PHOTO
أوراق نقدية من فئة 100 جنيه المصري و100 دولار أمريكي، AFP
من المتوقع أن يخفف تراجع أسعار النفط في ظل التوتر التجاري بعد التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من حدة تأثير ارتفاع الدولار مقابل الجنيه على الاقتصاد المصري المعتمد كثيرا على الاستيراد، حسب محللين تحدثا لزاوية عربي.
ارتفع سعر الدولار في البنوك الرسمية يوم الأحد لمستوى قياسي مسجلا 51.19 جنيه، وفق بيانات البنك المركزي المصري، متخطيا بذلك المستوى الذي سجله في 23 ديسمبر الماضي عندما قفز فوق 51 جنيه لأول مرة وانخفض تحت هذا المستوى في اليوم التالي مباشرة وظل يتداول فوق الـ 50 جنيه حتى الأحد.
وهبطت أسعار النفط بعد أزمة التعريفات الجمركية لأقل مستوى في 4 سنوات. سجل خام برنت أكبر خسارة أسبوعية - في الأسبوع المنتهي في 4 أبريل - في عام ونصف مسجلا تراجع بنسبة 10.9%، فيما سجل خام غرب تكساس الوسيط أكبر انخفاض له في عامين بتراجع 10.6%.
ووصل سعر خام برنت الجمعة الماضي إلى 64.03 دولار للبرميل، وسجل خام غرب تكساس الوسيط 60.45 دولار للبرميل. وخلال تعاملات الاثنين، واصلت أسعار النفط تراجعها، وانخفضت بنحو 4%.
وانتاب المستثمرون القلق بعد أن فرض ترامب رسوم على واردات أمريكا بحد أدنى 10% على جميع الدول، ووصلت إلى 34% على منتجات الصين، وفاقم من القلق من حدوث ركود اقتصادي عالمي رد الصين برسوم مماثلة على المنتجات الأمريكية.
وكانت مصر بين الدول المطبق عليها رسوم جمركية لكنها جاءت عند الحد الأدنى البالغ 10%.
ليس مفاجئ
"تراجع الجنيه ما كانش مفاجأة في ظل الظروف الاقتصادية المضطربة محليا وعالميا،" وفق آية زهير رئيسة قسم البحوث في شركة زيلا كابيتال للاستثمار بمصر لزاوية عربي.
واتفق محلل آخر من مصر فضل عدم ذكر اسمه، على أن ارتفاع الدولار فوق 51 جنيه "طبيعي" مفسرا ذلك بتأثر سعر الصرف بخروج رؤوس الأموال من ميزان الحساب الرأسمالي.
"ما فيش حاجة تؤثر بسرعة في سعر الصرف إلا الأموال الساخنة،" حسب المحلل.
وعادة ما تتسبب التقلبات العالمية في قلق المستثمرين خاصة تجاه الأسواق الناشئة، وهو ما يدفعهم لسحب جزء من استثماراتهم فيها، فيما يعرف في مصر بهروب الأموال الساخنة، أحد مصادر النقد الأجنبي الفاعلة في سعر الصرف.
وأضافت زهير أن "قرارات الرئيس الأمريكي الأخيرة بفرض رسوم جمركية زادت حالة القلق في الأسواق، وخلّت المستثمرين الأجانب يعيدوا حساباتهم، فبدأوا يسحبوا جزء من استثماراتهم من الأسواق الناشئة – ومنها مصر – كخطوة احتياطية لتأمين سيولتهم ولحد ما تتضح الصورة".
وواصل الدولار ارتفاعه يوم الاثنين، ووصل سعر بيع الدولار في البنوك إلى 51.7 جنيه.
ولم يتمكن أي من المحللين من توقع المدى الزمني الذي يمكن للجنيه عنده التماسك مقابل الدولار، لكن المحلل، الذي فضل عدم ذكر اسمه، قال "معتقدش (الدولار) يكسر الـ 52 (جنيه) دلوقتي".
الوجه الآخر
ووفق المحلل الذي فضل عدم ذكر اسمه، يمكن لمصر أن تستفيد من تقلب أسعار النفط والغاز باعتبارها مستورد للمنتجات النفطية، والغاز الطبيعي الذي تعتمد عليه لإنتاج الكهرباء خاصة في الصيف، متوقعا أن يظهر أثر هذا التراجع على فاتورة الاستيراد وميزان المعاملات الجارية على المدى المتوسط خلال العام الجاري.
"يمكن على آخر السنة نبتدي نشوف أثر نزول الغاز ونزول البترول. فاتورة اللي احنا بندفعه ده كله هتنزل ده اللي يهمنا أكتر وده اللي هيأدي لاستقرار الجنيه على المدى المتوسط،" حسب المحلل.
لكن زهير، ترى أن تراجع أسعار النفط والغاز من الممكن أن يساعد مصر جزئيا، لكنه غير كافي لتخفيف كل الضغوط.
وقالت إن انخفاض أسعار النفط يدعم انخفاض تكلفة الاستيراد وتخفيف الضغط على الميزان التجاري لمصر واحتياجها للعملة الصعبة، وكذلك خفض تكلفة الإنتاج المحلي وتخفيف الضغط على الدعم، لكنه قد يحمل في طياته تأثير سلبي إذا ما ارتبط بتوقعات تباطؤ عالمي ما يقلل الطلب على الصادرات ويُحجّم الاستثمارات.
"لكن في نفس الوقت: لو تراجع أسعار النفط مرتبط بتباطؤ اقتصادي عالمي، فده ممكن يقلل الطلب على الصادرات المصرية، سواء من السياحة أو المنتجات الصناعية. كمان، الدول الخليجية اللي بتعتمد على عائدات النفط ممكن تقلل استثماراتها الخارجية أو تحويلاتها لمصر، وده بيأثر بالسلب،" حسب المحللة.
كانت الاستثمارات الخليجية داعم أساسي للاقتصاد المصري الذي عانى من نقص في العملة الأجنبية خلال السنوات الأخيرة. كان أبرزها تنفيذ صفقات تخارج من شركات حكومية كبرى لصالح صناديق سيادية خليجية.
ووقعت القابضة ADQ - وهي شركة استثمارية بمثابة صندوق سيادي في أبوظبي - العام الماضي اتفاق مع الحكومة لتطوير مشروع رأس الحكمة في الساحل الشمالي بمصر في صفقة قيمتها 35 مليار دولار.
أما فيما يتعلق بالتضخم، فمن المحتمل أن تواجه أسعار المستهلكين في مصر ضغوط تبطئ من وتيرة الاتجاه الهبوطي وتدفع معدل التضخم للارتفاع بشكل طفيف خلال الشهور المقبلة وذلك بالنظر لتكلفة الاستيراد. ووفق زهير، فهذه احتمالية قائمة.
كان معدل التضخم السنوي في المدن المصرية تباطأ للشهر الرابع على التوالي خلال فبراير الماضي، مسجلا 12.8% من 24% في يناير.
"يعني باختصار: تراجع أسعار النفط والغاز له تأثير مزدوج؛ ممكن يساعد من ناحية تقليل التكاليف، لكنه ما يلغيش تأثيرات تانية زي خروج الاستثمارات الأجنبية أو التوترات في الأسواق العالمية،" حسب زهير.
(إعداد: شيماء حفظي، تحرير: ياسمين صالح، للتواصل: zawya.arabic@lseg.com)
#تحليلسريع
للاشتراك في تقريرنا الأسبوعي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية والسياسية، سجل هنا