لماذا تقترض الدول؟
وما هي أفضل طريقة للاقتراض؟ ومتى يكون الوقت المناسب لذلك؟
أسئلة أصبحت الإجابة عليها أكثر إلحاحاً من جانب بعض الدول العربية وخصوصاً دول الخليج التي تعتمد في ميزانياتها على الإيرادات النفطية والتي تأثرت بتداعيات فيروس كورونا.
فانخفاض الطلب على النفط نتيجة التباطؤ الاقتصادي العالمي يعني انخفاض معدلات النمو الاقتصادي للدول المُصَدِّرة للنفط بصفة عامة مثل السعودية وإيران والإمارات والكويت.
فانخفاض الإيرادات السيادية للدولة يعني تحقيق عجز في الميزانيات مما يدفع هذه الدول إلى البحث عن بدائل أخرى لسد هذا العجز.
للإجابة على السؤال الأول "لماذا تقترض الدول؟"، دعونا نأخذ دولة الكويت، نظراً لوضعها حالياً، كمثال.
فالكويت، التي تعاني من عجز كبير في الميزانية لم تصدر سندات منذ 2017، لكنها قد تعود إلى السوق هذا العام إذا استطاعت الحكومة تمرير قانون في البرلمان يسمح لها بذلك.
من المتوقع أن يبلغ العجز للسنة المالية 2021 - 2022، والتي تبدأ في 1 أبريل القادم، نحو 12.1 مليار دينار (40 مليار دولار).
ما القصة؟
بحسب آخر تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" الصادر عن صندوق النقد الدولي في أكتوبر 2020 والذي يتم تحديثه كل 6 أشهر، من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد الكويتي بمعدل 8.1% خلال عام 2020 مقارنة بمعدل نمو بلغ فقط 0.4% عام 2019.
أيضاً، توقعات صندوق النقد الدولي تشير إلى تحقيق الكويت لمعدل نمو يكاد لا يذكر في عام 2021 (فقط 0.6%). أي أن التعافي لن يكون قبل عام من الآن لو استقرت الأوضاع العالمية صحياً وبالتالي اقتصادياً.
وضع الميزانية
تحقيق معدل نمو في عام 2021 لن يكون كافٍ لتعادل ميزانية الكويت (أي تساوي الإيرادات والمصروفات). وتأتي الكويت في المركز الثاني بين دول الخليج من حيث أقل سعر تعادل للميزانية، متساويةً مع الإمارات، في حين تتصدر قطر القائمة بأدنى سعر تعادل متوقع لميزانيتها في 2021 عند فقط 38 دولار للبرميل.
فبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي لعام 2021، إن سعر التعادل المتوقع لميزانية الكويت خلال 2021 يبلغ نحو 66 دولار للبرميل بمعنى أن استمرار السعر السوقي للنفط تحت 66 دولار سيؤدي إلى تحقيق الكويت لعجز في الميزانية.
الحلول
هناك عدة حلول يمكن لحكومة الكويت أن تتبناها. فمثلاً، يمكن أن تقوم الحكومة باستخدام صندوق الاحتياطي العام، الذي تديره الهيئة العامة للاستثمار، في سد عجز الميزانية. ولكنه قد لا يكون الحل الأمثل خصوصاً إذا استمر عجز الميزانية لعدة سنوات في ظل حالة عدم اليقين العالمية وعدم وضوح حالة الاقتصاد العالمي إذا استمر تأثير تداعيات كورونا لما بعد عام 2021. وهو ما دفع وكالة فيتش للتصنيف الائتماني مؤخراً إلى تخفيض رؤيتها للكويت من "مستقرة" إلى "سلبية" مع الاحتفاظ بالتصنيف الائتماني عند AA.
ويعني ذلك احتمال تخفيض التصنيف الائتماني للكويت في المستقبل إذا استمر الوضع كما هو عليه. فبحسب فيتش، إن استنفاد سيولة صندوق الاحتياطي العام سيقلل بشكل حاد من قدرة الحكومة على الوفاء بنفقاتها وهو ما قد يؤدي إلى اضطراب اقتصادي كبير.
ولكن هناك حل آخر قد يكون الأفضل حالياً للكويت لتتجنب المساس بصندوق الاحتياطي العام ويكمن هذا الحل في الاقتراض. ولكن هناك طرق مختلفة للاقتراض نستعرضها في المرة القادمة إن شاء الله.
(إعداد: عمرو حسين الألفي، المحلل المالي بزاوية عربي ورئيس قسم البحوث في شركة برايم لتداول الأوراق المالية في مصر وحاصل على شهادة المحلل المالي المعتمد "CFA")
(للتواصل: yasmine.saleh@refinitiv.com)
© ZAWYA 2021
بيان إخلاء مسؤولية منصة زاوية
يتم توفير مقالات منصة زاوية لأغراض إعلاميةٍ حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي نصائح قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي آراء تتعلق بملاءمة أو قيمة ربحية أو استراتيجية سواء كانت استثمارية أو متعلقة بمحفظة الأعمال . للشروط والأحكام