مما لا شك فيه أن سوق المال يتأثر بالعديد من العوامل التي تجعل المستثمرين يتخذون قرار بالبيع أو الشراء، كل حسب رؤيته واستراتيجيته الاستثمارية. والسوق المصرية ليست استثناء في ذلك.

لكن من ضمن تلك العوامل المتعددة نجد أهمها والذي أثر ولا يزال يؤثر على قرارات المستثمرين في السوق المصرية هو سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي.

ويرجع السبب الأساسي لذلك هو تذبذب تقييم الأصول المصرية، بشقيها من الأسهم وأدوات الخزانة كالسندات والأذون، حسب سعر الصرف.

فالقاعدة العامة تقول إن انخفاض قيمة الجنيه المصري يساعد على إعادة تقييم الأصول المصرية لترتفع قيمتها بالجنيه المصري نظراً لانخفاض قيمة العملة المحلية. وهو ما رأيناه في أكثر من موجة تعويم للجنيه خلال العشرين عام الماضية.

دعونا نرى كيف تفاعل المستثمرون في السوق المصرية خلال آخر خمس سنوات والتي تضمنت أربع موجات تعويم للجنيه، موجتان في عام 2022 وموجة في عام 2023 وأخرى في عام 2024.

 الأسهم المصرية

قبل استعراض تحركات المستثمرين في الأسهم المصرية خلال آخر خمس سنوات ككل، دعونا في البداية نلقي نظرة فاحصة على ما حدث خلال الفترات السابق ذكرها من جانب المستثمرين حسب النوع  (أفراد أم مؤسسات)، والجنسية (مصريين، عرب، أم أجانب)، حيث لاحظنا التالي:

  • المصريون من الأفراد كانوا في المجمل صافي بائعين باستثناء موجة التعويم الأولى.
  • المصريون من المؤسسات تحولوا من صافي مشترين خلال فترة ارتفاع قيمة الجنيه لصافي بائعين خلال فترات التعويم في المجمل.
  • العرب من الأفراد تحولوا في آخر موجتين من التعويم من صافي مشترين لصافي بائعين.
  • العرب من المؤسسات كانوا صافي مشترين على طول الخط وقت ارتفاع قيمة الجنيه ووقت تعويمه.
  • الأجانب من الأفراد كانوا في المجمل صافي بائعين.
  • الأجانب من المؤسسات كانوا صافي بائعين على طول الخط وقت ارتفاع قيمة الجنيه ووقت تعويمه.

تحليلنا للتدفقات من وإلى الأسهم المصرية

خلال الخمس سنوات الماضية، كان المصريون هم القوة الداعمة لتداولات الأسهم المصرية بحوالي 80% من إجمالي حجم التداولات وتلاهم الأجانب بـ 11% ثم العرب بـ 9%.

إلا أن المصريين وبشكل تراكمي من بداية الربع الأول لعام 2019 تحولوا من صافي مشترين لصافي بائعين في الربع الثاني لعام 2022 بعد تطور الحرب بين روسيا وأوكرانيا ولكن ما زاد من الموجة البيعية من جانب المصريين كانوا الأفراد الذين مثلوا 79% من إجمالي التدفقات الخارجة التراكمية وذلك بنهاية الربع الثالث 2024.

على الجانب الآخر، كان العرب (ومعظمهم مؤسسات أيضاً) هم من تلقوا تلك الموجات البيعية بزيادة استثماراتهم في الأسهم المصرية حيث بلغت التدفقات الداخلة التراكمية أعلى مستوى لها بنهاية الربع الثالث 2024.

أيضاً، الأجانب (ومعظمهم مؤسسات) استمروا في البيع طوال الخمس سنوات، بل تضاعفت التدفقات الخارجة التراكمية خلال آخر ثلاث سنوات.

 

 أدوات الخزانة المصرية

أما بالنسبة لأدوات الخزانة المصرية خلال آخر خمس سنوات ككل، لاحظنا التالي:

  • المصريون من الأفراد كانوا في المجمل صافي مشترين.
  • المصريون من المؤسسات تحولوا من صافي مشترين خلال فترة ارتفاع قيمة الجنيه وموجتي التعويم الأولى والثانية لصافي بائعين خلال موجتي التعويم الأخيرتين.
  • العرب من الأفراد كانوا في المجمل صافي مشترين.
  • العرب من المؤسسات كانوا صافي مشترين على طول الخط وقت ارتفاع قيمة الجنيه ووقت تعويمه.
  • الأجانب من الأفراد كانوا في المجمل صافي بائعين وإن كانوا تحولوا في موجة التعويم الأخيرة لصافي مشترين.
  • الأجانب من المؤسسات كانوا صافي بائعين وقت ارتفاع قيمة الجنيه وموجتي التعويم الأولى والثانية قبل أن يتحولوا لصافي مشترين خلال موجتي التعويم الأخيرتين.

تحليلنا للتدفقات من وإلى أدوات الخزانة المصرية

خلال الخمس سنوات الماضية، كان المصريون هم القوة الداعمة لتداولات أدوات الخزانة المصرية بحوالي 85% من إجمالي حجم التداولات وتلاهم الأجانب بـ 10% ثم العرب بـ 5%.

الجدير بالذكر أن المصريين (ومعظمهم مؤسسات) تحولوا وبشكل تراكمي من صافي مشترين إلى صافي بائعين بداية من الربع الأول لعام 2024 لتبلغ التدفقات الخارجة التراكمية أعلى مستوى لها بنهاية الربع الثالث لعام 2024.

وكان العرب (ومعظمهم مؤسسات) صافي مشترين بشكل تراكمي من بداية الربع الأول لعام 2022 لترتفع وتيرة شرائهم مع بداية عام 2024 لنهاية الربع الثالث لعام 2024.

على الجانب الآخر، تحول الأجانب (ومعظمهم مؤسسات) وبشكل تراكمي من صافي بائعين لصافي مشترين من الربع الأول لعام 2024 حتى بلغت التدفقات الداخلة التراكمية أعلى مستوى لها بنهاية الربع الثالث من 2024.

ملحوظة: بدأت أذون الخزانة التداول في البورصة المصرية بدءا من الربع الرابع لعام 2023.

الخلاصة

وبحسب ما سبق ذكره، يمكن استنتاج الآتي:

  • ارتفاع قيمة الجنيه كان محفز إيجابي للمصريين والعرب من المؤسسات لزيادة استثماراتهم في كل من الأسهم وأدوات الخزانة المصرية.
  • موجات التعويم المختلفة كان لها تأثير متباين حسب نوع الاستثمار.
  •  فضّل المصريون والأجانب من المؤسسات التخارج من استثماراتهم في الأسهم المصرية في حين ارتفعت استثمارات العرب من المؤسسات.
  • فضل العرب من المؤسسات زيادة استثماراتهم في أدوات الخزانة المصرية في حين تبادل الأدوار كل من المصريين من المؤسسات (من صافي مشترين لصافي بائعين) والأجانب من المؤسسات (من صافي بائعين لصافي مشترين) وذلك مع استقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار وارتفاع العائد بشكل استثنائي.

(إعداد: عمرو حسين الألفي، للتواصل zawya.arabic@lseg.com)

للاشتراك في تقريرنا الأسبوعي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية والسياسية، سجل هنا