PHOTO
خاص لزاوية عربي من فادي قانصو، الأمين العام المساعد ومدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية
ديسمبر في نقاط
- بعد شهرين متتاليين من الانكماش في الأسعار، شهدت أسواق الأسهم العربية انتعاش ملموس في ديسمبر، متتبعة أداء الأسهم العالمية.
- وجاء هذا التحسن على خلفية القرارات والتعليقات المتفائلة من قبل الفيدرالي الأميركي ورئيسه بشأن تحسن معدلات نمو الاقتصاد وخفض أسعار الفائدة.
- وارتبط الأداء الجيد أيضا بالتحسن النسبي في أسعار النفط. وقد بدأت أسعار النفط في تسجيل مكاسب بحلول منتصف ديسمبر، مدعومة بسياسات التحفيز من قبل الصين، حيث أعلن أكبر مستورد للنفط الخام في العالم عن حزمة بقيمة 10 تريليون يوان (أو مايعادل 1.4 تريليون دولار) على خمس سنوات، لتخفيف الضغوط على تمويل حكومات المقاطعات المحلية لاسيما مع تراكم ديونها المرتبطة بالاستثمارات في البنية التحتية.
تفاصيل أداء الأسواق العربية بالأرقام أولا ثم تحليل سريع
القيمة السوقية
بلغت القيمة السوقية للأسهم العربية 4,387 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2024، بارتفاع 2.9% مقارنة مع نهاية نوفمبر.
وجاء ذلك وسط ارتفاع القيمة السوقية لكل من سوق تداول السعودية وسوق دبي المالي وسوق أبوظبي للأوراق المالية بنحو 63.3 مليار دولار و29.5 مليار دولار و26.1 مليار دولار على التوالي، بمساهمة إجمالية نسبتها 96% من إجمالي الزيادة في القيمة السوقية للمنطقة العربية.
حجم وقيم التداول
واصلت أسواق الأسهم العربية تسجيل نشاط تداول متباين، حيث ارتفعت قيم التداول بنسبة 23.8%، إلى 89.7 مليار دولار في ديسمبر علي أساس شهري.
وبلغ حجم التداول في ديسمبر 120.1 مليار سهم، بانخفاض نسبته 54.6% مقارنة بنوفمبر، وذلك على خلفية التراجع الملموس في أحجام التداول في سوق العراق للأوراق المالية بنسبة 72%.
لماذا سريعا؟
بسبب أحجام تداول أقل في سوق العراق للأوراق المالية في نهاية العام بعد انطلاقة مرتفعة في الأشهر السابقة التي شهدت ارتفاعات كبيرة في الأحجام لاسيما على صعيد الصفقات الخاصة.
في المقابل، بلغ إجمالي عدد الصفقات 13.9 مليون صفقة في ديسمبر، بارتفاع نسبته 6.2% مقارنة بنوفمبر.
الأداء السعري
سجلت أسواق الأسهم العربية أداء قوي على صعيد الأسعار خلال ديسمبر، حيث سجلت 11 سوق من أصل 14 سوق ارتفاع في مؤشرات أسعارها، مقابل 3 أسواق سجلت انخفاضات طفيفة كما هو موضح في الرسم التالي.
وعلى هذا النحو، سجل مؤشر ستاندرد آند بورز المركب للأسهم العربية، والذي صمم لتتبع أداء 11 سوق للأسهم، ارتفاع شهري بنسبة 3.1%، ليصل إلى 992.9 نقطة في نهاية ديسمبر.
تحليل سريع للأرقام
جاء الأداء القوي في ديسمبر مدفوع بنشاط أسواق دول مجلس التعاون الخليجي.
شهد سوق دبي أكبر ارتفاع شهري في منطقة دول مجلس التعاون، بنسبة 6.4% خلال الشهر، تلاه مؤشر سوق تداول السعودية بنسبة 3.4% ومؤشر سوق أبوظبي للأوراق المالية بنسبة 2.2%.
الأسباب
جاءت هذه المكاسب في كل من سوق دبي المالي وسوق أبوظبي للأوراق المالية مدفوعة بشكل أساسي بنمو الاقتصاد الإماراتي بنسبة 4% في 2024، ناهيك عن زيادة الاستثمارات الأجنبية والطروحات العامة الأولية التي أعطت زخم لأسواق الأسهم الإماراتية بشكل عام.
ارتفاع لافت لسوق دبي
واصل سوق دبي المالي التفوق بين أسواق دول مجلس التعاون الخليجي، حيث حقق مكاسب للشهر السابع على التوالي وأكبر مكسب شهري بين أسواق دول مجلس التعاون الخليجي في ديسمبر، بزيادة 6.4% في مؤشره الرئيسي، مما دفع بمكاسب مؤشر سوق دبي المالي خلال 2024 إلى أعلى مستوى في دول مجلس التعاون الخليجي عند 27.1%، ليتفوق بشكل كبير على مكاسب مؤشر MSCI للأسواق الناشئة الذي ارتفع بنسبة 8% خلال 2024.
وتصدر قطاع العقارات الأداء الجيد خلال الشهر، بعد زيادة شركة إعمار العقارية لتوزيعاتها النقدية وإعلان نيتها توزيعات أرباح بنسبة 100% من رأس مالها المساهم لعام 2024 والأعوام القليلة التالية.
وقد شهد الطلب على العقارات في دبي ازدهار بعد جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، بفضل سياسات التأشيرات والضرائب المنخفضة التي اجتذبت الاستثمارات.
تداول
سجلت سوق تداول السعودية، الأكبر عربيا، التي تمثل قيمتها السوقية 62% من إجمالي القيمة السوقية في المنطقة، انتعاش في ديسمبر، مع زيادة بنسبة 3.4% في مؤشرها الرئيسي تاسي.
وجاء هذا الأداء مدفوع بتحسن معنويات المستثمرين بشكل عام بعد أن كشفت أحدث الإحصاءات الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء أن الاقتصاد السعودي قد نما بنسبة 2.8% على أساس سنوي في الربع الثالث من 2024، بدعم من الأنشطة غير النفطية، إلى جانب بعض العوامل الخاصة بالشركات المسجلة.
من ناحية أخرى، تشهد طروحات الشركات السعودية اهتمام كبير من قبل المستثمرين الأفراد تحديدا، حيث شهد آخر طرحين في العام 2024 في سوق تداول طلب إجمالي بلغ 610 ملايين دولار (2.31 مليار ريال سعودي) من جانب المستثمرين الأفراد. وقد جمعت مجموعة الموسى الصحية طلب كافي من المستثمرين الأفراد لتغطية طرحها العام الأولي بالكامل تقريباً.
واجتذب الطرح الذي خصص 20% منه للأفراد حوالي 372.8 مليون دولار (1.4 مليار ريال سعودي) من قبل 395,986 مستثمرين أفراد، أي باكتتاب بنحو 4.1 مرة.
وبالتوازي مع ذلك، تم تغطية شريحة الأفراد البالغة 10% من الطرح العام الأولي لشركة نايس ون بيوتي للتسويق الرقمي في سوق الأسهم السعودية بنحو 7.9 مرة، حيث بلغ دفتر الطلبات 242 مليون دولار (908 ملايين ريال سعودي).
ومن المتوقع أن تشهد سوق تداول نشاط مستمر على صعيد الطروحات في 2025 مع منح موافقات من قبل هيئة السوق المالية لطروحات شركة صناعات الكرتون المتحدة والشركة العربية للاستثمار الزراعي والصناعي ومؤخراً شركة أم القرى للتنمية والبناء.
البحرين، مصر ودمشق
شهدت بورصة البحرين والبورصة المصرية انكماش في الأسعار بنسب 2.3% و1.7% على التوالي، في حين سجل مؤشر سوق دمشق للأوراق المالية تراجع بنسبة 7.6% خلال خمسة أيام عمل فقط في ديسمبر، قبل تعليق نشاط التداول بعد الخامس من ديسمبر.
التفاصيل
صفقة البحرين
سجلت بورصة البحرين تراجع في مؤشر أسعارها بنسبة 2.3% خلال ديسمبر وذلك في ضوء التراجع الشهري الكبير في مؤشر قطاع المواد بما نسبته 6%، والذي استحوذ على 44% من قيمة التداول الإجمالية خلال ديسمبر.
وجاء ذلك بعد الحديث عن صفقة اندماج محتملة لوحدات الألمنيوم بين شركتي "ألمنيوم البحرين" (ألبا) و"التعدين العربية السعودية" (معادن)، قبل الإعلان لاحقاً عن عدم المضي قدماً في الصفقة.
القيمة السوقية في مصر
أما البورصة المصرية، فقد سجلت انخفاضات صافية في الأسعار للشهر الثالث على التوالي، بعد مكاسب قوية متتالية في الفترة بين مايو وسبتمبر، مع انخفاض مؤشر EGX30 بنسبة 1.7% في ديسمبر.
لماذا؟
جاء هذا مع تراجع القيمة السوقية المقومة بالدولار بنسبة 4.2% خلال ديسمبر، وبنسبة 23% خلال العام، وسط تخفيض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار.
وانخفضت قيمة الجنيه بأكثر من 60% خلال العام المنصرم، بعد أن سمح البنك المركزي المصري باعتماد سعر صرف مرن تماشياً مع متطلبات صندوق النقد الدولي التي تعول عليه الدولة للتمويل وتشجيع المستثمرين.
الجدير بالذكر أنه في ديسمبر تجاوز سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي 51 جنيه مصري قبل أن ينخفض قليلاً إلى 50.5 جنيه بعد موافقة مصر على المراجعة الرابعة لاتفاقية صندوق النقد الدولي، والتي ستحصل بموجبها على 1.2 مليار دولار.
كما شهد طرح المصرف المتحد، المملوك للبنك المركزي المصري، أداء جيد في البورصة المصرية بعد تعذر بيعه لمستثمر استراتيجي في السنوات السابقة.
والطرح هو الأول لمصرف في البورصة المصرية منذ أكثر من 25 عام.
وتجاوزت عملية بناء سجل المؤسسات، التي أغلقت في 25 نوفمبر 2024، ستة أضعاف الأسهم المعروضة. ذلك في حين جذبت شريحة الأفراد البالغة 5% من إجمالي الطرح، والتي أغلقت في 3 ديسمبر، اهتمام غير مسبوق، حيث تجاوزت الاكتتابات 59 ضعف الأسهم المعروضة.
وفي المجمل، حظي الطرح العام الأولي بطلب على 2.85 مليار سهم، أي ما يزيد عن الاكتتاب في الطرح بنحو 8.6 مرات.
يناير
في هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى أن الوهن عاد وسيطر على أداء أسواق الأسهم العربية في مطلع 2025.
شهد النصف الأول من يناير مراوحة نسبية في الأداء.
وسجلت مؤشرات الأسعار ارتفاعات وتراجعات طفيفة ضمن تحركات هامشية لا تذكر، ما من شأنه أن يُدخل الأسواق من جديد في دائرة المراوحة والترقب خلال الشهر بأداء واهن نسبياً بعد أداء قوي في ديسمبر.
(إعداد: فادي قانصو، الأمين العام المساعد ومدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية، خبير اقتصادي وأستاذ جامعي، تحرير: ياسمين صالح)
#تحليلسريع
للاشتراك في تقريرنا الأسبوعي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية والسياسية، سجل هنا