خاص لزاوية عربي من فادي قانصو، الأمين العام المساعد ومدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية
 

بعد أن شهدت الأسواق المالية العالمية أسبوع دامي بين 4 و9 أغسطس، وتحديداً في أعقاب الانخفاضات الحادة في الخامس من أغسطس، والذي عُرف بالاثنين الأسود وسط حالة من عدم اليقين الاقتصادي تزامنت مع توترات جيوسياسية وذعر من جانب المستثمرين، عادت الأسواق لتشهد انتعاشة ملموسة بعد ذلك.

وقد أظهرت الأسواق المالية درجة من المناعة والمرونة، حيث استعادت غالبية المؤشرات جزء من خسائرها في أولى جلسات التداول بعد الخامس من أغسطس، بينما تحسنت معنويات المستثمرين تدريجياً حيث قام المشاركون في السوق بتقييم الوضع في ظل تباين واضح في درجة التعافي بين مختلف الأسواق.

لماذا؟

يُعزى هذا الانتعاش إلى عملية التصحيح القوية عبر مختلف الأسواق وسط سعي المستثمرين إلى الاستفادة من ظروف ذروة البيع في ظل نسب تقييم جاذبة، حيث خلق التراجع الحاد فرص شراء للمستثمرين الذين يبحثون عن أسهم مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية.

هذا بجانب صدور بعض التقارير التي أظهرت مناعة على صعيد المؤشرات الاقتصادية لا سيما الأمريكية، مثل أرقام التوظيف، وناتج التصنيع، والإنفاق الاستهلاكي والتي ساهمت في تعزيز ثقة السوق، وخاصة أحدث بيانات مطالبات البطالة الأسبوعية في الولايات المتحدة التي أظهرت أن طلبات إعانات البطالة انخفضت على أساس أسبوعي، مما كبح المخاوف من وهن سوق العمل الأمريكي. 

أداء الأسواق المالية العربية

في موازاة ذلك، جاء أداء الأسواق المالية العربية متماشياً مع الأسواق العالمية، إذ عاد اللون الأخضر ليطغى وبقوة على نشاط البورصات العربية خلال الأسبوع الممتد من 11 إلى 16 أغسطس، وذلك بعد أسبوع دامي طغى فيه اللون الأحمر.

سجل مؤشر ستاندرد آند بورز العربي المركب، المصمم لتتبع أداء 11 سوق للأسهم، ارتفاع جيد بنسبة 1.4% خلال الأسبوع الممتد من 11 إلى 16 أغسطس، بعد أن سجلت 14 بورصة عربية من أصل 15 بورصة ارتفاعات في مؤشرات أسعارها، في مقابل تراجع ملموس بنسبة 2.5% خلال الأسبوع الممتد من 4 إلى 9 أغسطس.

في المقابل، سجل مؤشر فوتسي واتحاد أسواق المال العربية للشركات منخفضة انبعاثات الكربون في المنطقة العربية ارتفاع خلال الأسبوع الممتد من 11 إلى 16 أغسطس بنسبة 1.5%، في مقابل تراجع بنسبة 2% خلال الأسبوع الممتد من 4 إلى 9 أغسطس.

هذا الأسبوع

وقد استمر هذا الأداء الإيجابي، وإن بوتيرة أضعف نسبياً، بين 18 و20 أغسطس، مع نسب ارتفاعات يومية تراوحت بين 0.2% و0.6% في مؤشر ستاندرد آند بورز العربي المركب، ومن المتوقع أن تستمر أسواق الأسهم العربية في المدى القريب في تسجيل نسب نمو خافتة نسبياً في ظل الترقب الحذر لخطوة مجلس الاحتياطي الفيدرالي المرتقبة في سبتمبر على مستوى معدلات الفوائد.   

في موازاة ذلك، عوضت القيمة السوقية للأسهم العربية خسائرها بشكل كامل، لترتفع بحدود 62 مليار دولار خلال الأسبوع الممتد من 11 إلى 16 أغسطس (83% من هذا الارتفاع يأتي من السوق السعودية)، وذلك بعد تراجع في القيمة السوقية للمنطقة العربية بقيمة 34 مليار دولار خلال الأسبوع الدامي، علماً أنها انخفضت بمقدار 60 مليار دولار في يوم 4 أغسطس، وبمقدار 87 مليار دولار في يوم 5 أغسطس.

هذا فيما ارتفعت القيمة السوقية الإجمالية لأسواق الأسهم العربية بين 18 و20 أغسطس وذلك بحدود 20 مليار دولار خلال تلك الفترة.

التداولات

أما على صعيد أنشطة التداول، فقد كان الأداء ضعيف خلال الأسبوع الممتد من 11 إلى 16 أغسطس، إذ تراجعت قيمة التداول الإجمالية بنسبة 14.1%، لتبلغ 18.3 مليار دولار.

وقد استحوذت كل من السوق السعودية والبورصة المصرية على ما نسبته 45% و39% على التوالي من إجمالي قيمة التداول في المنطقة العربية.

 أما إجمالي حجم التداول فقد بلغ 14.9 مليار سهم خلال الأسبوع نفسه، وذلك بتراجع كبير نسبته 55.3%، لتستحوذ فيه سوق العراق للأوراق المالية والبورصة المصرية مجتمعتين على ما نسبته 68% من إجمالي أحجام التداول في المنطقة.

أما عدد الصفقات، فقد بلغ 3.3 مليون صفقة، بتراجع أسبوعي طفيف نسبته 21.1%.

 

(إعداد: فادي قانصو، الأمين العام المساعد ومدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية، خبير اقتصادي وأستاذ جامعي)

#تحليلسريع

للاشتراك في تقريرنا الأسبوعي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية والسياسية، سجل هنا