PHOTO
خاص لزاوية عربي من فادي قانصو، الأمين العام المساعد ومدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية
مقدمة
بعد أربعة أشهر متتالية من المكاسب السعرية، خيم الحذر على أسواق الأسهم العربية خلال أكتوبر، متتبعة أداء الأسواق العالمية.
تبنى المستثمرون موقف من الترقب والتريث قبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بالتوازي مع التوترات الجيوسياسية المستمرة في منطقة الشرق الأوسط والمخاوف المتزايدة من اتساع رقعة الصراع القائم.
وقد أثر هذا بشكل كبير على معنويات المخاطرة، بينما كانت الأسواق تقيم صدور أبرز بيانات الاقتصاد الكلي وأرباح الشركات خلال الشهر.
وقد عززت هذه الشكوك الطلب على الدولار الأمريكي، حيث توقعت الأسواق خفض لأسعار الفائدة من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي في اجتماع نوفمبر وهو ما حدث بـ 25 نقطة أساس، مما أثر على تحركات السوق وسط توقعات بهبوط اقتصادي آمن وتيسير للسياسات النقدية من قبل البنوك المركزية حول العالم.
هذا وشهدت أسعار النفط بعض التقلبات خلال الشهر على الرغم من ارتفاع من متوسط قدره 72.3 دولار للبرميل في سبتمبر إلى متوسط قدره 75.1 دولار للبرميل في أكتوبر، وسط مخاوف من انقطاع إمدادات النفط الإيراني وإن عادت وتبددت تلك المخاوف في مرحلة لاحقة من الشهر وفي نوفمبر على خلفية توقعات بفوز ترمب والتي تحققت. كان ترمب قد وعد بحفر آبار نفط جديدة.
الأسهم العربية
بلغت القيمة السوقية للأسهم العربية 4,261 مليار دولار بنهاية أكتوبر، بانخفاض طفيف بنسبة 0.6% مقارنة بنهاية سبتمبر.
وجاء ذلك وسط انخفاض القيمة السوقية لسوق أبوظبي للأوراق المالية وسوق تداول السعودية بمقدار 12.3 مليار دولار و23.9 مليار دولار على التوالي، مقابل ارتفاع قدره 7.5 مليار دولار في القيمة السوقية لبورصة مسقط.
بالتوازي مع ذلك، سجلت أسواق الأسهم العربية نشاط تداول جيد خلال الشهر، حيث أظهرت القيمة المتداولة الإجمالية ارتفاع شهري بنسبة 16.3%، إلى 97.2 مليار دولار في أكتوبر.
كما بلغ إجمالي حجم التداول في أكتوبر 163.4 مليار سهم، بارتفاع نسبته 58.4% على أساس شهري، وذلك على خلفية ارتفاع ملموس في أحجام التداول في سوق العراق للأوراق المالية بنسبة 78.8%، والتي تمثل 52% من حجم التداول في المنطقة.
ويضاف لذلك الارتفاع الكبير في أحجم التداول في سوق أبوظبي للأوراق المالية في ظل صفقة كبيرة على أسهم شركة أبوظبي الوطنية للطاقة، بقيمة 22.4 مليار درهم على 7.6 مليار سهم، في حين بلغ إجمالي عدد الصفقات في الأسواق العربية 15.6 مليون صفقة في أكتوبر، بارتفاع نسبته 5.5% مقارنة بشهر سبتمبر.
وقد سجلت أسواق الأسهم العربية أداء متباين في الأسعار خلال شهر أكتوبر، حيث سجلت 8 أسواق من أصل 15 سوق ارتفاعات في مؤشرات أسعارها، مقابل 7 أسواق سجلت تراجعات طفيفة.
وعلى هذا النحو، سجل مؤشر ستاندرد آند بورز المركب للأسهم العربية، والذي تم تصميمه لتتبع أداء 11 سوق للأسهم، انخفاض طفيف بنسبة 1.3%، ليصل إلى 975.3 نقطة في نهاية أكتوبر، بعد مكاسب على مدى أربعة أشهر متتالية.
وبالتوازي مع ذلك، سجل مؤشر MSCI لدول مجلس التعاون الخليجي تراجع بنسبة 1.5% خلال الشهر، مما يعكس بشكل رئيسي الانخفاضات في سوق تداول السعودية (1.7%-) وسوق أبوظبي للأوراق المالية (0.8%-) إلى جانب تراجع طفيف في بورصة قطر (0.8%-).
دبي والعراق
من ناحية أخرى، حافظ سوق دبي المالي على أداء إيجابي ثابت للشهر الخامس على التوالي، مسجلاً أكبر مكسب شهري في دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 1.9% في أكتوبر، مما دفع بالمكاسب منذ بداية العام إلى 13.1% في ظل ارتفاع مؤشر القطاع العقاري بنسبة 1.7%، تلاه مكاسب هامشية في أسواق خليجية أخرى.
الجدير بالذكر أن سوق دبي المالي أعلن عن ارتفاع صافي الربح قبل الضريبة إلى 298.7 مليون درهم خلال الأشهر التسعة الأولى من العام، مسجلاً زيادة كبيرة بنسبة 60% مقارنة بنفس الفترة من العام 2023.
وبالتوازي، كان سوق العراق للأوراق المالية الأفضل أداء في المنطقة العربية للشهر الثاني على التوالي بارتفاع مؤشره الرئيسي بنسبة 12.4%.
تداول
سجلت سوق تداول السعودية، التي تمثل قيمتها السوقية 63% من إجمالي القيمة السوقية الإقليمية، انخفاض في مؤشر أسعارها خلال أكتوبر.
وعكس هذا إعلانات الأرباح الأخيرة، وأسعار الطاقة المتقلبة، ناهيك عن التوترات الجيوسياسية في المنطقة التي أثرت على معنويات المستثمرين بشكل عام.
وعلى هذا النحو، بلغ المؤشر القياسي ذروته عند أعلى مستوى إغلاق عند 12,253.5 نقطة في بداية الشهر، لكنه اتجه إلى الانخفاض في الغالب خلال بقية الشهر ليغلق على انخفاض شهري بنسبة 1.7%.
الجدير بالذكر أنه تم إصدار صندوق البلاد CSOP MSCI Hong Kong China Equity ETF، وهو أول صندوق متداول لأسهم من هونغ كونغ والصين يدرج على البورصة السعودية.
وأصدر الصندوق شركة البلاد المالية السعودية وشركة CSOP لإدارة الأصول والتي مقرها هونغ كونغ.
وقد تم إدراج الصندوق في البورصة السعودية في 30 أكتوبر، وهو سادس صندوق متداول تطلقه البلاد المالية في السوق السعودية، بحجم أولي تخطى 1.2 مليار دولار.
مصر ومسقط
كانت البورصة المصرية الأقل أداء خلال شهر أكتوبر من حيث تحركات الأسعار بانكماش بنسبة 2.9% مقارنة بالشهر السابق مدفوعة بعمليات جني أرباح وبدء توزيع نقدي لشركة أبو قير للأسمدة والتي بدورها خفضت العائد الإجمالي لموشر البورصة الرئيسي بنسبة 1.8% في نفس الشهر.
وبحسب بيانات البورصة المصرية، سجل الأجانب صافي بيع بقيمة 2.2 مليار جنيه في الأسهم، بينما سجلوا صافي شراء بقيمة 42 مليار جنيه في السندات وأذون الخزانة والتي انتعشت في مصر مع استمرار الفيدرالي الأمريكي في خطته لخفض الفائدة.
وقد أعلنت مصر في نوفمبر عن بيع أذون خزانة مقومة بالدولار بقيمة 1.57 مليار دولار لأجل عام تستحق في 12 نوفمبر 2025، بمتوسط عائد 4.5%، بحسب بيانات البنك المركزي المصري. وهذه الأذون تأتي بديلا عن إصدار سابق بقيمة 1.6 مليار دولار لأجل عام بمتوسط عائد %5.149.
وجاء هذا بعد أن رفعت وكالة فيتش التصنيف الائتماني لمصر بمستوى واحد إلى B من B-، مع نظرة مستقبلية مستقرة. وهذا يعد الرفع الأول منذ العام 2019، وذلك في أحدث دفعة للاقتصاد بعد تأمين تعهدات بحزمة إنقاذ عالمية يشارك فيها صندوق النقد الدولي بقيمة 57 مليار دولار.
وسجلت بورصة مسقط ارتفاع بنسبة 0.8% في مؤشرها العام خلال شهر أكتوبر، بعد انخفاض بنسبة 0.8% في الشهر السابق.
وقد جمعت شركة شركة أوكيو للاستكشاف والإنتاج، وهي شركة التنقيب والإنتاج التابعة لمجموعة النفط الحكومية العمانية، 2.03 مليار دولار من طرحها العام الأولي في البورصة المحلية، بعدما طرحت الشركة ما يقدر بنحو 2 مليار سهم، أو حصة 25%، في بورصة مسقط، في حين تجاوز الاكتتاب العام الأولي حوالي 2.7 مرات.
نوفمبر حتى الآن
تجدر الإشارة إلى أن هذا الأداء الواهن الذي سيطر على المشهد العام خلال أكتوبر قد استمر خلال نوفمبر.
حيث سجلت أسواق الأسهم العربية شبه مراوحة في الأداء خلال الأسبوعين الأولين منه، دون أي تغييرات سعرية تُذكر، وذلك في ظل حالة من الترقب والتريث تسود أوساط المتداولين في المنطقة بشكل عام.
ومن المتوقع أن يستمر هذا الأداء الضعيف في نوفمبر وإلى حين حدوث بعض الانفراجات على مستوى الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة.
(إعداد: فادي قانصو، الأمين العام المساعد ومدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية، خبير اقتصادي وأستاذ جامعي)
#تحليلسريع
للاشتراك في تقريرنا الأسبوعي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية والسياسية، سجل هنا