ZAWYA 2022
بيان إخلاء مسؤولية منصة زاوية
يتم توفير مقالات منصة زاوية لأغراض إعلاميةٍ حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي نصائح قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي آراء تتعلق بملاءمة أو قيمة ربحية أو استراتيجية سواء كانت استثمارية أو متعلقة بمحفظة الأعمال . للشروط والأحكام