خاص لزاوية عربي من فادي قانصو، الأمين العام المساعد ومدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية

للشهر الرابع على التوالي، سجلت أسواق الأسهم العربية مكاسب شهرية في سبتمبر، متتبعة أداء الأسواق العالمية في ظل المعنويات الإيجابية التي خيمت على الأسواق حول العالم خلال هذا الشهر.

الوضع العالمي

دفعت هذه المعنويات الأسهم العالمية إلى مستويات قياسية جديدة خلال الشهر، وذلك في أعقاب أول خفض لأسعار الفائدة من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي منذ العام 2020، مما عزز من مستوى التفاؤل في أبرز الأسواق المالية العالمية.

وقد خفضت لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية في 18 سبتمبر سعر الاقتراض الرئيسي بمقدار نصف نقطة مئوية، أو 50 نقطة أساس، وسط مؤشرات على تباطؤ نسب التضخم ووهن سوق العمل.

ناهيك عن أن انخفاض تكاليف التمويل من المتوقع أن تحفز أداء غالبية القطاعات وتعزز حركة الاستثمارات.

بالإضافة إلى هذا الخفض، فقد أشارت اللجنة من خلال "مخطط النقاط" الخاص بها إلى ما يعادل 50 نقطة أساس أخرى من التخفيضات بحلول نهاية العام.

غير أن تصاعد حدة التوترات في المنطقة، بالتوازي مع تراجع أسعار النفط، من 78.9 دولار في أغسطس إلى 75.9 دولار في سبتمبر وسط ضعف آفاق الطلب العالمي وتوقعات بفائض المعروض في أسواق النفط، قد حد نوعاً ما من هذا الأداء الإيجابي لأسواق الأسهم في سبتمبر، وخاصة بالنسبة لأسواق دول مجلس التعاون الخليجي التي سجلت مكاسب شهرية هامشية بشكل عام.

أداء أسواق الأسهم العربية

القيمة السوقية

بلغت القيمة السوقية للأسهم العربية 4,287 مليار دولار في نهاية سبتمبر، بارتفاع طفيف نسبته 0.5% مقارنة مع نهاية أغسطس.

وقد جاء ذلك وسط ارتفاع القيمة السوقية لكل من سوق أبوظبي للأوراق المالية وسوق دبي المالي وبورصة قطر مجتمعين بإجمالي 51.2 مليار دولار، مقابل انخفاض القيمة السوقية لسوق تداول السعودية بنحو 34.5 مليار دولار.

أحجام التداول

سجلت أسواق الأسهم العربية نشاط سلبي على صعيد أحجام التداول، حيث أظهرت قيمة التداول الإجمالية تراجع شهري بنسبة 2.5%، إلى 83.6 مليار دولار في سبتمبر، وذلك في ظل انخفاض قيمة التداول في سوق تداول السعودية بنحو 12.4%.

كما بلغ اجمالي حجم التداول 103.2 مليار سهم في سبتمبر، وذلك بتراجع نسبته 10.8% على أساس شهري، في ضوء الانخفاض الملموس في حجم التداول في سوق العراق للأوراق المالية بنسبة 29.4%، والتي بالرغم من هذا التراجع، استحوذت على حوالي نصف أحجام التداول في المنطقة.

سجل عدد الصفقات في المنطقة 14.8 مليون صفقة في سبتمبر، بتراجع نسبته 4.7% مقارنة بأغسطس.

الأداء السعري

سجلت أسواق الأسهم العربية أداء إيجابي في الأسعار خلال سبتمبر، حيث سجلت 11 سوق من أصل 15 سوق ارتفاع في مؤشرات أسعارها.

عليه، سجل مؤشر ستاندرد آند بورز المركب للأسواق العربية، والذي تم تصميمه لتتبع أداء 11 سوق للأسهم، ارتفاع بنسبة 1.4%، ليصل إلى 988.4 نقطة في نهاية سبتمبر.

في المقابل، واصلت أسواق دول مجلس التعاون الخليجي تحقيق مكاسب هامشية للشهر الثاني على التوالي، حيث ارتفع مؤشر MSCI لدول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 0.9% على أساس شهري، مما عكس أداء إيجابي في خمس من أصل سبع بورصات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي.

 وكان سوق دبي المالي السوق الأفضل أداء في دول مجلس التعاون الخليجي خلال سبتمبر، حيث حقق مكاسب بنسبة 4.1%، تلته بورصة قطر وبورصة البحرين بمكاسب شهرية بنسب 4.0% و2.8% على التوالي.

ومع ذلك، فقد سجل سوق تداول السعودي مكاسب هامشية بنسبة 0.7%، في حين سجلت بورصة مسقط وبورصة الكويت تراجعات هامشية في مؤشرات أسعارها.

في المقابل، كانت سوق العراق للأوراق المالية السوق الأفضل أداء في المنطقة العربية بارتفاع مؤشرها الرئيسي بنسبة 8.3%، في حين كانت بورصة فلسطين السوق الأقل أداء في المنطقة بإنكماش نسبته 3.0% في مؤشر الأسعار في سبتمبر مقارنة بالشهر السابق.

تداول

سجلت سوق تداول السعودية، التي تمثل قيمتها السوقية 63% من إجمالي القيمة السوقية في المنطقة، مكاسب للشهر الرابع على التوالي في سبتمبر، وإن كانت هامشية.

عوضت التوقعات الإيجابية، ولو بشكل جزئي، لأرباح الربع الثالث من العام المخاوف الجيوسياسية في المنطقة والتي أرخت بظلالها على معنويات المستثمرين.

على هذا النحو، بلغ مؤشر تاسي ذروته في 27 سبتمبر عند 12,374 نقطة، لكنه عاد واتجه نحو الانخفاض خلال الأسبوع الأخير من الشهر، ليغلق على مكسب شهري طفيف بنسبة 0.7%، عند 12,226 نقطة، وهو أعلى إغلاق له منذ مايو.

بالتوازي مع ذلك، وافقت هيئة سوق المال السعودية على طلب شركة البلاد للاستثمار طرح وحدات "صندوق البلاد سي سوب إم إس سي آي المتداول لأسهم هونج كونج-الصين" في السوق كوحدات صندوق استثمار مؤشر متداول مطروحة وحداته طرح عام.

وتعد شركة "سي سوب" ومقرها هونغ كونغ من أكبر مصدري صناديق الاستثمار المتداولة، حيث أدرجت العام الماضي صندوق CSOP السعودي المتداول في البورصة، وهو أول منتج متداول في البورصة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ يتتبع سوق الأسهم السعودية.

 والجدير بالذكر أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي هو مستثمر رئيسي في صندوق الاستثمار المتداول CSOP السعودي.

الإمارات

سجل سوق دبي المالي مكاسب للشهر الرابع على التوالي وأكبر مكاسب شهرية بين أسواق دول مجلس التعاون الخليجي في سبتمبر.

ارتفع مؤشر الإمارة الرئيسي بنسبة 4.1% مسجلا مكاسب بلغت 10.9% منذ بداية العام.

أما على صعيد المؤشرات القطاعية، فقد سجلت سبعة من القطاعات الثمانية نمو إيجابي خلال الشهر، في حين قاد نمو المؤشر المالي (+3.6%) والعقاري (+3.1%) أداء المؤشر العام خلال سبتمبر.

في المقابل، تجدر الإشارة إلى أن أسواق الأسهم الإماراتية قد استقطبت رسملة سوقية جديدة بلغت نحو 21.3 مليار درهم منذ بداية العام، وذلك بفضل ثلاث طروحات عامة أولية جديدة.

إذ تصدرت شركة ألف للتعليم القابضة الطروحات بقيمة سوقية بلغت نحو 9.45 مليار درهم، كأول طرح عام أولي تشهده سوق أبوظبي للأوراق المالية في العام 2024.

كما حققت باركين، المشغل لمواقف السيارات العامة المدفوعة في دبي، قيمة سوقية بلغت 6.3 مليار درهم عند إدراجها في سوق دبي المالي في مارس كأول إدراج في السوق لعام 2024، في حين بلغت القيمة السوقية لشركة سبينس 1961 القابضة 5.5 مليار درهم عند إدراجها في سوق دبي المالي في مايو، بعد طرح عام استقطب اكتتاب واسع النطاق.

قطر

في المقابل، حققت بورصة قطر ثاني أفضل أداء في منطقة الخليج خلال سبتمبر، وذلك للشهر الرابع على التوالي.

ارتفع مؤشر البورصة الرئيسي في جميع جلسات التداول تقريباً، بنسبة 4.0% على أساس شهري، بدعم من عدة عوامل، في مقدمتها خفض مصرف قطر المركزي لأسعار الفائدة بمقدار 55 نقطة أساس.

هذا بالإضافة إلى مبادرة مجموعة بنك قطر الوطني لإعادة شراء أسهم البنوك بقيمة تصل إلى 2.9 مليار ريال قطري وتوزيع أرباح نصف سنوية، مما يجعلها أول مؤسسة مالية تتبنى هذا النهج.

توقعات أكتوبر

في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن اللون الأخضر بقي مسيطر على مشهد أسواق الأسهم العربية خلال الأسبوع الأول من أكتوبر قبل أن تعاود الدخول في مربع الخانة الحمراء في الأسبوع الثاني من الشهر مع توقعات باستمرار هذا الأداء الخافت نسبياً خلال الأسبوع الثالث من الشهر.

وذلك في ظل تفاقم الأحداث العسكرية والأمنية في المنطقة وتأجيج المخاوف من اتساع رقعة الصراع الدائر حالياً، وهو ما من شأنه أن يرخي بثقله على أداء أسواق الأسهم العربية خلال شهر أكتوبر والمتوقع أن تسود فيه أجواء من الترقب والحذر في أوساط المتداولين في ظل نشاط تداول واهن نسبياً.

(إعداد: فادي قانصو، الأمين العام المساعد ومدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية، خبير اقتصادي وأستاذ جامعي)

#تحليلسريع

للاشتراك في تقريرنا الأسبوعي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية والسياسية، سجل هنا