(لإضافة تعليق محلل ومتعامل وسعر السوق الموازية وخلفية)
من إيهاب فاروق
القاهرة أول أغسطس آب (رويترز) - لمح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم الاثنين بإجراءات "قاسية" من أجل اصلاح الاقتصاد الواهن وذلك بينما تتفاوض الحكومة مع صندوق النقد الدولي لاقتراض 12 مليار دولار.
ووعد السيسي بأن المواطن المصري سيتمكن قريبا جدا من التوجه للبنوك والحصول على الدولار "بسعر موحد" وذلك خلال مشاركته في جلسة برنامج "محاكاة الحكومة المصرية" الذي يعقد في إطار البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة.
واستقبلت مصر يوم السبت وفدا من صندوق النقد الدولي لإجراء مفاوضات على طلب مصر اقتراض 12 مليار دولار ضمن برنامج تمويلي بقيمة 21 مليار دولار على ثلاث سنوات.
وأشار السيسي إلى أنه ستكون هناك "معالجة للدعم دون أن تطال محدودي الدخل. حرصنا خلال هيكلة أسعار الكهرباء أن تبقى الشرائح الثلاثة الأولى بأسعار تناسب معظم المصريين."
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عن السيسي قوله إن التحدي الرئيسى الذى يجابه مصر ليس الإجراءات "ولكن مدى قبول المجتمع والرأى العام له... الإشكالية تكمن في إذا ما كان الرأي العام لديه الاستعداد أو قدر من المعرفة لقبول الإجراءات التي قد تكون صعبة أو قاسية."
ومضى قائلا "المصريون محبون لوطنهم وقادرن على تحدى الصعاب، إلا أنهم مشغولون بحياتهم اليومية، ولذلك يجب أن يتاح لهم قدر من المعرفة بشأن الإجراءات المطلوب اتخاذها لتجاوز الصعاب."
وتوفير الغذاء بأسعار في المتناول قضية سياسية قابلة للانفجار في مصر التي يعيش عشرات الملايين من سكانها على حد الكفاف وحيث ساهم السخط على الأوضاع الاقتصادية في الإطاحة برئيسين خلال خمس سنوات.
وسيحتاج اتفاق مصر المزمع مع صندوق النقد على الأرجح التزامات بإصلاحات قد تجدها الحكومة محفوفة بالمخاطر من الناحية السياسية. ومن المحتمل أن يتم خفض دعم الطاقة كما يجب أن تطبق مصر ضريبة القيمة المضافة.
ومع التلويح بإجراءات صعبة وقاسية، سعى السيسي في الوقت نفسه إلى بث الطمأنينة والتفاؤل بين المواطنين قائلا "الأيام المقبلة ستشهد الكثير من الأخبار الجيدة للشعب المصري." ولم يخض في أي تفاصيل عن تلك الأخبار.
وأكد السيسي في كلمته أن القوات المسلحة تتدخل دائما لكبح جماح ارتفاع الأسعار.
وقال "القوات المسلحة تتدخل عندما ترتفع أسعار سلعة ما، كاللحوم أو الدواجن، لكبح ذلك الارتفاع في الأسعار، وذلك عن طريق طرح كميات من هذه السلعة."
وعلى مدى العام المنصرم بدأت شاحنات الجيش تجوب أنحاء البلاد لبيع السلع الغذائية بأسعار زهيدة بينما انتشرت منافذ البيع التابعة للقوات المسلحة.
وبتوفير سلع مدعمة أسعارها خارج المنافسة يقول الاقتصاديون إن الدولة تقوض القطاع الخاص وتزيد الاعتماد على الدعم الذي لا تستطيع تحمله بل وينبغي تقليصه.
وقال هاني جنينة من بلتون المالية إن تصريحات الرئيس اليوم "تمهيد لما هو قادم. لابد من وجود إصلاح على المدى القصير في ظل وجود بعثة الصندوق في مصر. لابد من حدوث اصلاح في ملفات الدعم في المياه والكهرباء والبنزين بجانب تحرير سعر الصرف."
وقلصت مصر في السنة المالية 2015-2016 دعم الوقود إلى 61 مليار جنيه (حوالي 6.9 مليار دولار) من نحو 100 مليار جنيه في 2014-2015. وفي يوليو تموز 2014 خفضت الحكومة المصرية الدعم ورفعت أسعار البنزين والسولار والغاز الطبيعي بنسب وصلت إلى 78 بالمئة.
وبدأت مصر في 2014-2015 خطة على خمس سنوات لتحرير أسعار الكهرباء تدريجيا.
وتدعم مصر أسعار المياه والكهرباء والوقود بجانب دعم السلع التموينية الأساسية لنحو 90 بالمئة من تعداد الشعب المصري الذي يتجاوز 91 مليون نسمة.
وأضاف جنينة "تحرير سعر الصرف لابد أن يتبعه رفع سعر الفائدة وأيضا سنشهد ارتفاعا في الأسعار وخاصة الأغذية والأدوية لأنهم الأكثر تأثرا بسعر العملة."
وبينما تواجه مصر أزمة شديدة في توفير العملة الصعبة حيث قفز الدولار في السوق السوداء إلى مستوى 13 جنيها خلال الاسبوع الماضي، قال السيسي إن المواطن المصري سيتمكن قريبا جدا من التوجه للبنوك والحصول على الدولار "بسعر موحد." دون أن يكشف عن كيفية حدوث ذلك.
ويبلغ السعر الرسمي للجنيه في البنوك 8.88 جنيه للدولار لتعاملات الأفراد بينما يبلغ أكثر من 12 جنيها في السوق السوداء.
وقال خمسة متعاملين في السوق الموازية للدولار أنهم نفذوا اليوم عمليات بيع للعملة الأمريكية بين 12.40 و12.70 جنيه.
وأضاف الرئيس السيسي أن الدولار "تحول خلال الأعوام الخمسة الماضية إلي سلعة تجارية البعض فضل الاحتفاظ به. الحكومة تحتاج إلى اتخاذ إجراءات لإنهاء قضية أن الدولار سلعة يحتفظ بها ويتم الاتجار بها مع مراعاة عامل الوقت".
ولم ينجح البنك المركزي في القضاء على السوق السوداء أو حتى تخفيف حدة هبوط الجنيه من خلال الإجراءات التي اتخذها خلال الفترة الماضية سواء بخفض سعر العملة في مارس آذار أو العطاءات الاستثنائية أو سحب تراخيص نحو 23 شركة صرافة في الأشهر الستة الأولى من العام.
ولم تنجح أيضا حملات مباحث الأموال العامة على شركات الصرافة في القضاء على السوق الموازية.
وقال متعامل "تأثير تصريحات السيسي في السوق الموازية لن تظهر قبل الليل. قد تستقر الأسعار بعض الشيء."
وقال مستورد "شاهدت الليلة الماضية تنفيذ صفقة على مليون دولار بسعر 12.42 جنيه وصفقة على 500 ألف دولار بسعر 12.45 جنيه."
وتشهد جميع إيرادات مصر من العملة الصعبة هبوط حاد سواء إيرادات قناة السويس التي لم تعلن منذ مارس آذار الماضي أو إيرادات السياحة التي تأثرت منذ سقوط الطائرة الروسية العام الماضي أو تحويلات المصريين في الخارج والتي يذهب أغلبها إلى السوق الموازية.
وقالت مؤسسة فيتش للتصنيفات الإئتمانية اليوم إن التوصل لاتفاق مع صندوق النقد سيكون إيجابيا بالنسبة للتصنيف الائتماني لمصر.
وترى فيتش أن صندوق النقد سيتفهم على الأرجح المخاوف المصرية من تطبيق "إصلاحات مالية أقوى من اللازم" في ضوء المخاطر السياسية والحاجة لنمو اقتصادي.
وقالت إن السلطات المصرية قد تحجم عن الإصلاحات في مرحلة ما خلال برنامج الصندوق إذا واجهت معارضة شعبية لكن "حتى إذا مضى تطبيق الإصلاحات حسب المقرر فستواجه مصر فترة صعبة من الإصلاحات المالية والنقدية والهيكلية."
(الدولار= 8.88 جنيه مصري)
(شارك في التغطية عمر فهمي - تحرير نادية الجويلي - هاتف 0020223948031) ((ehab.farouk@thomsonreuters.com;))